بقلم : أنطوني ولسن / أستراليا
دعوني أولا أتقدم بالعزاء لأسر شهداء المسيحيين المصريين على أيدى الجماعات الإرهابية في ليبيا . هذا الفعل لا يدل على أن الفعلة يتمتعون ولو بقدر قليل من الحب . بل هم وحوش آدمية تنكرت لآدمية الأنسان وارتدت ثوب الغدر الجبان . لأن من يقتل دون إعطاء فرصة الدفاع عن النفس لا يمكن أن يكون إنسان . هكذا يجب أن نصنف هذه الجماعات الإرهابية أينما كانوا وتواجدوا هم ومن يشجعونهم على فعل الشر والقتل لأبرياء كل جريمتهم أنهم مسيحييون .
كما نتمنى على الخارجية المصرية أن تكون أكثر فاعلية مع المصريين في الخارج ولا يتنصلوا من مسؤلياتهم بحجة أن الدولة " ليبيا " هي السئولة عن حمايتهم ، خاصة وأنتم تعرفون جيدا أن من فعل فعلتهم من فصيل مصاصي الدماء وقتلة وسفاحين . وأكبر دليل على ذلك خبر إستشهاد 3 مسيحيين أخرين في ليبيا على أيدي نفس الجماعات .
لم نقرأ أو نسمع عن مصري واحد مسلم كتب سطرا مطالبا الحكومة المصرية بضرورة محاكمة الجناة ن كما فعلوا وفعلنا نحن المسيحيين في مصر والخارج عن مقتل السيدة مروة الشربيني في ألمانيا وطالبنا بضرورة القصاص ودفع تعويضا لأسرة المغدورة .
نتشدق بالإخوة والترابط . لكن الحقيقة مجرد كلام " طق حنك " وهذا يؤلمنا فقد ظننا أن الأمور قد تغيرت ، أو على الأقل في طريقنا إلى الأعتراف بحق المواطن المصري أينما تواجد في الدفاع عنه ومساندته في الحصول على حقه بالقانون ، وألا يهمل حقه ويترك المسيحي لذئاب الغدر يغدرون بهم .
الصحفي الأسترالي الذي تم القبض عليه في القاهرة والذي كان يعمل مع قناة الجزيرة . هل تعرف الخارجية المصرية من كتب مدافعا عنه ؟ بالطبع لا .. إنهم مصرييون أسترال ذاقوا طعم الدفاع عن الحق ومحاربة الظلم .
متى يارب يتعلم العرب معنى الوطنية والمواطنة والوطن ؟ متى يارب !.
تعالو نتكلم عن الحب والحرية .
الحب والحرية كلمتان تحملان أسمى المعاني التي يمكن لمفردات الكلمات ان تحمل . الحب هو السماح والعطاء والتضحية . والحرية هي الإدراك والإختيار والمسؤولية .
إذا كنت تحب ، فعليك أن تسامح حبيبك الى ما لا نهاية . والحبيب هنا يُقصد به الوالدين والعائلة والزوج والزوجة والأصدقاء ، وحب الإنسان لأخيه الإنسان دون النظر إلى لونه أو جنسه أو دينه .
إذن إذا سامحت من أحب و أساء اليّ ، أو لم يستمع إلى نصحي ، يكون الحب هنا قد عبر عن أسمى ما تحملها الكلمة من معاني.
الحب عطاء .. لا شك أبدا في حب الوالدين لأبنائهم . لذا يعطونهم دون معايرة ، دون ما إنتظار لرد العطاء . والحب المعطي ، ليس فقط من الوالدين الى الأبناء . بل يكون أيضا من الأبناء الى الوالدين . كذلك عطاء الصداقة بين الإنسان وأخيه الإنسان .
نأتي الى الثالث المقدس لكلمة حب ، وهو التضحية . التضحية هي قمة التعبير عن الحب المطلق المسامح والمعطي . فإذا أحب انسان انسانا آخر ، يسامحه ويعطيه من قلبه وراحته، ويضحي من اجله بكل غال وثمين حتى لو كانت النفس ذاتها .
الحرية هي الأدراك أولا .. أي لا أستطيع أن أقول انني حُر وأفعل ما يضر بالآخرين . أنا حر إذا أدركت أن حريتي تنتهي عند حرية الآخرين . أي أنني أدرك تماما أن حريتي لا يجب ابدا ان تتعدى على حقوق وحريات الآخرين حتى لو تعارضت مع رغباتي . والإختيار في الحرية هو الحجر الثاني في دعائم معنى الحرية . لا تظن أن العبد الخاضع لسيده له حق الإختيار وبهذا لا نستطيع أن نقول عنه أنه حر .
قياسا كل من لا يستطيع الأختيار فهو غير حر . لذا حرية الأختيار هي أساس لدعائم البنية الأنسانية السوية .
ومع الحرية المدركة والمختارة نأتي إلى الحرية المسؤولة . أنا حر لأنني مدرك لما أقول وأفعل ولي حق الأختيار بين ما قلت أو فعلت أو عكسه ، وعلي تباعا أن أتحمل المسؤولية كاملة فيما أقول أو افعل ، فإذا تهربت من المسؤولية بعد قيامي بعمل ما لا أكون حرا .
لا أكون مغاليا لو قلت لكم أن إيماني المسيحي قائم على هاتين الكلمتين . حقيقة أن هناك الكثير والعديد جدا من الأعمال والأقوال والأحداث التي وردت في الكتاب المقدس حول الرب يسوع المسيح من حيث مولده وقيامته وإقامته للأموات . لكن الحب والحرية هما محور إيماني المسيحي الذي لا يدع مجالا للشك .
الحب نراه في قوله في إنجيل يوحنا 16:3 – بأنه هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية . الإبن هنا هو كناية عن الذات . لأنه في موضع آخر أيضا في إنجيل يوحنا 1:1 و1و14 ، " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله .. 14 والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الأب مملوء نعمة وحقا ."
حب الله للأنسان جعله يسامح هذا الأنسان ويعطيه الفرصة مرة أخرى ويضحي بذاته فوق الصليب . والحرية أن الله القادر عز وجل صار جسدا وحل بيننا كما قرأنا سالفا .
إذ ن محبة الله التي تفوق كل محبة جعلته يتواضع ولا يتعالى ويبذل ذاته لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية .
كل ما يؤمن به الأنسان من ديانات وعقائد وعبادات مبني على الحب والحرية . لأن حب الأنسان لخالقه جعله يختار بملء حريته الديانة والعقيدة والعبادة التي اختارها عن ادراك وفهم . تجعله يتحمل مسؤولية الولاء والأخلاص لأيمانه .
لذا لا أحاول أو أفكر في الإقلال من شأن دين أو عقيدة أو إيمان إنسان ما مهما اختلف عني . والسبب في ذلك هو ايماني القوي بالحرية المدركة المختارة والمسؤولة ، والحب المتسامح المعطي والمضحي .
أختم بأمنية أتمناها من كل قلبي أن يعم الأمن والأمان لمصر والشعب المصري الذي عانى ومازال يعاني على مدى عقود من ظلم الحاكم وجبروته وعدم رعايته لأبناء وطن عظيم إسمه مصر .
مصر على مشارف الإنهيار إقتصاديا وإجتماعيا وأخلاقيا . وهذا لا يرضيك يارب . لأن مصر كنانتك على الأرض . نرجوك يارب ونتضرع إليك أن تحمي مصر من شر أعداءها ومن شر أبنائها غير الأبرار .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com