ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الجميع يقتلون الجميع

علي سالم | 2014-09-22 08:39:47

علي سالم
الرياض.. طلب منى الطبيب البقاء لعشرة أيام على الأقل لمتابعة آثار العلاج الجديد. قلت له: سأكون سعيدا بأن تقرر لى العلاج ويتابعنى طبيب فى القاهرة.

فرد فى قلق: «هل تستطيع الوصول إليه فى أى لحظة.. هذا الدواء له آثار حادة تتطلب الانتقال فى أى لحظة إلى المستشفى.. هل تستطيع الوصول إلى طبيبك فى القاهرة فى أى وقت؟».

أجبت: نعم.

صاحت زوجتى: «نعم إيه..؟.. هل تذكر عندما أغمى عليك فى المطعم؟.. لقد حاولت الاتصال بالإسعاف وفشلت، حتى لو جاءت سيارة الإسعاف.. هل تضمن أن تشق طريقها بسهولة بين المظاهرات.. هل ستتحمل أنت رائحة الغاز؟».

أنا حاصل على جائزة الشجاعة المدنية، غير أنى مثلك تماما، تغادرنى شجاعتى فى بداية أى صدام مع زوجتى. رضخت لها ولأوامر الطبيب بمستشفى الملك فيصل التخصصى، خاصة عندما قال لى إنه لا ضرورة للبقاء فى المستشفى، يكفى أن أقيم فى الفندق القريب.

فى الفندق، أتابع الأخبار. الشيعة يقتلون السنة.. السنة يقتلون الشيعة.. بعض السنة يقتلون السنة وبعض الشيعة يقتلون الشيعة. الحوثيون يقتلون اليمنيين وهم أيضا يمنيون.. اليمنيون يقتلون الحوثيين. العشائر فى العراق يقتلون رجال القبائل.. قوات الصحوة تقتل قوات الصحوات، وقوات الجيش التابعة للدولة بفرض وجودها. من فضلك لا تطالبنى بالدقة، فأنا عاجز عن الإلمام بما يحدث. قوات «داعش» تقتل أفراد الجيش السورى الحر ثم تقتل الشعب السورى. الجيش الحر يقتل أفراد «داعش». هل نسيت مصر؟.. لأ طبعا..

جماعة الإخوان حريصة على إخراج الناس إلى الشارع ليَقتلوا ويُقتلوا. المؤرخ لن يشعر بالحيرة عند اختيار اسم لهذه المرحلة. هل تذكر عصر القتل؟ سيقول المؤرخ: «هذا عصر القتل.. الجميع يقتلون الجميع». وربما يكون أكثر دقة فيقول: «هذا عصر القتل والالتذاذ به». فى الفندق.. عاجز عن النوم. أمسكت بالريموت كنترول باحثا عن فيلم. رجال عصابات، لقد بدأ الفيلم منذ قليل.

لا بأس أنا حكاء ورجل دراما، سأعرف ما فاتنى بسهولة. أطلق فرانك النار على ستيف فأصابه فى مقتل، غير أن ستيف تمكن قبل أن يموت من إصابته بطلقة واحدة لم تصبه بل أصابت جون الذى ترنح وسقط على الأرض فى اللحظة التى دخلت فيها كاترين.. نزعت من يده المسدس وأجهزت على جون وستيف وفرانك.

بيتر يطارد جيمس بالسيارة، والشرطة تطارد الاثنين. عدد لا بأس به من القتلى والسيارات المحطمة. يسقط جيمس بالسيارة من فوق الكوبرى إلى النهر. سيغرق حتما.. ولكن يظهر لنش سريع تقوده كاترين، ينتشله من الماء. طبيب العصابة يحاول إنقاذه لكنه يموت. كاترين تقتل الطبيب، وتقسم على قتل بقية أفراد العصابة، وهو ما يحدث فعلا.

كل أبطال الفيلم قتلوا ما عدا المخرج والمنتج. انتقلت لبرنامج يكتشف نجوم الغناء الجدد.. الحمد لله لم يقتل أحد منهم الآخر، ربما يحدث ذلك خارج الاستديو. لا أعرف كيف نمت، فى الصباح. لم يقتلنى أحد ولم أقتل أحدا. لم يقتل أحد موظف الاستقبال، «البيلمان» يقف فى مكانه، العاملون فى المطعم بخير، الزبائن لم يقتل منهم أحد.. الحمد لله، هناك بقعة آمنة فى شرقنا العربى.

من كتاب «قزقزة فى لب الموضوع»
نقلآ عن المصري اليوم
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com