محمود خليل
قرارات متتالية اتخذتها حكومة «محلب» برفع أسعار الغاز الطبيعى والكهرباء والمياه.. حتى الآن لم يشعر الكثيرون بتأثيرها لأن الفواتير لم «تلسعهم» بعد، وربما رأت الحكومة -وقد يكون لديها حق فى ذلك- أن «لسعة» هذه القرارات لن تتعدى لسعة «عود كبريت».
فى تقديرى أن الأمر قد يختلف كثيراً عندما ننتقل إلى دائرة البنزين والسولار، فيتم رفع سعر «البنزين 95» جنيهاً ليصبح (285 قرشاً)، ويتم رفع سعر السولار 90 قرشاً ليبلغ سعر اللتر جنيهين. المسألة هنا يمكن أن تتجاوز «لسعة الكبريت» إلى «النار الموقدة»!
فتأثير ارتفاع أسعار البنزين والسولار -كما يعلم الجميع- سوف يكون موجعاً وبصورة فورية. تخيل مثلاً أنك ركبت «ميكروباص» وأثناء سيره بك استمع سائقه إلى خبر فى الراديو يتحدث عن رفع أسعار البنزين والسولار، قد تفاجأ بأنه اتخذ قراراً فورياً برفع الأجرة، وإن لم تمتثل فعليك النزول وامتطاء قدميك دون مناقشة. لا أريد أن أكرر لك ما تعرفه عن تأثير مثل هذا القرار على ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات. أعلم أن الحكومة معذورة فهى تعانى من عجز متزايد فى الموازنة العامة للبلاد، لكننى لا أجد لها عذراً فى الأسلوب الذى تسلكه فى حل المشكلة، وقد ذكرت مراراً وتكراراً أن هناك طرقاً أخرى لتعويض هذا العجز من خلال إلغاء الدعم أو بالمصطلح الحكومى «إعادة هيكلة الدعم»، مثل الصناديق الخاصة، والمكافآت التى تدفع لعشرات الآلاف من المستشارين الذين يعملون فى دولاب الدولة، واسترداد الأموال والأراضى المنهوبة. الحكومة حتى الآن تكتفى بطرق باب المواطن!
وكل من عاصر أحداث 18 و19 يناير 1977 يعرف رد الفعل العارم على قرار شبيه اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات بإلغاء الدعم، حين خرج المصريون فى انتفاضة عارمة أطلق عليها «انتفاضة الخبز»، وسماها السادات «انتفاضة الحرامية».. وقد تداولت الصحف مؤخراً تقارير صادرة عن جهات سيادية تحذر من الاندفاع إلى إلغاء الدعم على مشتقات الطاقة، وخصوصاً البنزين والسولار، وأشارت إلى أن ردود الفعل الشعبية على قرار كهذا قد تكون غير مأمونة العواقب. ومؤكد أن حكومة «محلب» وسلطة ما بعد «30 يونيو» تستوعب ما أقول جيداً ولديها معلومات كاملة حول ردود الفعل المتوقعة.. والسؤال كيف أعدت العدة لمواجهة أى غضبة أو غضبات جماهيرية إذا اتخذت هذا القرار؟
هناك إجابتان يمكن تقديمهما على هذا السؤال.
الإجابة الأولى: أن يكون لدى الحكومة خطط إعلامية وخطاب سياسى قادر على إقناع الرأى العام المصرى بتحمل الارتفاعات السماوية فى أسعار السلع نتيجة إلغاء الدعم، وأن التعويض الذى سوف تدفعه للمواطن مقابل ذلك سيؤدى إلى الوصول بالدعم إلى مستحقيه بالصورة التى تخفف من وطأة ارتفاع الأسعار على فقراء هذا الوطن.
الإجابة الثانية: أن الحكومة مطمئنة إلى أن هذا الشعب يحبها «أكتر من روحه» وأنه على استعداد أن يجوع عشان خاطر «حكومته» و«حاكمه»، ولو كان ذلك كذلك فحلال على الحكومة والشعب.. الحلال يكسب!
نقلآعن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com