بقلم: نانا جاورجيوس
قبطي كافر على ما تُفرج ! حزب الدعوة السلفية يريدون شراء عدد 3 أقباط كفرة لقوائمهم الحزبية ليغزون بهم الصناديق البرلمانية! المشكلة ليست في الثلاثة أقباط الذين سيعملون كمحلل شرعي برواتب مجزية لإعادة تزويج السياسة بالدين! فاليهوذات كثيرين والإنتهازيين أكثر، وأي مسيحي سيضع يده في أيديهم لأجل أطماع مادية فهو بالتأكيد ليس مسيحياً ولا قبطياً ولن يضر بالمسيحين بل سيكون خائناً لوطنٍ بأكمله وعميل ضد مصلحة المصريين جميعاً. السؤال المحير هو لماذا تركت الدولة الأحزاب دينية قائمة حتى الآن وتمارس نشاطها بهذه التصريحات المستفزة والفتاوي الطائفية ؟! فالشيخ برهامي في تصريحه هذه المرة أسماهم بأقباطٍ لا بنصارى مثل كل تصريح له!
فهل خجل أن يخاطبهم كمسيحيين ونصارى كفرة ودعاهم بأقباطٍ لأن المسيحي في نظره نصراني كافر أم كان يجهل أن مسمى قبطي تعني مصري وهويته الوطنية و لا تعني فقط المسيحيين؟! أم تنازل ككل الإسلاميين عن تسميتهم ضمن الأقباط لأنهم يخجلون أن يطلق عليهم أقباط مسلمين لأنها تسمية تُذكِّرهم بتاريخ هذا الوطن و يريدون مسح الحقيقة من الذاكرة العامة للمصريين؟!
وأن مُسمى الأقباط لم يعد يفهمه عامة المصريين بمفهوم الهوية المصرية بل ألصقه الغازي العربي بالمسيحيين فقط بل و حوَّل مسيحيتهم لنصرانية! يا للهول! مازالوا مصرين على تغيير وجه التاريخ وتزييف حقيقته ليبتدعوا تاريخاً على مقاس فكرهم وعقيدتهم، فلم يفرطوا فقط في هويتهم الوطنية المصرية التي يفخر بها كل مصري مثقف ينتمي لهذا الوطن بل أصبح مسيحي مصر هم الأقباط النصارى! وإن كنا نفخر ونتهلل أننا مازلنا نحمل تسميتنا التاريخية لهويتنا الوطنية والتي تربطنا بجذور تلك التُربة التي ننتمي إليها، ونفخر بهويتنا القبطية وعرقيتنا التي تحمي وتحافظ على هوية مصر وعراقة تاريخها ففخر قبطيتنا نابع من عشقنا وإنتمائنا لتراب هذا الوطن، وخلاف هذه الحقيقة فهو من الأكاذيب والتضليل، لهذا نرفض وبشدة تسميتهم لنا بالنصارى تلك التسمية الوافدة إلينا والتي نجح المحتل العربي في زرعها بأدمغة المغيبين والسُذج والمتعصبين. فمن الجهل والغباء إن يظنوا بأن المسيحيين حيطتهم المايلة، حين يظنوا أنه نصرانياً كافراً بجميع أحواله ولكنه عند الحاجة إليه فهو قبطي مسيحي ومحلل شرعي رائع يتحايلون به على الدستور والقانون ليمنحهم قُبلة الحياة وهو مجرد كُبري يعبرون من خلاله للحياة البرلمانية والعمل السياسي فيستمدون منه عمراً أطول و شرعية، بالبلدي كده عايزينه قبطي كافر على ما تُفرج ولحين يأتون ببقية إخوانهم في الجهاد،فهم يرون أنهم أصحاب الشرعية والورثة الطبيعيين للشرعية المزعومة لجماعة المحظورة! ولا يعلموا أن «شرعية» طِهقت منهم وإنتحرت يوم30 يونية و أخرج الشعب شهادة وفاتها يوم إعلان نتيجة الإنتخابات الرئاسية بفوز الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وعد بحل كل الأحزاب الدينية وخصوصاً حزب الدعوة السلفية، ونحن كمصريين كلنا ثقة فيه وفي وعوده. فالمصريين خرجوا يوم 30 يونية ليرفضوا فكرهم الطائفي وطالب بدولة المواطنة التي تحترم تطبيق القوانين، لأن فكرهم التمييزي لا يصلح لزمن التحديات والتغيرات السريعة المتلاحقة، لأنه فكر ينافي روح التقدم والحداثة ولا يستطيع المصري أن يجمد فكره ولا يعمل عقله إلا من خلالهم خصوصاً أنهم يحملون فكر القرون الوسطى، ذلك الفكر الذي لايجدون فيه غضاضة أن يتولى القبطي« المسيحي» مناصب قيادية بحزبهم إنما عندما يتعلق الأمر برئاسة الجمهورية أو برئاسة الوزراء أو كنائب للرئيس أو أن يتولى القبطي قيادة المناصب العُليا بمؤسسات الدولة فهنا تظهر نعرة التعالي و يتحول المسيحي إلى نصراني كافر و ذمِّي، ولا يجوز ولاية كافر على مؤمن و الأولى بهم أن يولَّوا عليهم رئيساً ماليزياَ أو موزمبيقياً عن أن يتولى أمرهم قبطي مسيحي، كما صرحوا من قبل! مفيش عندهم مانع أن يُعلَّق القبطي على قوائمهم الحزبية، إنما لا يعلق القبطي صليبه فوق كنيسته ولا بسيارته ولو حتى كان صليبه على شكل علامة الشيفروليه التي تم تكفيرها لأنها تشبه الصليب!
لا غضاضة لديهم أن يضعوا القبطي كمالة عددية و كواجهة ديكور لحزبهم الديني ليستمدوا منه بُعداً سياسياً غير حقيقياً فالقبطي دائماً مُستخدم فقط ومفعول به لأجل أهدافهم وإقامتهم لدولة خلافتهم الدينية، فهم لا يعترفون بديموقراطيات ولا بمعاهدات دولية، لهذا أبطلوا أصواتهم بالإنتخابات الرئاسية بإعترافاتهم على صفحاتهم بمواقع التواصل الإجتماعي لأنهم لا يصوتون إلا لرئيس ديني كما فعلوا وإنتخبوا المخلوع مرشح الجماعة المحظورة رغم أن أغلبيتهم إنشقوا عليه فيما بعد وإنقلبوا عليه حد تكفيره، فهم لا يقرون بأبسط مبادئ قيام الدولة ولم يحترموا يوماً النشيد الوطني ولم يقفوا يوماً إحتراماً لتحية علم بلادهم بل رفعوا أعلام القاعدة السوداء وعلم المملكة السعودية إفتخاراً بإنتمائهم لتلك الأعلام فهي هويتهم الحقيقية التي يريدون زرعها على أرض مصر!، فتمادى نفاقهم حد أن وقفوا يوماً لتحية العلم الأمريكي بالسفارة الأمريكية، فكل مواقفهم لا تكذب بأنهم قطيع متناقض و منفصل فكرياً عن العقل الجمعي لبقية المصريين، قطيع يعشق النفاق ويتخذ الكذب مذهباً له، فلا مبدأ لهم كالحيَّات المتلونة لأجل أطماعهم ومكاسبهم المادية! مفيش عندهم مانع أن يستعينوا بالمسيحي ليمثل حائط صد كي لا ينحلَّ حزبهم بقوة القانون والدستور، ولكنه نفسه المسيحي الذي قال له يوماً الشيخ برهامي أنه «يبغضه في الله» و ألزمه بدفع الجزية لأجل أن يتركه لكفره! المسيحي موجود ليفك أزماتهم ولكنه مكروه بكل الأحوال ولا يجب تهنئته في أعياده لأنها أعياد كفر كما قال السيد برهامي ” أن عيد القيامة هو أشد الأعياد كفراً عند النصاري” فكيف لنصارى الكفر أن يتحولوا بقدرة عجائبية لأقباط لطفاء و شركاء في الوطن ومرحَب بهم في أحزابهم الدينية ؟! أم هم أحياناً أقباط ومسيحيين وأغلب الأحيان نصارى كافرين!. ينسلخون من جلدهم عشرات المرات في كل موقف، ويتقنون فن النفاق بتقوى و ورع ، فأي خير منهم ينتظره المصريين و ينتظره كل من يخالفهم الدين بل و المذهب الواحد ؟! وأي مواطنة وشراكة معهم ننتظرها وأي مساواة مرجوة معهم وهم لا يقرون بمبدأ المواطنة ولا بالمساواة ولا يعترفون بالمحبة والتسامح كما قال السيد برهامي أيام حكم إخوانه؟!
فكما أن القبطي في نظرهم «مفعول به» كذلك هم أيضاً في نظر إخوانهم من الجماعة المحظورة، فهم مجرد أداة طيِّعة في إيدين من حرموا من البرلمان ومن العمل السياسي بعد تفكيك حزبهم وحظره. فإن عاد السلفيين و دخلوا البرلمان لن ينفذون أهدافهم الدينية فقط بل ومخططات إخوانهم و فكرهم الديني المتشدد والمشترك فيما بينهم ليحيوا مشروع دولتهم الدينية ويبعثونه من جديد. فهم الآن المنقذ والمنفِّذ لتطبيق وتفعيل المواد الدينية الموجودة بالدستور الجديد، لأنهم يعتبرون أنفسهم الوريث الشرعي والبديلاً الطبيعي للجماعة المحظورة ولو لحين ! مازال الأمل في وعي المصريين جميعاَ بمسلميهم ومسيحييهم وكل طوائفهم و بمختلف إنتماءاتهم، فالمصري لا يتمتع بذاكرة النسيان لأنه حفر ذاكرة هذا الوطن منذ فجر التاريخ. والهوية المصرية لا تنمحي و راسخة ضد كل محتل وغاصب، و ذاكرة المصريين قوية و ذكية ولا تنسى، فكل مواقفهم وتصريحاتهم المستفزة السابقة محفورة بعمق ذاكرة لا تنسى وسجلها تاريخ لا يرحم. فمن الغباء أن يُلدغ المصريين من جحرهم مرتين تحت مسمى مصالحة وطنية وأن يشربون من مياههم الآسنة و الراكدة التي ذُقنا عفونتها ومرارتها أثناء حكم جماعتهم المحظورة !
فكراهيتهم للأقباط المسيحيين و للمصريين عموماً متأصلة بعمق ما يعتقدون وما يعتنقون من فكر ديني وأصولي متشدد، فتركيبة هذه العقلية تقول أنه لا أمل في شفائهم، ولن تتقدم مصر في ظل الإعتماد على هذه العقول العِجاف ولا على مظاهر التقوى المتلونة والمخادعة، فعهد الصعلكة الفوضاوي ولَّى وإنتهى، وآن لمصر أن تلملم جرحها وتلبس ثوب عرسها الجديد وتنقّي كل فكر طالح غريب وتطرده خارج ذاكرتها الجمعية وثقافتها الحضارية الراقية لأنها ستظل أم الدنيا
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com