د.ماجد عزت إسرائيل
فى ذكرى رحيله الثامن ـ الأب متى المسكين ولد فى 20 سبتمبر 1919م،وكان أسمه العلمانى "يوسف إسكندر"،من أسرة متوسطــة الحــال،كفـــاح حتى حصل على شهـــادة البكالوريوس فى كلية الصيدلة جامعة القاهرة،وعمل بالحــكومة والقطاع الخاص وكــان صيدلايته نبع للمحبة وتقبل الآخر،ثم ترك كل شىء وترهب فى بدير الأنبا صمـــــوئيل وأسند له قداسة البابا كيرلس السادس دير أنبا مقار فقام بثورة تصحيح روحانية ومـــادية حتى رحل عن عالمنا الفـــانى فى 8 يونية 2006م إلى السماء واليوم نـــتذكر تواضعه وعلمه ومحبته لتلاميذه وجهده الذى تركه كتراث يؤكد صدقه وتواصله الدائم مع المــلك السماوى
اهتم الأب القديس" متى المسكين" بتعليم تلاميذه دروساً من الحياة اليومية التى كان يتعرض لها فى حيـــاته، ففى مجـال التواضع و المســاواة نذكر منها على سبــيل المثل عندما جاء أحـد بسطاء البَـــدْو في وادى النطرون ويُـــدعى "محـــمد العــابد" فقــــام باستقباله وضيافته فى قــصر الضيافة الرئيسى بالدير،وأمر بتقـــديم أحسن الاطعمـــة ، وإعــــداد غرفة خاصة له وتــــغيير ملايــة السرير
بمــــلاية آخرى من نوعية ماركــة العروسة، التى كان ذات شهـــرة فى ذات الوقت، مقارنة باستقباله لسفير إنجلترا فلم يتم شىء من ذلك، لأنه أي الأب القديس متى المسكين كان يـؤمن أن الروح القدس والعدالة الإلهية تقتضى المساواة ما بين الـغفير والوزير.
وفى لقاء تاريخى لزيارة الراحل قداسة البابا شنودة الثالث،البطريرك رقم (117) منذ عام (1971م) لـــــدير الأنبا مقـار ببرية شيــهيات بمنطقة وادى النطرون،فى يــوم الأحـد المـــوافق 3 نوفمبر 1996م، ويتزامـن ذلك الحـدث مع اليوبيـل الفضى لجـلوس قـداستة على كرسيه بطريريكا للكرازة المرقسية.
فى هـذا اليوم التاريخى رفع الدير درجة الاستعــداد، حيث خرج جميع الرهبان، وعلى رأسهم الأب "متى المسكين"، وبتواضعه المعروف عنه أعطى له مطـــانية(سجده) وقام بتقبيل يده، وقــــام البابا شنودة الثالث باحتضـانه فى محبة كبيرة،بعــــدها تحرك موكب البطريرك من الباب الرئيسى للدير،ثم عبر قوس النصر الشهير بالـــــدير،وتوجه بعدها مباشرة لكنيسة القديس الأنبا مقار. وفور دخـــــول قداسته ردد رهبان الدير ومن معهم والعديد من الأساقفة لحن يقال عند استقبال الأساقفة أو كبيرهم "البــطريرك"، ثم بدأت الصلاة الربانية المعتادة.
كما كان الأب القديس متى المسكين يهتم بتعلم أبنائه الرهبان الألحان الكنسية، فنذكر هنا أنه فى إحدى عظاته بدير القديس الأنبا مقار سأل تلاميذه عن لحن "مونوجينيس" ـ أيها الابن الوحيد ـ فوجد راهباً واحداً من حافظي اللحن، فقدم نصيحته فى أهمية حفـــظ الألحان لأنها أساس التسبحة.
وترك لنا العديد من تلاميذه المخلصين نذكر منهم الراهب"باسيليوس المقارى"، الذى يعد من أحـــد رهبان دير أنبا مقــــار فبين الحين والآخــــر يصدر لنا كتبه الروحـــانية والتعليمية والآبائيه والتاريخية نذكر منها كتابه الأخير"إيمـاننا المسيحى"،ودراسات فى آباء الكنيسة،بالإضافة لمقاله الشهرى بمجلة"مرقس".
خلاصة القول:كان الأب المستنير متى المسكي مدرسة للتعلم الروحانى ،ولم يبخل يـــوماً ما على تلاميذه فى تعليمهــــم التعليم الصحيح،كما أنه مدرسة فى فنــــون إدارة وتعمير الأدير،وأشهد من خلال مطالعتى لوثائقه دقــــة عمله وتنظيمه وحسن كـــتابته ومخاطبته للآخر،كم ترك لنا محبه فياضه بين مريده و تلاميذ الرهبان،وبالحق نقول أن الأب متى المسكين جوهرة دير أنبا مقار!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com