د. فكرى نجيب اسعد
تحولت مصر مع الوقت من الوفرة المائية إلى الندرة المائية ويرجع السبب وراء الندرة المائية لمصر إلى زيادة عدد سكان مصر على نفس مواردنا المائبة المتجددة وإنخفاض نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة فيها عن الحد الأدنى اللازم لتغطية احتياجات الفرد من المياه فى الإستخدامات المائية المختلفة : الزراعة ، الصناعة ، الشرب والإستخدامات المنزلية
الإستزراع السمكى ، النقل النهرى ، توليد الطاقة الكهرومائية وغيرها من الإستخدامات المائية . ويقدر الحد الأدنى اللازم لتغطية إحتياجات الفرد من المياه بمقدار 1000 مترمكعب / سنة وهو ما يعرف دولياَ أيضاَ بحد الفقر المائى. ومن عملية حسابية بسيطة وذلك على إعتبار أن 1000 متر مكعب / سنة كافى لتغطية إحتياجات افرد من المياه أن نشير بأن واحد مليار مترمكعب من المياه كافى لتغطية الحد الأدنى لمليون نسمة من السكان لعام كامل فى الإستخدامات المائية المختلفة .
وعلى أعتبار أن مجموع موارد مصر المائية المتجدة يقدر ب 58.3 مليار متر مكعب / سنة وهى تقديرات للبنك الدولى ، وأن عدد سكان مصر الحالي (يوليو 2014 ) يقدر ب 90 مليون نسمة ، فأن مصر فى حاجة إلى 31.7 مليار متر مكعب / سنة لإرتفاع بنصيب الفرد الحالى من المياه ( 640 متر مكعب / سنة تقريباَ ) إلى 1000 متر مكعب / سنة .
والجدير بالإشارة إليه بأن مجموع موارد مصر المائية المتجددة والغير متجددة تقدر بناء على بعض التقديرات بمقدار 64.5 مليار متر مكعب / سنة وهى ما يمكن توزيعها كالآتى :
موارد مصر المائية المتجددة والغير متجددة فى عام
2014
المصدر المقدار ( مليار متر مكعب / سنة
مياهالنيل 55.5
المياه الجوفية 7.0
مياه الأمطاروالسيول 2.0
المجموع 64.5 مليار متر مكعب / سنة
أن مجموع موارد مصر المائية المتجددة والغير متجددة والمقدرة ب 64.5 مليار متر مكعب / سنة قابلة للزيادة أو النقصان عن ذلك بقليل إذا تم مراعاه التقديرات الأخرى لها ، وهو ما يتطلب منا بعمل اللازم نحو الوصول إلى أتفاق بشأنها باعتباره عامل هام فى المفاوضات الدولية مع بقية دول حوض النيل بشأن كل قطرة مياه تسقط على حوض النيل.
من العوامل الهامة الأخرى التى تزيد من تفاقم ندرة مصر المائية مع الوقت بخلاف قلة موارد مصر المائية العذبة الطبيعية من الوفاء بالإحتياجات المائية المختلفة لعدد سكان مصر الحالى أذكر :
( 1 ) عجز جهود مصرالمستقبلية من توفير حصة مائية معقولة للفرد من ترشيد المياه وتطويرالرى باستخدام طرق رى متطورة ، واستنباط محاصيل جديدة ذات إنتاجية عالية بنفسس الكمية من المياه ، وإعادة استخدام مياه الصرف بما يحافظ على سلامة البيئة والصحة العامة من التلوث ، وسحب المياه الجوفية العميقة ، وحماية شبكات مياه الشرب والصرف من التآكل بما يقل من أهدار المياه بهما
.
( 2 ) الزيادة السكانية الرهيبة لدول حوض ، فمن المنتظر أن يتزايد عدد سكان دول حوض النيل إلى مليار نسمة فى عام 2050 بعد أن كان 300 مليون نسمة فى عام 2000. وقد كشفت دراسة لمنظمة الأغذية الأغذية والزراعة العالمية ( الفاو ) أن دول حوض النيل ( الكونغو ، أريتريا ، أثيوبيا ، أوغندا ) تعتبر من أكثر الدول التى تعانى من الجوع فى افريقيا ، كما أنه يوجد دراسة أخرى للفاو تشير بأن الطلب على المياه فى العالم يتضاعف كل 21 عام وهى أمور قد تقلل من فرص مصر مع الوقت فى تنمية مواردها المائية من مياه النيل الجارية بنهر النيل والمقدرة فى المتوسط ب 100 مليار متر مكعب / سنة ومن الفواقد المائية المهدرة الغير مستغلة بحوض النيل لتغطية احتياجات الزيادة السكانية فى مصر. وأن استخدام الإنسان المعاصر بعض المحاصيل الزراعية فى انتاج الوقود الحيوى هو أمر قد يؤثر على الأمن الغذائى
( 3 ) وجود تأثيرات سلبية لظاهرة الإحتباس الحرارى والتغيرات المناخية العالمية المصاحبة لها على الوضع المائى لدول حوض النيل وذلك فى حالة إعتبار أن مياه حوض النيل وحدة مائية واحدة ، وتعتبر مصر من أكثر دول حوض النيل ضرراَ منها
( 4 ) عجز تحلية مياه البحر والمياه الجوفية عالية الملوحة فى ضوء تكنولوجيات تحلية المياه الحالية من القيام كبديل لمياه النيل وفى سد الفجوة المائية المتزايدة بين المصادر المائية الطبيعية العذبة والإحتياجات المائية المتزايدة التى تطلبها الزيادة السكانية فى الإستخدامات المائية المختلفة لإرتفاع تكاليف الطاقة اللازمة لإنتاجها
( 5 ) عدم اتفاق عدد من دول العالم على القواعد الدولية بالأتفاقية الدولية لتقسيم الموارد المائية للأنهار الدولية ، والتى ايدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى مايو 1997 والتى استغرقت فى إعدادها ما يزيد عن ربع قرن من الزمان ( 1970 – 1997 ) وعى تعتبر غير سارية بالنسبة لدول حوض النيل لإنقسامها فى موقفها منها كالآتى :
* السودان قبل الإنقسام وكينيا ايدتا الأتفاقية
* بورندى عارضت الأتفاقية
* مصر وأثيوبيا وروندا وتنزانيا ، أمتنعت عن التصويت
* أوغندا وأريتريا والكونغو ، غابت عن الجلسة
( 6 ) غياب تعاون دول حوض النيل فى الأستفادة من تعاقب إيرادات عالية لهر النيل مهدرة للمياه كالتى حدثت فى الفترة ( 1996 – 2002 ) فى السنوات العجاف التى يتعاقب فيها ايرادات منخفضة أو شحيحة لنهر النيل كالإيرادات المنخفضة المتعاقبة التى مرت بها دول حوض النيل الشرقى فى الثمانينيات والتى هددت بعض المناطق بالحوض بالجفاف والتصحر والتى تعرف باسم " سنوات الجفاف " وهى ما أضرت مصر أيضاَ من جهة توليد الطاقة الكهرومائية من السد العالى لإنخفاض منسوب المياه أمام السد العالى ببحيرة السد العالى .
( 7 ) موقع مصر الجغرافى عند مصب نهر النيل وهو ما قد يضر بمصر فى حالة قيام دولة أو أكثر من بقية دول حوض النيل بتنمية مواردها المائية أو بحجز مياه النيل أمام السدود خاصة عند تعاقب إيرادات منخفضة لنهر النيل على حساب مصر ، كما يضرها أيضاَ فى حالة قيام بقية دول حوض بإلقاء مياه الصرف فى نهرالنيل. وتؤكد الدراسات العلمية على مياه الأنهار الدولية بأن التلوث المائى يزداد كلما أبتعدنا من دول المنابع وأقتربنا من دول المصبات.
لقد وصلنا بالفعل إلى ما يسمى بنهاية عصر المياه الرخيصة ، وأن المتاح من المياه لا يفى على الأطلاق بالإحتياجات المائية الفعلية الحالية والمستقبلية . وأنه من الضرورى التكيف مع وضعنا المائى الحرج . وأقترح فى هذا الشأن بالآتى :
( 1 ) تحقيق تعاون بين القطاع الخاص والبحث العلمى فى استثمار أزمة مصر المائية فى مجالات التمية التى يقل فيها استهلاك المياه العذبة الطبيعية كالإستزراع السمكى فى مياه البحر وفى العمل على تنمية مواردنا المائية بتحلية مياه البحر بطول سواحلنا البحرية
.
( 2 ) ترشيد المياه بتحديد سعر معقول من المياه للأفراد على مستوى الزراعى والصناعى والمنزلى مع العمل على تحسين مستوى معيشة الطبقات الفقيرة أولاَ ليتمكنوا من سداد ثمن استهلاكهم للمياه . أن تحديد سعر معقول من المياه سوف يجعل المستهلكين للمياه يحسبون الكمية التى يرغبون فى استهلاكها ويقللون من طلبهم عليها بالترشيد ويوفرون بذلك كميات من المياه ليتم استثمارها لتحقيق المزيد من التنمية وهو ما قد سبق أن اشرت إليه فى مقال بجريدة الأهرام الصباحى فى مقال تحت عنوان : " تنمية موارد المياه .. ومسئولية دول حوض النيل " بتاريخ 11 / 5 / 2001 على الصفحة العاشرة
( 3 ) العمل على وضع أولويات للإستخدامات المائية المختلفة مع وحود تنافس بينها والناجمة من زيادة عدد سكان مصر على نفس مواردها المائية المتجددة والغير متجددة يعتمد على أهمية الإستخدام والعائد الأقتصادى له .
( 4 ) إقامة ندوة على مستوى مصر للخروج منها بإتفاقة تعاون مشتركة حول تقاسم عادل لمياه حوض النيل للتفاوض بشأنها مع بقية دول حوض النيل وليكن تحت عنوان " اتفاقية الإنتفاع الكامل من مياه النيل .. وأفاق المستقبل " .
( 5 ) تحقيق تعاون بين مصر وبقية دول حوض النيل حول حماية مياه النيل من التلوث من المنابع إلى المصبات بإعتبار أن مصر من أكثر دول حوض ضرراَ فى هذا الشأن وذلك برئاسة مصر . فتشير الدراسات العلمية على مياه الأنهار الدولية بأن التلوث المائى يزداد كلما اقتربنا من المصبات وابتعدنا عن المنابع .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com