بقلم : سوزان قسطندي
تابعت على قناة سى تى فى البث المباشر للمراسم الدينية والإحتفالية بظهور النور المقدس من القبر الفارغ بكنيسة القيامة بالقدس- يوم سبت النور السابق لأحد القيامة..
وعلى قدر سعادتى بالحدث الجلل والذى تتبارك وتتقدس به جموع غفيرة من مسيحيى العالم الذين تمتلئ بهم الكنيسة فى مثل هذا اليوم من كل عام، على قدر خشيتى أن يكون هذ هو أقصى ما يتمنى رؤياه المسيحيون- مسيح المعجزات !!
فالمسيح الذى صُلب علانية.. لم يقم علانية !! ليس بلا سبب !!
لا يريدنا أن ننظره مسيح المعجزات الخارقة- مع أنه هو كذلك، بل أن نؤمن به فادى نفوسنا ومجدد طبيعتنا !!
لا يريدنا أن ننتظره ملك الملوك محرر أراضينا من استيطان المستعمرين ورافع أوطاننا فوق ملوك الأرض، بل أن نترجاه مخلِّص حياتنا من عبودية إبليس ومحرر عقولنا وقلوبنا من قيود الخطية !!
لا يريد لأرواحنا أن تنحصر فى سجن الجسد والحسيات والمنظورات، بل أن تنطلق وتحلِّق بالإيمان فى السمائيات !!
لا يريدنا أن نعبده مسلوبى الإرادة، بل أن ننعم بحرية مجد أولاد الله !!
أتريد أن ترى نور المسيح ؟!
أنظر بداخلك.. إنه يسطع فيك !!
"أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (1كو 3: 16)
لا تترجى منه معجزة تغيِّر الظروف من حولك.. فمعجزته الكبرى هى تجديدك أنت !!
أنت الكنيسة التى يشرق فيها المسيح بنور قيامته.. مجدداً حياتك.. بأعمال التوبة والبر والرحمة.. كل يوم !!
فهم ذلك جيداً آباؤنا القديسون، وعاشوه.. فاستحقوا أن يُحسَبوا قديسين كما أن أباهم السماوى هو قدوس !!
تحضرنى قصة قديمة من التراث الرهبانى القبطى حدثت فى القرن الرابع الميلادى، أذكرها كما هى مدونة فى سيرة الأنبا بيشوى كوكب البرية الرجل الكامل حبيب المسيح:
إذ كان الرهبان يعرفون عن القديس أنه يرى السيد المسيح مرارًا، طلبوا منه أن يشفع فيهم لينعموا برؤيته مثله، وإذ سأل ذلك من أجلهم وعده الرب أنه سيظهر على الجبل فى ميعاد حدده، ففرح الإخوة جداً، وفى الميعاد إنطلق الكل نحو الجبل لينظروا المسيح..
وكان القديس بسبب شيخوخته فى المؤخرة..
إلتقى بالكل شيخ تظهر عليه علامات الإعياء والعجز عن السير، فلم يبالِِ أحداً به..
وأما القديس أنبا بيشوى فاقترب منه وسأله إن كان يحمله، وبالفعل حمله وسار به ولم يشعر بالتعب.. وفجأة صار الشيخ يثقل عليه شيئاً فشيئاً، فأدرك أنه السيد المسيح ظاهراً فى هيئة عجوز يحتاج من يصنع معه رحمة.. فتطلع إليه وهو يقول له: "السماء لا تسعك والأرض ترتج من جلالك فكيف يحملك خاطئ مثلى؟"، وإذا بالسيد يبتسم له ويقول: "لأنك حملتنى يا حبيبى بيشوى فإن جسدك لن يرى فساداً"، ثم اختفى- ولا يزال جسد الأنبا بيشوى محفوظاً بديره لم يرَ فسادًا..
وإذ عرف الإخوة بما حدث حزنوا إذ عبروا بالشيخ ولم ينالوا بركة حمله.
"فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم" (لو 6 : 36)
و"طوبى للرحماء لأنهم يُرحَمون" (مت 5: 7)
وها هو مسيح الرحمة يبارك الرحماء:
"تعالوا إلىّ يا مباركى أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم، لأنى جعت فأطعمتمونى عطشت فسقيتمونى كنت غريباً فآويتمونى
عرياناً فكسيتمونى مريضاً فزرتمونى محبوساً فأتيتم إلىّ.. الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتى هؤلاء الأصاغر فبى فعلتم" (مت 25: 34- 40)
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com