بقلم: ليديا يؤانس
كابوس مرعب!!
لا .. لا حلم مزعج!!
لا .. لا واقع مرير مأساوي!!
الضحك والفرح والسلام إنقلب إلي صراخ ورعب وفزع، الكُل يتخبط ويصطدم ببعض، الكل يريد الفرار والنجاة!
إعتقدت أن صُرصاراً مشي علي قدم فتاة فصرخت خائفة والبقية يُشاركُونها الخوف، ولكن يبدو أنه حيوان بري ظهر فجأه يخترق طريقه بين الفتيات فأرتعبن وصرخن خوفاً مِنْ الفتك بهن، وأخيراً تيقنت أنني مع باقي الفتيات مُحاصرات بمجموعة من الشياطين المُتسترين وراء الأقنعة، الذين رموا شِباكهُم علينا ليصطادونا كما يصطاد القناصة والصيادين الحيوانات في الغابات!
صرخوا في آذاننا بأصوات الحمير مُهددين وهم يُصوبون آلياتاهم علي فتيات صغيرات لسن مُسلحات في المرحله الثانوية بأن ننساق حيثُما يُريدون، وركبنا السيارات تحت تهديد هؤلاء الوحوش لا حول لنا ولا قوة.
السيارات أخذت طريقها ونحن بداخلها لا نعرف إلي أين نحن ذاهبون، لا نعرف ماذا يُريدون، لا نعرف ماذا سيكون مصيرنا، لا نعرف من الذي سيُخطر أهالينا بعدم عودتنا لمنازلنا، لا نعرف من سيقوم بإنقاذنا وإطلاق سراحنا!
بالتأكيد نحن ذاهبات إلي الهلاك .. ولكن أي نوع من الهلاك؟
في الطريق تأكدت أنه ليس كابوس، ولا حلم، ولكنه واقع مرير مأساوي، تحطمت عليه آمالي وأحلامي ومستقبل حياتي. لست أنا وحدي بل أيضاً ما يقرب من 300 فتاة مثلي كُن يذهبن إلي المدرسة ليتأهلن لمستقبل وردي!!!
إرتميت علي كرسي السيارة، لا أشعر بقدماي، جسدي مُفكك من هَول الصدمه، لا توجد نقطة دم بجسدي توحي بالحياة، فمي كالعلقم ولساني مثل الخشبه، أريد شربة ماء لأسترد أنفاسي اللآهثة ولكنهُم رفضوا بجبروت!
مِنْ شِدة الإعياء رفعت عينيّ إلي السماء أستودع روحي في يد خالقي وأغمضت عيوني، وإذ بي أشعر بنسمة هدوء وسلام جعلتني إستسلم للواقع، وبدأت أسترجع شريط حياتي، وكأنني أشاهد فيلماً سينمائياً.
أنا في السابعة عشر من عُمري، وحيدة أمي الأرملة منذ عشر سنوات، أنا كل شئ بالنسبة لها وأكيد ستُجنْ الآن بسبب عدم عودتي إلي المنزل، دائماً مُجتهدة ومُتفوقةً ومحبوبة، كما أنني أخدم في مدارس الأحد بالكنيسة.
أحلامي ليس لها حدود! سوف لا أكتفي بمؤهلي الجامعي بل لابُد من الحصول علي شهادة الدكتوراه في القانون. بحلم أن أكون قاضية لأقضي للمظلومين والمقهورين والذين سُلبت حُقوقهم والذين لا تنصفهم القوانين والأعراف والمعتقدات تحت أي إنتهاكات، وخاصة المرأة التي تُعامل في مُعظم الأوقات ومُعظم البُلدان علي أنها مخلوق دون المستوي، مخلوق من الدرجة الثانية في الكون ليس لها نفس حقوق الرجل.
أنا هيفاء سوداء ولكني جميلة، جسدي ناعم ذو بريق، لونه مثل الشيكولاته الغامقة، رشيقة جداُ فلقبوني بالغزال بالرغم من تضاريس جسدي التي تعلن عن أنوثة صارخة.
داعب الهوي قلبي، فأحببت روبرت، لم أقابله وجهاً لوجه ولم أتحدث معه، ولكنني سعيدة بنظراته التي تُلاحقني في ذهابي وإيابي من المدرسة.
لن يكون في حياتي سوي روبرت، قلبي يُحدثني بأنني سأكون سعيدة معه، بحلم بيوم الأكليل في الكنيسة، روبرت سيكون حبيبي وزوجي وأبي الذي خطفه الموت مني!
وصلنا إلي مكان لا نعلمه، وقالوا أنهم يُحاربون تعليم المرأة! ويحتقرون المرأة وأنها في نظرهم ومعتقداتهم بلا ثمن!
بدأوا يُعاملوننا بدونية وأحياناً بتحرش، إرتعبت من داخلي خوفاً من أن يتحرش بي أحدهم، لا لن أسمح ولو علي جُثتي أنا بحب روبرت!
بدأوا يُخطرونا بما يريدون، ويجب علينا التنفيذ وإلا القتل!
أمرونا بالنطق بالشهادتين وحفظ بعض آيات القرآن لكي نصير مُسلمات وأعطونا أغطية للرأس لكي نتحجب ولكنهم لم يُفكروا بأننا في إحتياج إلي ملابس غير التي علي أجسادنا وخصوصاً بعد طول مدة الحبس التي قاربت علي الشهرين.
أغبياء وكثيرين مثلهم في دول كثيرة بإسم الإسلام يُرهبون ويقتلون من لا يُؤمن بما هُم يؤمنون! وهل الدين الذي يُجبر الآخرين علي الإيمان به بالتهديد وبقوه السلاح يُعتبر دين مِنْ عند الله؟
نحن فتيات صغيرات رضخنا لأوامرهم ونطقنا بما قالوا ولكن من داخلنا نحتقر ونلعن ما أجبرونا عليه، وخصوصاً أنهم بدأوا يُحقرون من عقيدتنا ويلعنوننا ويلقبوننا بالكافرات! هل في تفكيرهم نحن أصبحنا مُسلمات بالتحجب وقول ما يقولون؟ أغبياء!
وكانت الكارثة، سمعناهم يُخططون لبيعنا كسبايا!
ولكن أين صوت العالم؟ لم نسمع أو نشعر أن هُناك أي تحركات لإنقاذنا، لو كان أبي علي قيد الحياة ربما صنع شيئاً، ولكن أكيد روبرت سيُحاول، وربما أمي لا تستطيع سوي النواح والصراخ والتظاهر!
يا حكومة نيجيريا وحياة أبوكو حرام .. نحن مواطنات نيجيريات مفروض عليكم حمايتنا ولكن أكيد أنتُم تُدينون بما يُدين هؤلاء الشياطين وتوافقونهُم علي ما يفعلون!
يا كُل الدول الأجنبية المُتحضرة وحياة أبوكو حرام .. هل تقبلون ما يحدث علي قارعة القرن ال 21 وتعتبرون أنفُسكم رُعاة الحرية والسلام في العالم!
يا كُل المُنظمات الدولية الحقوقية وحياة أبوكو حرام .. أن تقفوا عاجزين عن إنقاذنا من أيدي هؤلاء الوحوش الشيطانية ونحن نموت كل لحظة من الرعب والمصير المجهول.
يا كُل مُسلمي العالم المُعتدلين والمُتحضرين وحياة أبوكو حرام .. أن تصموتوا ولا ترفعوا أصواتكم علي الأقل للدفاع عن دينكم! يجب عليكم توضيح، ما إذا كان ما يحدث بإسم الإسلام مِنْ هذه المُمارسات الغبية اللاآدمية موجود بالقرآن أم لا؟ لأن ما يحدث صورة سيئة تُسئ لدينكم! هل عندكم ما تقولونه لتبرئة دينكُم أمام العالم أم هذه هي الحقيقة المُره لدينكُم؟
يا كل المؤسسات الإسلامية علي مستوي العالم وحياة أبوكو حرام .. لم نسمع رأيكُم وتفسيركُم لما حدث ولم تشجُبوا ما حدث!
هل السكوت علامة الرضا .. ولا من الآخر هذه هي حقيقة الإسلام؟
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com