فجأة هدأ الحديث عن القانون الجديد للتحرش، وربما يتوه فى زحام الأيام الصعبة التى نعيشها، فما أهمية ما تتعرض له النساء من اعتداء وانتهاك إنسانى فى شوارع مصر، وما معنى أن ٩٥٪ من سيدات مصر تعرضن للتحرش؟!
ما أهمية هذه القضية وهذا القانون، أمام قانون الإرهاب، وانشغال الأمن بمطاردة مظاهرات وتفجيرات الإخوان، أو محاولة إطفاء الحرب العائلية التى أدت لمقتل ٢٥ إنساناً فى أسوان.. يعنى نركز أفضل فى الانتخابات الرئاسية، ربما يتعهد الرئيس القادم ويضع فى برنامجه ما يقضى على هذه الجريمة المخجلة التى تتعرض لها زوجة وابنة وأخت وأم سيادتك -أيها الرجل المحترم الملتزم المتدين- كل يوم، صباحاً ومساء، فيما لا ترى أنها قضية تستحق التأجيل، فهى واقع نعيشه منذ عشرات السنين!
أعرف أن القانون ليس هو كل الحل، بل جزء يسير منه، وإلا كان قانون المخدرات منع بيعها وتعاطيها، أو قانون التظاهر منع المظاهرات، أو، أو.. فالقوانين تحد من الجرائم ولا تمنعها، والدول الجادة فى مواجهة مثل هذه الجرائم المخجلة تحتاج لأكثر من القوانين، هذا إذا كانت فعلاً جادة!
لا بد أن أعترف لكم أن النظرة الدونية للمرأة من الرجل ليست مقصورة على المصريين، بل إن دراسة برازيلية صدمتنى، على ما هو متواتر عن كرنفالات البرازيل وحرية التعرى هناك، تقول الدراسة إن برازيلياً من كل اثنين يرى أن المرأة التى ترتدى ملابس مثيرة تستحق الاغتصاب، وأن التنقل بملابس قصيرة وملابس شفافة، فى مراكز التسوق، لا بد أن يحرض الرجل ويستفز ذكورته، ويعرض الأنثى لكافة أنواع التحرشات والاعتداءات الجنسية.. وفى استطلاع للرأى -فى البرازيل أيضاً- أكد ٦٥/ من كلا الجنسين أن السيدات اللاتى يرتدين ملابس عارية يستحققن أن تُنتهك أعراضهن!
طبعاً لا أقارن بين سلوك وزى المرأة المصرية وبين المرأة البرازيلية، ولكنى أتوقف أمام النظرة والنتيجة، فالمرأة فى بلادنا تتعرض للتحرش حتى لو كانت منتقبة، مع أن ديننا الحنيف وكل الأديان السماوية، كما تأمر المرأة بالتحشم فى زيها، أمرت الرجل بغض البصر، لا بانتهاك المرأة التى سيعاقبها الله على معصيتها، ولم يبح أى شرع للرجل أن يرتكب جريمة بالاعتداء على امرأة لأنها تستحق العقاب.. وإلا أصبح من حق شخص دخول بيت تركه صاحبه مفتوحاً، ومن حق من يرى مالاً لا يعرف صاحبه أن يستولى عليه، فالأخلاق تظهر وتختبر مع مواجهة الضعف الإنسانى والرغبات الشهوانية!!
النساء فى البرازيل أعلن التحدى، لنظرة المجتمع وإقراره بالعنف تجاه المرأة برفع شعار «لا أستحق الاغتصاب» رفعنه وهن عاريات!!
أما المرأة المصرية، المحتشمة، المحترمة، التى تعرف دينها وعادات وتقاليد مجتمعها، لم تفقد صوابها بعد، وكل ما ترجوه، قانون قد يحد من تلك الجريمة، وخطة كاملة فى مناهج التعليم، ورؤية فى الإعلام، فالتحرش لا يقل أهمية عن الإرهاب ولا العنف السائد فى المجتمع!
مشاكلنا يا سادة، مرتبطة ارتباطاً يصعب تفكيكه، فعندما غابت الأخلاق، غاب معنى الرجولة فى كل شىء حولنا، وأرجو ألا يغضب الرجال، فأنا أتحدث عن زوجتك وأمك وأختك وبنتك، فهل ترى أنها تستحق التحرش بها؟!.. أشك!
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com