هذا هو العرض الحقيقى دون مواربة..
قُم بثورتين، وانتخب رئيساً (مهزأً) و(مهاناً) لحكم مصر.
لن يحكم هذا البلد أبداً رئيس غير ملطوط. الكل تم شتيمته وسبه بأقذر الألفاظ، لا لشىء إلا لهدم صنم محتمل، أو تصفية حسابات قديمة ثقيلة الوطأة، أو الإيحاء بأنه أضعف دائماً -مهما أحاط به جيش أو شرطة أو جماعة- من فأس يمسكها الكثيرون لتحطيمه.
سقط «مبارك» و«مرسى» بالسخرية والاستهانة، وسيسقط الرئيس القادم بالإهانة، فها هو مهان من الآن على حوائط الحياة، أو حوائط العالم الافتراضى، وها هو متهم إما بأنه خائن وقاتل، وإما بأنه مجرد وردة فى عروة جاكتة مهترئة يصر الناس على تسميتها بالديمقراطية.
■ «يسقط يسقط حسنى مبارك» كانت البداية.. 2004 وما تلاها فى مظاهرات «كفاية»، ومن بعدها «6 أبريل».. كسر صغير فى صنم كبير، وكلما ظن البعض مع الاعتقالات والتعذيب أن يدهم شُلت، جاء من يؤكد: «إنها سليمة».
يسقط تمثال «مبارك» فى المحلة ويُضرب بالأحذية فى المشهد الأشهر.. ويتواصل التحطيم لصنم عمره ثلاثون عاماً: «ارحل بقى يا عم... خلّى عندك دم» و«يا جمال قول لأبوك.. شعب مصر بيكرهوك». يتفتت الصنم، ويهترئ، وتسقط سطوته، وصرامته، والخوف من رد فعله هو وأجهزته الأمنية، بمجرد أن يكتشف الجميع أنه بشر، وأن شعارات وهتافات قادرة على جعله (أضحوكة) للجميع.
■ «يسقط يسقط حكم العسكر» و«جوّا كنيسة وجوّا الأزهر.. يسقط يسقط حكم العسكر»، تتحول المعركة من أشخاص إلى مؤسسات. هذه المرة الهدف هو المؤسسة العسكرية، والهتاف ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، فهدفه المعلن هو عودة العسكر إلى ثكناتهم وابتعادهم عن السياسة، لكن شهوة الانتصار قد تمتد لفكرة اختيار وزير دفاع مدنى والتلويح بتجارب بعض الدول الغربية، ثم التشكيك فى قيادات القوات المسلحة واعتبارهم مجرد تجار سلاح، ويمتد الأمر إلى الميزانية واعتبار اقتصاد الجيش اقتصاداً موازياً يسيطر على الاقتصاد المصرى. تكبر كرة الثلج مع سحل ست البنات وفحوص العذرية، يصل الأمر لـ«الشعب يريد إعدام المشير». تقول جلسات النميمة إن «طنطاوى» كان حزيناً لأن حفيده قال له مازحاً: «هيعدموك يا جدو!!»، يتهاوى «طنطاوى» و«عنان»، ويتطور الأمر ويتم استغلاله فى فكرة عدم انتخاب رئيس ذى خلفية عسكرية، لأن ذلك «خيانة» للثورة.
■ «c c قاتل / c c خائن».. تحطيم أسطورة «السيسى» البطل الذى أنقذ مصر يأتى من جماعة أغرقت مصر.. يالسخرية القدر، وياللتركيز على الاستمالات العاطفية التى «تأكل» مع الشعب المصرى. يتحول الصراع من صراع دينى فشلوا فى تسويقه إلى صراع دم.. تحويل ذكى لدفة الأمور، وواقعى. الموضوع أصبح ثأراً شخصياً بين هؤلاء الذين فقدوا أهاليهم وأحبابهم، وبين «السيسى» الذى يعتبرونه قاتلاً حصل على تفويض، والمتصدرين للدفاع عن «السيسى» فى الإعلام وجوه معروفة بنفاقها أو مسحها لأحذية الأنظمة أو كونها «أمنجية» على سبيل الهواية، وربما الاحتراف. هناك فئة ناجية من المحترمين المخلصين فعلاً للرجل ولفكرة اختياره، لكن شهوة الميكروفون والكيبورد أذلت كتاباً كباراً، ولم يبقَ للرجل سوى رجل الشارع العادى البسيط البعيد عن تعقيدات السياسة، فهو سنده الأول، حيث يعتبر السيسى (دكر) و(جدع)، ولأنه يطلب من «السيسى» أن يعيد (الفئران) إلى جحورها ويقارنه بـ«عبدالناصر»، ويحدثه بنبرة مدربى الأهلى مع الفرق المغمورة التى تهدده: الرد فى الملعب، وبالتالى: الرد فى الصندوق.
■ #انتخبوا - العرض!! والعرض مستمر، وكذلك الاحتفاء الشديد بهاشتاج يسب «السيسى». تقرير على قناة لبنانية عن الهاشتاج، هتافات بذيئة فى مسيرات تحمل أعلاماً كتب على بعضها: «لا إله إلا الله محمد رسول الله». هل هى رمية بغير رامٍ؟؟.. أشك. وفكرة إهانة «السيسى» منذ اللحظة التى يقرر فيها الترشح بهاشتاج يصبح الأول فى مصر والثالث عالمياً، ويحشد له الإخوان الذين يتحدون الآن فى لحظة سحرية عبثية جديدة مع أصحاب مبادئ «الثورة مستمرة» و«مكملين» لتحطيم «السيسى» مبكراً.
الهاشتاج بذىء، ويستخدم مفردة شعبية تعنى أن صاحبها قواداً، لكن الاحتفاء به من الإخوان وحرائرهم يثبت أن المعيار الأخلاقى والدينى المزعوم سقط تماماً، وأننا فى مرحلة سقوط الجميع، ولربما كما قال صديقى محمد الدسوقى رشدى بالأمس: جاء اليوم الذى يتحدث فيه الإخوانى مستقبلاً عن الأخلاق فيرد عليه أحدهم (بس يا عرض).. ستضحك طبعاً حين ستسمع النكتة التى انتشرت حول حمدين صباحى الذى ما إن علم بالنتيجة وأنه الهاشتاج الأول حتى اعتبره موجهاً إليه، لكن ختام هذا المقال يجب أن يكون بحكمة صديقى أحمد الدرينى: «إذا دعتك قدرتك على شتم المشير، فتذكر قدرة المشير على اعتقالك».
الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com