يثير قرار رئيس مصلحة الجمارك رقم ٢٨ / ٢٠١٤ ومنشورى تعليماته رقمى ٢١ ، ٢٤ لسنة ٢٠١٤ بشأن الكشف عن الحاويات الواردة الى جمرك بورسعيد على أساس الوزن وليس على أساس العدد الكثير من ردود الافعال بالمدينة الحرة بين معترض ومؤيد وظاهر الصراع هنا هو أتخاذ أجراءات جمركية أكثر صرامة تحد من عمليات التهريب والتى تضيع على الدولة رسوماُ تقدر بالمليارات ولكن حقيقة الامر ان تلك القرارات لم تتخذ عشوائياً ولكنها كانت نتيجة عمل لجان على مستوى عال ورفيع فى الدولة لعمل دراسة حول جدوى المنطقة الحرة أقتصادياُ وما لا يعلمة المعترضين ان التوصية قد تم رفعها للجهات المسئولة من قبل عدد من ابناء المدينة الشرفاء والمختصين فى الشأن الجمركى فالواقع على ارض المدينة الباسلة يفضى الى ان المنطقة الحرة أصبحت "سبوبة" لحفنة من المستخلصين والمستوردين اللذين أثروا ثراءاً فاحشاً خلال السنوات الثلاث الماضية ويستميتون فى الدفاع عن تلك "السبوبة" بكل الطرق وهو الامر محل الفحص فى أكثر من جهة رقابية داخل المدينة وعلى المستوى المركزى .. نعلم مسبقاً أننا بهذا التحقيق ندخل الى عش الدبابير فهناك أمبراطوريات من الفساد تكشفها التفاصيل لن ترضخ ولن ترضى بإصلاح الاحوال فى المدينة التى طالما عانت عهودا طويلة، وقبل ان ندخل فى التفاصيل على لسان أصحاب الشأن والمتخصصين يتوجب علينا بداية رصد الرأى العام البورسعيدى تجاه تلك القرارات التى سوف يرد شرحها بالتفصيل لاحقاً
المنطقة الحرة ومحور قناة السويس
بعيداً عن مناطق سكن الصفوة والحى الراقى اللذين يتمركزون فيه " الأفرنج" تكاد تكون بورسعيد قرية مرصوفة يتدنى مستوى المعيشة فيها كلما توغلنا فى غياهب المدينة التى اتسعت رقعتها بشكل نسبى فالمعاناة تطحن الغالبية الغظمى من شعب المدينة ولا يثير أهتمامهم الحديث عن المنطقة الحرة فهى بالنسبة لهم "بزنس" الصفوة الخارج عن نطاق أهتمامتهم ولكن الامر قد تغير فى الايام القليلة الماضية عندما أفتتح الرئيس السيسى مشروع محور قناة السويس والذى تعتبر بورسعيد (شرق التفريعة) درة هذا المشروع الا ان أبناء المدينة صبوا جام غضبهم على المنطقة الحرة فالجميع يريد المشاركة فى المشروع ويحلمون بأن تصبح بورسعيد مدينة عالمية ولكنهم يرون ان وجود المنطقة الحرة ببورسعيد وما يحيطها من منافذ وأسوار يمثل عزلاً للمدينة عن المشروع العملاق والجميع يريد ان تذوب المدينة فى هذا المشروع لما تولية الدولة له من اهتمام وعلى الرغم من ذلك هناك بوم ما زال ينعق فوق المدينة مطالباً بعودة تفعيل المنطقة الحرة لسابق عهدها رغم ان التجربة أثبتت ضرر ذلك على الاقتصاد القومى .. قد تكون القيادة السياسية قد فطنت الى ضرورة دمج بورسعيد فى محور قناة السويس العملاق فالمنطقة الحرة الى زوال رغم انف الجميع
أتفاقية الجات
الجميع يعلم ان مصر من الدول الموقعة على اتفاقية التجارة الحرة (الجات) والتى بموجبها تصبح مصر كلها منطقة حرة وكان من المفترض ان يتم تفعيل الاتفاقية لكل الدول الاعضاء فى 2010 ولكن تم أستثناء مصر واليمن الى عام 2016 لترتيب الاوضاع ولا يعقل ان تنسحب مصر من الاتفاقية للأبقاء على المنطقة الحرة ببورسعيد التى تضر الاقتصاد المصرى وهو ما يفسر تعجل الرئيس السيسى الانتهاء من أزدواج قناة السويس خلال عام بما يلحقة من مشروعات عملاقة لتكون مصر على اهبة الاستعداد للمنافسة العالمية بحلول عام 2016 وهو ما يعنى الالغاء التلقائى للمنطقة الحرة وما فعلتة الحكومة هو بدء التدرج فى هذا الالغاء لتتأهل المدينة تدريجياُ الى عهد جديد وحياة جديدة وهو ما فطن اليه مجموعة من شباب المدينة وأعلنوا عن تدشين حملة لتأهيل الشباب للعمل فى محور قناة السويس تلك الحملة التى بلغ عدد المنضمين لها فى يومها الاول 2500 شاب وفتاة فالتأهيل لسوق العمل مشكلة يعانى منها اهل بورسعيد فما زالت ثقافة العمل لدى الجميع هو العمل بالتجارة فى المنطقة الحرة لجنى مكاسب سريعة ومع أفول نجم تلك الحرة ضربت البطالة جزء كبير من اهل بورسعيد فعلى الرغم من انشاء مشروعات صناعية فى منطقة "الاستثمار" الا ان العمالة لتلك المشروعات والتى تقدر بعشرات الالاف من العمال تأتى من خارج المدينة يومياً من المحافظات والقرى المجاورة لبورسعيد بينما يقبع البورسعيدية فى مستنقع البطالة
القرارات
حتى لا نرهق القارئ بحسابات وارقام تلك القرارات المعقدة فأننا هنا نورد خلاصة تلك القرارات وهى ان القيمة الجمركية على الملابس يتم حسابها على وزن الرسالة الوارد فى بوليصة الشحن حيث لا يمكن التلاعب فى هذا الوزن تلك القيمة الجمركية التى كانت تحسب فيما مضى على عدد الوحدات فى الرسالة وهذا العدد ما كان يتم التلاعب فيه دائما بين مستخلص خرب الذمة وموظف جمرك فاسد فمثلا الرسالة التى تحتوى على 2000 دستة كان يتم حسابها 800 دستة والدستة كانت تتجاوز الـ 100 قطعة
الحاوية الدوارة
من أساليب التهريب التى ابتدعها المستخلصون والمهربون هو اتمام الاجراءات الجمركية على حاوية عادية بإجراءات طبيعية وعند الافراج يتم تبديل تلك الحاوية بحاوية أخرى تحتوى على ممنوعات ( مخدرات ـ سلاح ـ ترامادول .. الخ) وتخرج حاوية الممنوعات وتبقى الحاوية السليمة ليعاد اتمام الاجراءات الجمركية عليها مرة اخرى وتستبدل بحاوية ممنوعات عند الافراج وهكذا أما أذا تم حساب القيمة الجمركية على الوزن فمن المستحيل ان تكون هناك حاوية بوزن اخرى وسوف يتم الافراج النهائى عليها بعد وزنها وهو ما سوف يوقف تهريب الممنوعات وتنهار امبراطوريات الفساد
الوارد والمنطقة الحرة
بتنفيذ القرارات الجديدة سوف تتساوى البضائع المستوردة برسم المنطقة الحرة مع البضائع المستوردة برسم الوارد وهنا يتضرر التاجر الشريف لان أسعار السلع فى بورسعيد ستصبح هى نفسها خارج بورسعيد .. اما أمبراطورية الفساد لا يعنيها ارتفاع القيمة الجمركية على واردات المنطقة الحرة وهم لا يمانعون فى ذلك على ان يعود حساب القيمة الجمركية على اساس العدد وليس على اساس الوزن لكى ما تستمر دوائر الفساد تبتلع الاخضر واليابس لحساب مليارديرات التهريب ويقول الاستاذ الدكتور سيد فهمى شحاتة أستاذ الاقتصاد (التزمت الادارة الجمركية بالمبادئ الأساسية لتيسير حركة التجارة مثل من العدالة والبساطة والواقعية وعدم التقدير الجزافى او الحكمى.والثبات والاعتدال فى التطبيق.ودقة وسرعة الاجراءات.وسرعة التحكيم والتقاضى وبساطة الاجراءات وعدالتها وعدم التحيز.وحماية الشرف والامانة لدى جمهور المستوردين. وفى المقابل كان يجب ان تلقى الجمارك التعاون والشفافية من جمهور المتعاملين وان تمد جسور الثقة بين الطرفين وان يتقدم المتعامل بالمستندات الحقيقية الدالة على الواقع الفعلى .وقد التزمت الجمارك فى بورسعيد بهذه المبادئ رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد ، مما جعلها مطمعاً لبعض ضعاف النفوس ، وتم ضرب وتزوير كثير من فواتير الشراء مماجعلها أساس فاشل للتقييم ، كما تم التلاعب في تحديد كثير من الأصناف وأحجامها ، وجاءت الحصيلة الجمركية ضعيفة وغير متوافقة مع الكميات المستوردة ، وبعد دراسة متأنية ومقارنات تاريخية سابقة رآت الادارة الجمركية استعادة طريقة الاعتماد علي الوزن لتفادي طرق التلاعب بالصنف أو الحجم) .
تخريب معدات الكشف
قد يسأل سائلا لماذا لا نطور طرق الكشف عن البضائع من خلال اجهزة الكشف والعد الحديثة بدلاُ من الاعتماد على العنصر البشرى وطرق العد التقليدية والاجابة هنا تأتى على لسان المستشار أحمد أبو حشيش الخبير الامنى فيقول ( مافيا التهريب الجمركى هم من بعض كبار التجار المعروفين والمشهورين ببورسعيد والقنطرة يساعدهم بعض المجرمين والبلطجية وذو السوابق الجنائية وبعض موظفى الجمارك والمستخلصين المرتشين الفاسدين . وقد بسطت هؤلاء العصابات نفوذها وهيمنتها على جمرك بورسعيد وعلى بعض موظفيه الفاسدين وتمكنت من الأفراج عن حاوياتهم بأقل الأسعار بالإكراه المادى والمعنوى وبداخل بعضها أخطر أنواع الممنوعات من مخدرات وسلاح ومواد عذائية مسرطنة . وتمكن هؤلاء المجرمين من تخريب جميع المعدات التكنولوحية الحديثة بجمرك بورسعيد والتى كانت تستخدم فى الكشف عن الترامادول والسلاح وغيرهم ..وذلك بقطع كابلاتها وسرقة أثمن أجزائها .. رغم تواجدها تحت الحراسة الأمنية .. وتقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات . فإحدى هذه السيارات المجهزة بالإكسراى قيمتها ١٧ مليون جنيه تم تكهينها بجوار باب ٢٠ الجمركى بحالة يرثى لها بعد تخريبها منذ أكثر من عام . )
السيسى ليس مرسى
لم يدخر اباطرة الفساد جهداً فى تعكير صفو الاجواء فى بورسعيد فالجمرك من بعد اجازة عيد الفطر يكاد يكون فى حالة شلل تام وتوقفت كل التعاملات بداخلة وتركت أكثر من 390 حاوية تبحث عن اصحابها للإفراج عنها ولا مجيب ولم يترك هؤلاء باباُ الا وطرقوة .. لم يعلم هؤلاء ان هناك تغيراً جذرياً قد حدث فى قيادة البلاد فالقرارات لا يتم اتخاذها عشوائياً ويتم التراجع فيها وهو ما اعتادوه فى عهد المخلوع مرسى نظير اتاوات تدفع فى الخفاء للجماعة لم يعرفوا بعد ان القرارات يتم دراستها جيدا قبل اصدارها والتراجع عنها يكون مستحيل ومع ذلك وصلت بهم البجاحة لدرجة انهم عرضوا التبرع لصندوق تحيا مصر مقابل الرجوع فى القرارات وهو ما لم يلتفت اليه ويقول الدكتور ابراهيم الصياد عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الاحرار ببورسعيد (من الصعب الحديث عن ميناء من اهم موانئ البحر الابيض المتوسط وهو ميناء بورسعيد خاصة اذا كنت مضطر للحديث عن جمارك الميناء وما يمتلئ به من فساد وتلاعب يزداد ضرره كل يوم في اهدار موارد الدولة وضياع متحصلات واجبة السداد للخزانة العامة للدولة الا ان فئة فاسدة من الموظفين والمستخلصين تدفعهم اطماع جشعة لسرقة حقوق الوطن والمواطن بالتلاعب في البيانات الخاصة بالواردات من مواصفات وكميات واسعار ومع كل قرار تصدره الدولة للحد من تلاعب هؤلاء يتم التحايل عل القرارات وممارسة الضغوط لمحاولة ارجائها او الغائها وهو ما يحدث حاليا بعد صدور القرارات المتعلقة بالوزن في الشحنات الواردة يحاول البعض تصوير القرار علي انه تعمد لقتل المنطقة الحرة ببورسعيد والاضرار لتجار بورسعيد الذين سولت لهم انفسهم خلال السنوات الماضية الاستيلاء علي موارد الدولة فيزيدوا هم ثراء ويزيد الوطن والمواطن عوزا و احتياج. يجب علينا ان نتفهم وجهة نظر الدولة في محاربة هؤلاء ويجب علينا ايضا ان نلتفت للدروس الماضية فمثل تلك القرارات صلاحية تنفيذها وتأثيرها لن يدوم طويلا علي اللصوص فسريعا ما سوف تظهر الابواب الخلفية خاصة في ظل غياب غير مبرر حتي الان لدور الاجهزة الرقابية فمن امن العقاب اساء الادب " وقد امن كل فاسد ومفسد في بورسعيد من العقاب"
الحلول المؤقتة
وعلى الرغم من كل ما سبق الا ان هناك فى المدينة العديد من التجار الشرفاء اللذين سوف يتضررون بالتبعية من القرارات الجديدة ومع تيقن الجميع ان المنطقة الحرة الى زوال الا انهم يطالبون بحلول وسط على المدى القريب فيقول أشرف العزبى المستشار القانونى للعديد من الشركات التجارية ( مما لا شك فية ان المنطقة الحرة سوف تنتهى ان عاجلاُ أم أجلاً ولكن يجب علينا ان نتوخى الحذر فى الالغاء التدريجى حتى لا يضار الشرفاء وصغار التجار وفى ذلك أقترح اتخاذ أحد القرارات الآتية ١ - ربط الحصص الإستيرادية للبطاقات الإستيرادية بالوزن وليس بالقيمة لتفادى مشكلة نقص الكمية المسموح استيرادها برسم المنطقة الحرة وفقاً للنظام الجديد. ٢ - السماح للمستورد بتجميع بطاقات الحصص الإستيرادية الصغيرة فى حصة واحدة لفترة زمنية محددة 3 ـ إصدار السيد رئيس الجمهورية قرار جمهورى بتعديل حصة المنطقة الحرة ببورسعيد لتواكب الزيادة الفعلية السوقية للسلع والتى لم تعدل منذ نشأة المدينة الحرة لأكثر من أربعون عاماً )
نقلا عن المصور
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com