علي سالم
هو طبيب مسيحي افتتح أول عيادة في العريش منذ ثلاثين عاما، أنشأ بعد ذلك أول مدرسة لغات في العريش. أحب سيناء وأحبه أهل سيناء، أخيرا تم اختطافه بواسطة عصابة من المجرمين. وخطف البشر هذه الأيام، خاصة الأطباء والصيادلة المسيحيين، بضاعة رائجة في صعيد مصر. وبعد خطف الطبيب تبدأ على الفور جولات التفاوض مع أهله
وتبدأ المساومة وعمليات الفصال التي يحاول فيها كل طرف تقليل خسائره لحدها الأدنى. اتصلت العصابة بعائلة الطبيب وطلبوا عشرة ملايين من الجنيهات، ثم سمحوا للطبيب بأن يحدث ابنه وزوجته من خلال تليفونه. استغرقت هذه المكالمات ساعات طويلة على عدة مرات. أحد الحلول التي عرضتها العصابة هو أن يسلم ابنه الطبيب الشاب نفسه للعصابة بدلا من والده وذلك لكي تضمن العصابة أن الأسرة لن تتلاعب بها.
كل هذه المعلومات قالها الابن الشاب في عدد من الفضائيات، كما لم ينسَ بالطبع ككل أهل المخطوفين أن يشكر أجهزة الأمن في العريش لكل ما بذلوه من جهد في هذه القضية. عند هذا الحد من الحكاية لا بد أن يثور في عقلك سؤال: ألا توجد عند أجهزة الأمن أجهزة تتبع فنية تجعل من السهل عليهم الوصول إلى مكان الطبيب المخطوف؟
عندهم بالطبع، غير أن هذا السؤال لا بد أن يقودك إلى سؤال آخر: كل رجال العصابة بالطبع يعرفون بوجود أجهزة لتتبع المكالمات عند أجهزة الأمن، فكيف غامروا بالسماح للطبيب بالتحدث مع ابنه وزوجته بالساعات الطوال؟ هذا السؤال حيّر المذيع لدقائق، غير أن ضغط الوقت في البرنامج جعله لا يهتم بالوصول إلى إجابة له. الإجابة التي توصلت إليها هي: العصابة ليست مهتمة بحكاية التتبع هذه، مع أنهم على يقين بأن هذه الأجهزة الفنية قادرة على تحديد مكان وجودهم بأكبر قدر من الدقة
كما أن العصابة على يقين أيضا من أن الأمن المصري سيكشف مكانهم بسهولة، لكنها على يقين أيضا بأنه - الأمن المصري - لن يقترب منهم.. لأنهم خارج حدود مصر. لقد خطفوا الطبيب وخرجوا عن طريق الأنفاق إلى خارج حدود مصر. أنتقل إلى واقعة أخرى
ذبح شاب مصري من قبيلة السواركة، فكان بذلك الشاب الخامس الذي تذبحه الجماعات الإرهابية. فعلوا ذلك بعد اتهامهم بأنهم يتعاملون مع إسرائيل، وحتى الآن لم يتم القبض على القتلة. وأستبعد قدرتنا على الوصول إليهم لأنهم يحتمون بحدود أخرى وبسلطة أخرى. في أحد التحقيقات الصحافية عرفنا أن الزبائن في العريش يطلبون من محلات البيتزا في العريش فتصل إليهم ساخنة.. هل ما زلت تسأل عن مكان الطبيب المخطوف؟
على حماس أن تحدد موقفها من مصر والمصريين، لست أقصد بذلك تذكيرهم بالدور الذي لعبته وتلعبه مصر من أجل أهل غزة، أنا فقط أقوم بتنبيههم إلى أنه يجب ألا يلعبوا مع مصر دور نصف العدو ونصف الصديق.
أنا أؤمن بقوة الشرعية في السياسة، لقد جاء الوقت الذي يطلب فيه رئيس وزراء مصر من رئيس السلطة في غزة إغلاق الأنفاق والاستغناء عنها كمصدر من مصادر الدخل. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يتمكن بها الأمن المصري من العثور على المجرمين وتقديمهم للعدالة. ما دامت هذه الأنفاق ظلت مفتوحة، فستستمر في سيناء كل أنواع الجرائم.
نقلآ عن الشرق الأوسط
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com