ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

بُوكُو حَلَالْ

أحمد المسلمانى | 2014-08-18 08:56:37

أحمد المسلمانى
باتَ العالم الإسلامى يمتدُّ من «طالبان» شرقًا إلى «بوكو حرام» غربًا.. ومن «داعش» شمالاً إلى «القاعدة» جنوبًا.

(1) قالت سيدة أفريقية لوسائل الإعلام: حين يأتى إلينا مُلثّمون يُطلقون النار على الناس، ويحرقون المنازل ويخطفون الفتيات.. نعرِف على الفور أنهم مسلمون!

هكذا نجحت جماعة «بوكو حرام» فى أن تُحوِّل صورة الإسلام فى أفريقيا من الدين الأكثر جاذبية إلى الدين الأكثر فزعًا!

دخلت أفريقيا الإسلام بأعداد هائلة عَبْرَ التُّجار المسلمين والدُّعاة البُسطاء والأئمة الوسطيين.. واليوم تبنى «جماعة أهل السنة والجهاد» الشهيرة بجماعة «بوكو حرام» حائطًا حديديًّا بيْن أفريقيا والإسلام.

(2) تأسست جماعة «بوكو حرام» من عدد من الطلبة الفاشلين، ولذا يُطلق عليها البعض مسمى «طالبان نيجيريا».. حيث تألفت الجماعة من طلبة تركوا الدراسة وأقاموا فى قرية شمال شرق نيجيريا، وأعلنوا أن التعليم حرام!

وعلى الرغم من أن كلمة «بوكو حرام» فى لغة الهوسَا النيجيرية تعنى: «التعليم الغربى حرام» فإن جماعة «بوكو حرام» تؤمن بالجهل على وجه العموم، وترى أن كل التعليم حرام!

(3) يعود الباحثون بجذور جماعة «بوكو حرام» إلى منتصف السبعينيات، حيث تأسست جماعة «إزالة البدعة وإقامة السُّنة» على يد الداعية السلفى «إسماعيل إدريس» واشتهرت فى وسائل الإعلام باسم «جماعة إزَالة».

أسست «إزَالة» ميليشيا قتاليّة، وكان هدفها إزالة الجماعات الصوفية والقضاء عليها.

وفى منتصف الثمانينيات ظهر تنظيم يحمِل اسم «جماعة الإخوان المسلمين» بقيادة الشيخ «إبراهيم يعقوب الزكزكى».. وانضم لها عدد كبير من الشباب، كان من بينهم شاب بارز يُدعى «محمد يوسف».

كانت الصدمة فى تَرْك الشيخ «الزكزكى» للمذهب السُّنى واعتناقه المذهب الشيعى.. ليصبح المرجع الشيعى فى نيجيريا!

وكانت الصدمة التالية.. فى اعتناق عدد من «الإخوان» المذهب الشيعى مع شيخهم «الزكزكى» وأصبحوا رجال إيران فى نيجيريا!

انشق «محمد يوسف» وهاجم «الزكزكى» ومن معه، وانضم إلى «جماعة إزالة».

فى عام 2001 كانت أحداث 11 سبتمبر الشهيرة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وفى عام 2002 انشق «محمد يوسف» عن «جماعة إزالة»، وحسب تقرير «الجهاد فى 2012» الذى أصدره مركز ستراتفور للدراسات الاستراتيجية فإن «محمد يوسف» قد انشق عن «إزالة» وأسس- متأثرًا بتنظيم القاعدة- جماعة «أهل السنة للدعوة والجهاد»- «بوكو حرام».. واختار «أبوبكر شيكاو» نائبًا له.

أصبح «محمد يوسف» واحدًا من رموز التطرف الدينى.. واشتبكت جماعته مع الأمن والأهالى مرات عديدة.. إلى أن كانت أحداث عام 2009 حيث دارت معارك عنيفة بين الجماعة والشرطة قُتِل فيها أكثر من ألف شخص أكثرهم من الجماعة. وكان من بين القتلى «محمد يوسف» نفسُه الذى قالتْ الشرطة إنّهُ قُتِل وهو يحاول الفرار.

(4) أصبح «أبوبكر شيكاو» نائب «محمد يوسف» رئيسًا لجماعة «بوكو حرام».

تقول وزارة العدل الأمريكية إن «أبوبكر شيكاو» ولد فى قرية من المزارعين ومُربِّى المواشى شمال شرق نيجيريا.. وإنه دَرسَ الدين فى ولاية بورنو.. وقد اشتهر بأنه أقل خَطَابةً من «محمد يوسف» الذى كان يلقى الخُطب باستمرار ضد النظام.. أما «شيكاو» فمعظم ما يصدر منه أفعال مباشرة وصادمة.

فى أغسطس 2011 حقق «شيكاو» شهرة واسعة بعد نجاح هجومه على مقر الأمم المتحدة حيث قُتِل (23) شخصًا!

ثم اتخذ وضعًا أسطوريًا بعد عمليات الخطف المستمرة، وإعلان السلطات النيجيرية أكثر من مرة أنه قُتِل.. ثم يُفاجئ الرأى العام بظهوره من جديد!

(5) «أبوبكر شيكاو».. رجل غريب الأطوار، وقد أثار سخرية العالم حين هدد بقتل مارجريت تاتشر والبابا يوحنا بعد موتهما بسنوات!

وقد اختار «شيكاو» القيام بأقوى عملياته واختطاف (276) فتاة من مدرسة ثانوية فى ولاية بورنو فى عام 2014!

وقال «شيكاو»: سأقوم ببيعهِنَّ فى السوق وفقًا لشرع الله.. وقالت قيادات فى الحركة: لقد تم نقلُهنَّ إلى تشاد وبَيْع الواحدة منهنَّ بـ(12) دولارًا!

(6) تتشكل رؤية «بوكو حرام» الشرعية كما يتشكل فكرُها السياسى من عددٍ من المحرّمات:

1. التعليم حرام لأن الاستعمار المسيحى هو الذى جاء به، ويجب العودة إلى ما قبل الاستعمار.. أى ما قبل التعليم!

2. كل من ليسوا فى الجماعة من المسلمين والمسيحيين هم أعداء الله، يجب قتالهم. ويستخدمون مصطلحات «الغنائم» والفىء «والسَّبْى» فى وصف ما يقعُ فى أيديهم من ممتلكات ونساء!

3. كل ما هو غربى حرام.. البنوك والمؤسسات والشركات والقوانين والبرلمان والدستور، كلها أمور كافرة.. وكذلك فإن الجيش والشرطة هى مؤسسات كافرة، والعملُ بأىٍّ منها هو حرام شرعًا ولا يجوز نهائيًا.

4. المدارس والمساجد كلها حرام، ولا تجوز الصلاة فى أى مسجد، بل فقط فى مساجد منفصلة ومخصصة لأعضاء الجماعة، وعلى ذلك يجوز إحراق المساجد لأنها ليست مكانًا للمؤمنين!

5. المجتمع كله كافر.. وليس أمام المسلم الحقّ إلَّا أن يذهب إلى مكانٍ منعزِل عن العالم، ويُقيمُ مجتمعًا مثاليًا.. ومن لم ينضَم لهذا المجتمع الجديد فهو كافر!

(7) لقد اعتزلَ بعضُ أعضاء «بوكو حرام» بالفعل، وذهبوا إلى قرى نائية.. عاشوا فيها وسُمُّوا بـ«المهاجرين».

لكن أغلب الجماعة راحتْ تقتُل وتخطَف كلّ يوم.. وكان أخطر ما اختطفت «بوكو حرام» هو «الإسلام» نفسه، الذى أصبحت صورته فى غرب أفريقيا أسيرة أعمال الجماعة التى باتتْ خارجَ الدين وخارجَ العقل.

(8) لقد خلقتْ جماعة «بوكو حرام» حالة من الغَيْظ الشديد فى المجتمع النيجيرى.. وقالت زوجة الرئيس حين اختطفتْ الجماعة الفتيات: «إننى قد أدخل الغابة اللعينة بنفسى للبحث عنهن»!

وحين أشار الرئيس «جوناثان جودلاك» إلى احتمال التفاوض مع «بوكو حرام» بعد أن قتلت أكثر من (12000) شخص، قال أديب نيجيريا الأشهر «ويلى سوينكا» الحاصل على جائزة نوبل فى الآداب: «إن نيجيريا فى حالة حرب مع جماعة (بوكو حرام)، ويجب عدم التفاوض مع هؤلاء المجرمين. إن السؤال الآن: من الذى سَيَسْقُطْ؟ هل هو المجتمع؟ هل هى الأمّة؟ أم مجموعة من السفّاحين؟!».

(9) خَلَقَتْ «بوكو حرام» حالة من الغَيْظ الأَشَدّ لدى المجتمع الإسلامى.. هاجم الأزهر الشريف جماعة «بوكو حرام»، وأعلن مفتى السعودية أن «بوكو حرام» جماعة ضالّة من «الخوارج»، واعتبرتها منظمة التعاون الإسلامى «جماعة إرهابيّة».

انتقد الشيخ «إبراهيم الحسينى» مفتى نيجيريا الجماعة، وقال الشيخ «محمد سعد أبوبكر» سلطان سوكوتو ورئيس المجلس الأعلى للمسلمين فى نيجيريا، فى خطبة له فى المسجد الوطنى فى أبوجا: «لا مكان للإرهاب فى الإسلام.. وإن المسلمين يدعمون الحرب على الإرهاب.. وملتزمون بدعم جهود إحلال الأمن فى البلاد».

(10) لكن المفاجأة الفكريّة جاءت من الكاميرون التى يقطُنها (21) مليون نسمة رُبُعُهم من المسلمين. رأى الدعاة فى الكاميرون أن نشاط «بوكو حرام» قد استبدَّ ببلادهم هى الأخرى، حيث جَرَى قتل الأبرياء وخطف النساء، وكان من بين المختطَفَات زوجة نائب رئيس الوزراء «أحمدو على»!

وقد حَدَثَ فى عددٍ كبيرٍ من المدارس أن هَتَفَ التلاميذ كلمّا رأَوْا تلميذة محجَّبة: بوكو حرام.. بوكو حرام!

قرر «مجلس أئمة الكاميرون» إطلاق حملة لإظهار الوجه الحضارى للإسلام.. والتأكيد على أنه دين التسامح الذى لا يقبل مجازر بوكو حرام.

بدأ «الأئمة» فى توعية الشباب بعدم الانضمام إلى الجماعة، ومعرفة مبادئ الإسلام الصحيح.. وأطلقوا على الحملة ذلكَ الاسمَ السَّاخِر: «بوكو حلال».

حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
نقلآ عن المصري اليوم

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com