لطيف شاكر
كثيرا ما نسمع كلمة النصاري علي السنة الشيوخ خاصة والمسلمين عامة كما وردت الكلمة في القران, وكأنها سبة علي هامة الاقباط في حين انها معتقد من المعتقدات التي كانت موجودة حتي القرون الثمانية الاولي واختفت ولا يظهر لها اثرا الان ,الا في بعض البلاد العربية باعداد قليلة جدا علي سبيل المثال في العراق, وبالرغم ان هذه العقيدة لاتمت بصلة من قريب او بعيد للديانة المسيحية, بل ابغضتها وحاربتها بشدة حتي قضت عليها, الا ان المسلمين يصرون علي اطلاق كلمة النصرانية علي الديانة المسيحية .
ومن خلال بحثنا سنوضح ما هي النصرانية وماالفرق بين النصرانية والمسيحية, بل وسنذهب من واقع المعتقدات النصرانية والدلائل التاريخية والاثباتات العقائدية..... التأكيد علي انها اقرب للدين الاسلامي منه الي الدين المسيحي , وان النصرانية علي قدر اختلافها الكثيرمع الديانة المسيحية نجدها متماثلة في اغلب معتقداتها مع عقيدة الدين الاسلامي .
وعادة ما يحدث اختلاف في لفظ الكلمتين الناصري والنصراني او الناصرة والنصرانية او بين المسيحية والنصرانية ووجه الخلاف بينهما عميق ولايمت بصلة بينهما سوي في حروف الكلمات العربية فقط دون اللغات الاخري, وشتان الخلاف بينهما فهو بمثابة الفرق بين الايمان والالحاد. وتبعد عن بعضهما كبعد السماء عن الارض .وسنوضح فيما يلي هذه الخلافات التي لايفهمها اغلب المسلمين الذين يدعون العلم والحاصلين علي الشهادات العليا التي كان المفترض ان يكونوا علي بينة منه , الاانهم يحفظون ولا يفهمون فهم كالببغاء يرددون ماسمعوه دون فحص او فهم, والعجيب ان يستخدم هذه الكلمة كثير من ائمة الاسلام والشيوخ السلفيين وكثير من الكتاب خاصة محمد عمارة في كتاباته التي تبث سموم التفرقة والكراهية بطريقة استفزاية يريد ان يسبنا بالنصرانية ,مما يبعث علي الضحك والسخرية .
كلمة ناصرى او ناصريين أطلقت على السيد المسيح لأنه ينتمى إلى بلدة الناصرة (تعني الزهرة او البرعم المتفتح) و تعبر عن المكان او البلد, او الجنس وكلمة ناصرى كلمة تطلق على البشر الذين ولدوا أو عاشوا فى بلدة الناصرة الجليل ويمكن هنا تسميتهم ناصريين او جليلين أى أن الناصرين ينتمون إلى مكان أو منطقة أو بلدة, وكانوا يطلقون عمن يتبع المسيح " شيعة الناصريين " ( أع 24: 5) وقد اختفت هذه الشيعة أو أنقرضت بعد ان تم تدمير الهيكل اليهودي فى العام السبعين للميلاد حسب نبؤة السيد المسيح واختفى تماما لقب ناصريين الذى أطلق على المسيحيين نسبة الى بلدة الناصرة اليهودية ...
فأتباع السيد المسيح دعاهم اليهود في الكتاب المقدس ناصريين نسبة إلي مدينة الناصرة في أرض فلسطين التي تربي فيها يسوع المسيح عقب عودة العائلة المقدسة من مصر إلي الأراضي الفلسطينية ...و قد دُعي شاول الطرسوسي - بعد أن غيّره الله إلي بولس الرسول - دٌعي شاول هذا "مقدام شيعة الناصريين" و ليس مقدام شيعة النصاري – كما يدعي بعض المسلمين - أما الأمم غير اليهود فهم الذين دعوا أتباع يسوع مسيحيين...
أما أتباع السيد المسيح ( عيسي إبن مريم كما يقولون)فقد دعاهم القرآن نصاري نسبة إلي نصرتهم لهذا الشخص عيسي عندما رفضه الناس فصاح في أتباعه من أنصاري إلي الله فأجابه حوارييه نحن أنصار الله ... فسُمّوا نصاري نسبة إلي نصرتهم لعيسي إبن مريم... فالإسم الأول ناصريون مشتق من بلدة الناصرة و الإسم الآخر نصاري مشتق من نُصرة أتباع عيسي إبن مريم له...و إسم الناصرة في اللغة الأصلية تعني حماية... فحين قال الكتاب المقدس عن يسوع المسيح أنه يدعي ناصريا اي أن المسيح يسوع يبسط حمايته علي أتباعه ...و ذلك تحقيقا لقول الكتاب أيضا "إسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق و يتمنع"امثال 10:18...هذا بينما النصاري إسم يوحي بدعوة الناس لنصرة عيسي إبن مريم بمعني إن عيسي هذا لا حول له و لا قوة بل هو محتاج للناس أن يناصروه أو ينصروه لأنه مجرد عبد من عباد الله الضعفاء لا يستطيع شيئا لمن يتبعه.
وكلمة نصارى : أطلقت على طائفة من الناس ابتدعوا فكراً ومعتقدها مختلفاً عن العقيدة المسيحية أيضاً ... , والعقيدة النصرانية هم ألأبيونيين وهم اليهود الذين آمنوا بالمسيح إيماناً مختلفاً عن المسيحيين وتنصروا Judea-Christianالا انهم تمسكوا بالشريعة والتقاليد والعادات اليهودية وهم طائفة قليلة العدد بالمقارنة بالمسيحيين الذين تبعوا تلاميذ ورسل المسيح, وقد كانت لهم تجمعات فى بعض البلدان العربية فكان يطلق عليهم مثلاً نصارى مكة , نصارى الشام , نصارى نجران وهكذا ...
وبمضى الزمن أطلق أسم النصارى على الأبيونيين فقط دون الطوائف المهرطقة الاخري, وكان هؤلاء النصارى ( الأبيونيين ) لهم فكر خارج عن الإيمان المسيحى فى العالم كله أى أنهم بدعة خارجه عن المسيحية وكان منهم القس ورقة ابن نوفل أسقف مكة وخديجة أبناء عم محمد من قرابه بعيده وتزوج محمد من خديجة طبقاً للعقيدة الأبيونية النصرانية وعقد العقد الكاهن النصرانى ورقة ابن نوفل أسقف مكة ,وظل أمينا فى زواجه النصرانى بشريعة الزوجة الواحدة حتى ماتت خديجة (كتاب المفصل د.جواد علي ), ولعل القارئ يلاحظ عند الإطلاع على القرآن يجد أنه يتكلم عن النصارى (الأبيونيين) وعقيدتهم ( عقيدة ورقة بن نوفل )وعقائد مختلفة أخرى من البدع الخارجة عن العقيدة المسيحية التى أنتشرت فى العربية .. ولكنه لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى العقيدة المسيحية المستقيمة المكروهة من ورقة بن نوفل و التى كانت منتشرة فى أغلب أنحاء العالم القديم في ذلك الحين , ورغم ان الطائفة النصرانية انتهت وتلاشت , اٍلا أن أسمهم مازال فى القرآن حتى اليوم ويعتقد المسلمون أن أى مسيحى هو نصرانى مهما كانت جنسيته وطائفته ( الكل عند العرب صابون).
وقد ذكر القرآن فئة النصارى واليهود والصابئة وأهمل أسم المسيحيين , في حين ان المسيحيين كانوا ملة أكثر عدداً ومنهم الروم( البيزنطيين) والرومان والأقباط وغيرهم وهناك دليل على معرفة نبى الإسلام بالطوائف الأخرى أن الرسالة التى ارسلها الي هرقل يدعوه فيها إلى الإسلام ,
ولم يطلق نبي الاسلام اسم النصاري علي الاقباط بل دعاهم القبط (أخرج ابن عبد الحكم، عن مسلم بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالقبط خيراً، فإنكم ستجدونهم نعم الأعوان على قتال عدوكم)., فلماذا لم يسمهم نصاري مصر او نصاري القبط , في حين اطلق كلمة نصاري علي نصاري نجران ونصاري العراق ونصاري اهل الشام حيث كان المذهب النصراني موجودا في هذه البقاع قبل انتهائه) .. وهل يمكن اطلاق كلمة نصاري علي مسيحيين امريكاواوربا وجميع الدول الغربية !!!!!
وعلى هذا يمكن القول فى ثقة أن كل ما جاء ( أنزل) فى القرآن هو أمر خاص بالنصارى وعقيدتهم النصرانية ولا دخل للمسيحيين به
أما "الأبيونيون" Ebionites، ( الأبيونيون – الاسم مشتق من كلمة أبيونيم العبرية ومعناها الفقير او النذير Nazarite- ومأخوذة من قول المسيح طوبى لكم أيها المساكين قإن لكم ملكوت الله ) لوقا 6 :20، متى 5 ، وهم جماعة من قدماء اليهود المتنصرين و لا يعرف عن كيفية ظهورهم ونشوء عقيدتهم على وجه صحيح أكيد، وكل ما يمكن أن يقال عن معتقداتها إنها مزيج من اليهودية والنصرانية، وإنها نصرانية بنيت على أسس ودعائم يهودية، فهي نصرانية يهودية في وقت واحد.
ولما كان بولس يقول بأنه ليس من الضرورى أن يحفظ الأممين ناموس موسى وشرائعة فقد كرهه الأبيونين كرهاً شديداً وكان بولس يقاومهم فى رسائله فقال يوسابيوس : " أنهم ظنوا من الضرورى رفض كل رسائل بولس الرسول الذى قالوا عنه بأنه مرتد عن الناموس( يوسابيوس القيصرى – تاريخ الكنيسة – ك3 ف 27 فقرة 4 ص 156 ترجمة القمص مرقس داود )
ويصف الأنبا غريغوريوس مدى كره الأبيونيين لبولس فيقول : " وأنهم إتهموه بإتهامات مرة وقاسية , ووصفوه بأنه متمرد ومارق عن الناموس , وأنكروا سلطانه ورفضوا رسائله , وإكتفوا بإستعمال النص العبرانى إنجيل متى ولا يعيروا الأناجيل الأخرى أهمية تذكر " وأقدم مرجع على الإطلاق عن الشيعة الأبيونية والتعريف بمعتقداتها هو كتابات القديس يوستينوس الشهيد 110م – 165م الذى ذكرهم وتكلم عن مبادئهم وفروضهم وقال : أنهم مدارس فكرية ظهرت فى الكنيسة , وانهم جماعات مختلفة , منهم من كان أكثر تشدداً من غيره !
والمتزمتون منهم .. يحفظون السبت اليهودى والناموس الموسوى حفظاً حرفياً , وينادون بأن الختان ضرورى للخلاص , وأن الناموس القديم فرض على جميع المسيحيين ويجب عليهم أن يتبعونه إتباعاً تاماً .. لذلك نظروا إلى المؤمنين من الأمم الذين رفضوا الخضوع للناموس القديم على أنهم نجسون ويذكر يوسابيوس معتقدات هذه الشيعة فقال أنهم :" إعتبروا السيد المسيح إنساناً عاديا قد تبرر وكان ثمرة لإجتماع رجل معين مع مريم وأن الإحتفاظ بالناموس الموسوى ضرورى جداً , على أساس أنهم لا يستطيعون أن يخلصوا بالإيمان بالمسيح فقط وبحياة مماثلة إلا إذا حافظوا على السبت وسائر نظم اليهود يوسابيوس القيصرى – تاريخ الكنيسة – ك3 ف 27 فقرة 2, 5 ص 156 ترجمة القمص مرقس داود
يتحدث العلامة "أوريجانوس " عن طائفتين من الأبيونيين ويوضح أن إحدى الطائفتين تنكر الحمل العذراوي بالمسيح , بينما تؤيد ذلك الطائفة الأخرى … واتخذوا لهم لقب الناصريين … وهم يتحدثون الآرامية , وكان لهم إنجيلهم الخاص و… استخدموا إنجيل متى … " موسوعة آباء الكنيسة- المجلد الأول – الهرطقات النابعة من اليهودية أولا الأبيونيون والناصريون ).
ويعدد موسى الحريرى فروضهم فيقول : " تتركز على الإغتسال الدائم بالماء للوضوء والتطهير , وعلى تحريم الذبائح ويشددون على أعمال البر والإهتمام باليتامى والعناية بالفقراء والمساكين وأبناء السبيل ويوصون بإعالة المحتاجين وإطعام الجياع وإضافة الغرباء .. وإسمهم يدل على ذلك فهو يشتق من قول المسيح " طوبى للفقراء" وبلغتهم الأبيونية "طوبى للأبيونيين" كتاب قس ونبى للمؤلف موسي الحريري
وبينما اتجهت المسيحية بعد إنطاكية نحو سوريا ولبنان ومصر واليونان وروما وبلاد الغرب عامة .فوصف لهذا السبب كنيسة إنطاكية ، بأنها كنيسة يونانية اللغة والطقوس والقوانين والثقافة قبل أن تكون سيرانية أو عربية.
فإن النصرانية اتجهت نحو الجزيرة العربية ومنها نحو إفريقيا ، وأقامت دولاً في الحبشة واليمن, وما لبثت القبائل اليمنية بعد انهيار سد مأرب أن اتجه قسم منها ( الغساسنة) نحو جنوب سوريا – حوران ، وقسم آخر ( المنادرة) نحو العراق ، وكانت مجموعات من النصارى واليهود قد شدت رحالها نحو الجزيرة العربية بعد أن قضى (تيطس 70 للميلاد) على ثورة اليهود في أورشليم القدس ودمر المدينة، ودمر الهيكل وأقام على أنقاضه معبد ( رفس)، لكن النصرانية لم تعمر طويلاً في جزيرة العرب ، لم تر القـرن الثامن الميلادي هناك ، إذ قضى عليها ، ودفنت منبوذة في رمال الصحراء العربيــة.
كانت العلاقات بين المسيحية والنصرانية خلافات حادة وعميقة وكثيرة ، لدرجة أنهم كانوا يلاحقون بعضهم بعضاً في بلدان آسيا الصغرى واليونان ليبين كل فريق خطأ الفريق الآخر.
وتحت عنوان ( النصارى المتهودون) كتب المؤرخ الرسمي للكرسي الإنطاكي ، الدكتور أسد رستم في كتابه ( كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى ) الذي دون به تاريخ المسيحية ، وتاريخ كنيسة إنطاكية منذ نشأتها حتى تاريخ (13/11/1958) كتب يقول : (وهكذا فإن الرسل والتلاميذ عانوا مشقة شديدة في مكافحة هذه البدع. ولكن المشقة الكبرى جاءت من بعض فرق النصارى المتهودين ثم دخل في النصرانية المتهودة يهود آخرون فأدخلوا آراء عربية تمت بصلة قوية إلى المذاهب اليهودية الرائجة .
عقيدة الأبيونيين فى المسيح
التزمت النصي والحفظ الحرفي بأكثر من الفهم لروح النص (عبادة النصوص) والتمسك بالشريعة القديمة والعودة للجذور والتاريخ الذي مضي (الاصولية )
والنظر لمن لايقيم الشريعة علي انهم نجسون( التكفير الديني للاخر)
ويرفضون لاهوت المسيح فالمسيح عندهم رجل صالح ذو مبادئ وتعاليم اي( نبي ورسول)
ويؤمنون بالمعجزات التي تمت علي يديه (باذن من الله فهو بشر لايملك من نفسه شيئا الا باذن الله )
ويرفضون تعرض المسيح للموت والالم يرفضون الصلب ويعتقدون بأنه رفع بل ويرفضون قضية الفداء بمجملها
كما انهم يؤمنون ان المسيح سيعود اخر الايام ليحكم لمدة الف سنة
ويعتقدون بانجيل واحد مختلف عن اناجيل المسيحية المرفوضة لديهم (لاريب انهم يرون الاناجيل المسيحية محرفة إذن )
وطقوسهم بها التطهير بالماء ( الوضوء )ويشددون علي اعمال البر والصدقات واطعام الجياع والفقراء وابناء السبيل واضافة الغرباء ويجمعهم عداء شديد مع بولس الرسول وينظرون له علي انه مرتد
ومع هذا حتي اليوم وبالرغم من تلاشي الطائفة النصرانية التي لايوجد اسمها الا في القرآن نجد ان المسلمين شيوخا وعامة واعلاما وحكومة ودولة يتمسكون بها ويطلقونها علي المسيحيين مع انها طائفة خارجة عن الديانة المسيحية دينا وعقيدة وفكرا وممارسة .
فهل يمكن ان نطلق علي العلويين سنة او اليزيدين او القرامطة سنة فكل طائفة لها معتقداتها سواء اقتربت او ابتعدت عن الخط الرئيس لطائفة الاغلبية ولم يحدث في اي عهد من العهود ان اطلق علي المسيحيين انهم نصاري منذ نشأة المسيحية يقول اغريباس الملك لبولس الرسول "بقليل تقنعني ان اصير مسيحيا" اع28:26 وانظر رسالة بطرس الاولي "ولكن ان كان كمسيحي فلانخجل....1بط16:4 فمن اين جاء في القران كلمة نصاري الا من الابيونين النصاري الموجودين بالجزيرة العربية..... الا يدفعنا هذا ياسادة الي اعادة البحث والتنقيب حتي نخرج من ظلمة الجهل الي نور الحقيقة, بدلا من ترديد الكلام كالبغبغاءات دون فهم او دراية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com