لكي لا تنجر الدولة المصرية إلى الانشغال فقط بقضية الإرهاب الذي تواجهه الآن؛ علينا أن نذكر دائما بأن معضلة سد النهضة الإثيوبي يجب أن توضع في مقدمة أولويات الحكومة المصرية بقيادة المهندس إبراهيم محلب؛ والتي يجب أن توسع إجراءاتها في مواجهة الخطر القادم، فتدويل القضية بات أمرا محسوما ولا مناص منه، وكذلك تدخل الكنيسة المصرية في القضية بما لها من نفوذ على الكنيسة في إثيوبيا أصبح أمرا ضروريا، أناشد البابا تواضروس بسرعة فتح ملف السد مع إخواننا في إثيوبيا. هذا بالإضافة إلى المباحثات المباشرة وغير المباشرة مع إثيوبيا وكل دول منابع نهر النيل.
أليس من الغريب؛ بل من العجيب أن مصر تظهر بمفردها أمام العالم كمتضرر وحيد من السد؛ وذلك على الرغم من الحقائق العلمية الدامغة التي تشير إلى أن أول المتضررين من انهيار السد - لا قدر الله - هو دولة السودان الشقيق، والتي ستواجه كارثة إنسانية مع انجراف أراضيه.
والغريب أيضا أن ملف سد النهضة ومنذ ما يقرب من 15 عاما كان ملفا قانونيا خاصا بوزارة الخارجية المصرية يتم تناوله من الناحية القانونية؛ ولكن للأسف نقل الملف من وزارة الخارجية إلى وزارة الري المصرية في ظروف غير مفهومة لكي يتم تناوله من الناحية الفنية على حساب حقوق مصر القانونية.. وتبلغ حصة مصر من مياه النيل نحو 55 مليار متر مكعب؛ ولم تتحرك هذه النسبة منذ اتفاقيات المياه الأولى منذ ما يقرب من 100 عام على الرغم من تضاعف أعداد المصريين! ولن تتحمل مصر أي نقصان في مواردها المائية المحدودة.
وتشير الدراسات أيضا إلى أن سد النهضة سيؤدى إلى خلق كتلة ضخمة الثقل تتمثل بحيرة السد المزمع إنشاؤه مما سيؤدى إلى سلسلة من الزلازل والتي هي وسيلة الأرض لإعادة توزيع الثقل وحفظ توازنها مرة أخرى. هذا ولم تحصل إثيوبيا على موافقة مصر على إنشاء سد على النهر ولم تقدم المعلومات الكافية عنه لدول حوض النيل والدراسات المنشورة عن السد بها كثير من مواطن النقص مثل عدم وجود دراسات وافية للتربة ومكوناتها، ولذلك فهناك سوء نية واضح في قضية سد النهضة الإثيوبي.
وقد قابلت الوزير محمد عبد المطلب وزير الري وتناقشنا في موضوع السد الذي كان واضحا أنه يأخذ منه كثيرا من الوقت؛ وأبلغني أن هناك خطة لعمل فيلم قصير عن نهر النيل يوضح ويشرح المشكلة على الطبيعة وبالصورة الموثقة والأدلة العلمية؛ ويظهر مخاطر السدود في دول المنبع على أن يعرض في العالم كله لتوضيح القضية للرأي العام العالمي. أتفق أيضا مع الكاتب الكبير صلاح منتصر الذي كتب في عموده اليومي بجريدة الأهرام المصرية أن هناك طرفا خبيثا يدفع إثيوبيا إلى بناء السد ويصور لها أنه سيكون بمثابة انطلاقة كبرى لها، مثلما كان الحال عندما أتم جمال عبد الناصر بناء السد العالي في مصر.
الأمر بالطبع مختلف، فعندما تبني مصر سدا فهي تحمي المياه من أن تذهب إلى البحر المتوسط؛ فهي دولة المصب التي تأتيها المياه بعد أن تكون كل دول النيل قد شربت وارتوت.. أما أن يبني سدا ليحرم الآخرين من المياه فمجنون من يتصور أن مصر ستعصر الليمون وتسكت.
نقلا عن الشرق الاوسط
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com