استيقظت منطقة حلوان، فى الساعات الأولى من صباح أمس، على أصوات رصاص وصرخات سجناء داخل قسم شرطة حلوان ودخان ونيران متصاعدة من داخله، فيما كان أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين يتجمعون استعداداً للانقضاض على القسم لمساعدة العشرات من زملائهم المقبوض عليهم الذين دبروا محاولة للهرب.
وقال مصدر أمنى بمديرية أمن القاهرة لـ«المصرى اليوم» إنه فى تمام الساعة ١٢.٣٠ صباح أمس حدثت مشادة كلامية بين ضابط بديوان عام قسم حلوان وسجناء جنائيين بالحجز الإدارى وانتهى الأمر، وبعد ثوان قليلة تعالت هتافات السجناء ضد وزارة الداخلية، وتبين أن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحبوسين حرضوهم على إثارة الشغب.
وأضاف أنه تم إجراء مصالحة بين السجناء الغاضبين والضابط طرف المشادة، وعاد الهدوء إلا أنه فى تمام الساعة الواحدة صباحاً هدد السجناء لأسباب غامضة الضابط بأنهم سيشعلون النيران فى البطاطين الموجودة فى الحجز، ثم أشعلوها فعلاً عن طريق عناصر الجماعة الذين تم ضبطهم على ذمة قضية عنف وتعدٍّ على قوات الشرطة، وسيتم عرضهم على النيابة العامة فى الصباح الباكر. وغطت الأدخنة المتصاعدة ديوان القسم، ما اضطر الضابط والأمناء إلى سرعة إخراج السجناء من الحجز ومحاولة إطفاء الحرائق التى اشتعلت فى وقت واحد بـ٣ حجرات، وخلال ذلك هرول السجناء إلى ساحة القسم واعتدوا على الضابط طرف الواقعة واستولوا على سلاحه الميرى وأطلقوا منه طلقات عشوائية صوب قوات الشرطة التى بادلتهم إطلاق طلقات تحذيرية، وتمكنت من السيطرة على الموقف بمعاونة رجال التأمين من القوات المسلحة الذين كانوا يقفون أمام ديوان القسم، وأطلقت مدرعتان طلقات تحذيرية فى الهواء حين حاول بعضهم التسلل فوق أسوار القسم والفرار.
ووصلت ٣ سيارات تابعة للحماية المدنية بالقاهرة وأخمدت الحريق، وحضر رجال المعمل الجنائى الذين انتدبتهم النيابة العامة لمعرفة أسباب الحريق والأدوات المستخدمة فى إحداثه، حيث تبين من الفحص المبدئى أن مواد سريعة الاشتعال كالبنزين وراء الحريق.
واستعانت قوات الأمن بديوان عام قسم حلوان بتعزيزات أمنية من منطقة الخليفة ومصر القديمة، وانتشر رجال الأمن بزى مدنى بكثافة فى محيطه حيث تم وضع المتاريس الحديدية وسدت مدرعات شرطية وأخرى تابعة للقوات المسلحة بالشوارع الجانبية، وحضرت سيارات الإسعاف، وتبين وجود حالات اختناق تلقت العلاج وتماثلت للشفاء فور خروجها إلى الهواء الطلق.
ووصل اللواء على الدمرداش، مساعد وزير الداخلية مدير أمن القاهرة، إلى القسم وسط حراسة أمنية مشددة، واجتمع مع القيادات الأمنية ساعة كاملة للوقوف على ملابسات الحادث، قرر بعدها ترحيل السجناء وإخلاء ديوان القسم بالكامل منهم، وحضرت سيارات الترحيلات والأمن المركزى وتم ترحيل ما يقرب من ٢٠٠ سجين إلى سجن طرة وسط تأمين مكثف من المدرعات ورجال القوات الخاصة.
وسادت حالة من الذعر بين الأهالى فى تمام الساعة الثانية والنصف صباحاً، حيث ترددت شائعات بأن أعضاء الجماعة فى طريقهم لمهاجمة القسم، وانتشرت اللجان الشعبية فى الشوارع المحيطة بالقسم حتى الثامنة صباحاً، وانسحبت التعزيزات الأمنية من أمام ديوان القسم، واكتفت بتواجد مدرعتين تابعتين للقوات المسلحة للتأمين.
وقال عدد من الأهالى إنهم سمعوا أصوات صراخ وسبّ بألفاظ نابية بديوان القسم، ثم شاهدوا الدخان المتصاعد ونزلوا للوقوف أمام القسم لحمايته، وهو ما سبق أن فعلوه عقب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، منتصف أغسطس الماضى، ولكن الشرطة طلبت منهم التزام منازلهم وغلق أبوابها وتفقدت القوات أسطح العمارات خاصة الملاصقة لديوان القسم، وجرى إغلاق المقاهى والمحال التجارية والشوارع المحيطة لتأمين حركة خروج السجناء إلى سجن طرة.
وفى ذلك الوقت كانت عناصر الجماعة تتمركز فى شوارع قريبة من القسم استجابة لنداء أطلقه ما يسمى «تحالف دعم الشرعية» بالتوجه فى مسيرة إلى القسم لإنقاذ أعضاء الجماعة المحبوسين، ولكنهم اختفوا بعد وصول قوات الجيش والعمليات الخاصة وفض الشغب وإحكام سيطرتها على المنطقة بالتزامن مع فض القوات أعمال شغب الجماعة فى شارع قريب.
وفى تمام الساعة ٤ فجراً حاول بعض الأشخاص استفزاز قوات الأمن، حيث وصلت ٣ سيارات بها أشخاص ادعوا أنهم أقرباء السجناء، ويريدون زيارتهم وسبوا القوات بألفاظ نابية ورفضوا الإفصاح عن هوياتهم قبل نشوب مشادات بينهم وبين الشرطة وتم احتواء الموقف وانصرفوا.
فى تمام الخامسة صباحاً سادت حالة من الهدوء الحذر محيط القسم، وخرجت القيادات الأمنية للجلوس أمامه، وأمرت قوات الانتشار السريع بتمشيط المناطق المحيطة تحسباً لأى مخطط.
ودخلت «المصرى اليوم» مقر الحجز الإدارى الخاص بالمتهمين، وتبين وجود ٣ أماكن للحجز خاصة بالرجال، جميعها محترق تماماً.
وتناثرت فى ساحة القسم أجزاء من البطاطين المحترقة والمتفحمة تماماً، فضلاً عن ملابس وأشياء خاصة بالسجناء، تم التحفظ عليها من قبل رجال المباحث العامة لإجراء معاينة تصويرية دقيقة عليها من قبل رجال المعمل الجنائى الذين حضروا لرفع آثار الحريق وبيان محتوياته وتصوير آثاره.
اللواء أحمد عبدالوهاب، مساعد مدير أمن القاهرة لمنطقة الجنوب، قائد فرقة حلوان، والمقدم وائل غانم، رئيس مباحث قسم حلوان، صرَّحا لـ«المصرى اليوم» بأن عناصر «الإخوان» استغلوا «سذاجة» المسجلين خطراً لتدبير محاولة للهروب، حيث أشعلوا النيران فى البطاطين بهدف دفع القوات إلى فتح أبواب الحجز واستغلال ذلك للهروب، خاصة أن عددهم يصل لـ١٥٠ فرد وجميعهم اشتركوا فى المحاولة ويجرى التحقيق معهم بتهمة مقاومة السلطات وإشعال النيران عمداً فى منشأة شرطية، كما يجرى البحث والتحرى عن محرضيهم على تلك الأحداث.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com