لطيف شاكر
يقول توماس ارنولد المؤرخ في كتابه اوربا في العصور الوسطي ترجمة د.سعيد عبد الفتاح :
ان حركة التوسع العربي كان عبارة عن هجرة جماعة بسيطة دفعها الجوع والحرمان الي ان تهجر صحاريها الجرداء وتجتاح بلاد اكثر خصوبة كانت ملكا لجيران اسعد حالا وحظا منهم
ويقول عمرو بن العاص في احتلاله لمصر : نحن العرب من اهل الشوك والقرظ ..كنا اشيق الناس ارضا .وشره عيشا نأكل الميتة والدم ويغير بعضنا علي بعض ..فلو تعلم ماورائي من العرب ماأنتم فيه من العيش لم يبق احد الا جاء ..(شمس الدين الذهبي سير اعلام النبلاء)
ويقول ابن خلدون عن العرب فصل 26: ان العرب اذا تغلبوا علي اوطان اسرع اليها الخراب فطبيعتهم انتهاب ما في ايدي الناس وان رزقهم في ظلال رماحهم وليس عندهم في اخذ اموال الناس حد ينتهون اليه بل كلما امتدت اعينهم الي مال او متاع او ماعون انتهبوه امثلة بسيطة عندما قام صاحب اخنا لعمرو بن العاص :اخبرنا ما علي احدنا من الجزية فنصير لها فقال عمرو وهو يشير الي ركن كنيسة لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم وإن خفف عنا خففنا عنكم يقول المقريزي في المواعظ والاعتبار ج1 : أن عمراً أعلن لأهل مصر: أن من كتمنى كنزاً عنده فقدرت عليه قتلتهوقيل له أن قبطياً من الصعيد اسمه بطرس لديه كنز فرعونى فحبسه عمرو واستجوبه فأصر على الإنكار
وعلم عمرو مكان الكنز فاستولى عليه وقتل المصرى وعلق رأسه على باب المسجد، فارتعب الأقباط ومن كان عنده كنز أسرع بتسليمه إلى عمرو ان الغزو هو فكرة العربي الذي نشأ علي الاغارة والحرب والغزو فيعتقد انه السلوك الارقي طالما يمكنه من الحصول علي احتياجاته وزيادته علي حساب الناس ويضعه في مكان السيادة فيسمي القتل فروسية والغزو جهاد في سبيل الله والقتل شجاعة وذبح الرقاب بطولة "سناء المصري في هوامش الفتح العربي"
وقد جاء بمروج الذهب للمسعودي : ان عمرو بن العاص عندما مات ترك ثروة عبارة عن رقبة جمل مملوءة بالذهب و70 بهارا دنانير وعشرين جلد ثور ملء الواحدة اردبان فضة وغلة بمائتي الف دينار وضيعة قيمتها 10 مليون درهم وهكذا كل الولاة بلا استثناء والمقال لايسمح بالاستفاضة لانهم كثر
ويعلق ابن ظهيرة علي هذا الوضع في كتابه الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة : ولم تزل ملوك مصر ورؤوساءها من عمروبن العاص والي وقتنا هذا يجمع كل واحد منهم اموالا لاتدخل تحت الحصر وكذا الامراء والوزراء والمباشرين علي اختلاف طبقاتهم كل منهم يأخذ اموالا لاتحصي في حياتهم.
ولكي اثبت ان الهدف هو المال والنهب والسلب : لما راي هرقل ماكان من استيلاء العرب علي سوريا خاف علي مصر التي لم يبق له من الشرق سواها لئلا يلحقها مالحق غيرها واراد ان يستبقيها له فعقد معاهدة مع الخليفة عمربن الخطاب مؤداها ان يدفع الي خزينة المسلمين جزية سنوية قدرها 200 الف دينار نظير تغاضيهم عن غزو مصر وبعد ثلاث سنوات لم يدفع هرقل المبلغ المتفق عليه فاعتبرت المعاهادة لاغية . وبالغاء المعاهدة تم تنفيذغزو مصر وسهل له ذلك بقوله ان في فتحها عونا عظيما للمسلمين فهي اكثر الارض اموالا واجزلها خيرا (يوحنا النقوسي + ساويرس بن المقفع تحقيق المؤرخ عبد العزيز جمال الدين)
يرسل عمربن الخطاب الي عمرو بن العاص كتابا يقول : اعمل فيه "حفر قناة امير المؤمنين"وعجل أخرب الله مصر في عمران المدينة" الطبري ج4 ص 100+السيوطي حسن المحاضرة ص63
يقول سليمان بن عبد الملك لاسامة بن زيد :احلب حتي ينقيك الدم فاذا انقاك الدم حتي ينقيح القيح لاتبقيها لاحد بعدي (المقريزي المقفي الكبيرص)39
جنون الاسنزاف الذي سيطر علي الخليفة العربي جعله لايقنع بمجرد حلب اللبن فطالب متولي الخراج بحلب الدم ثم لايكتفي بحلب الدم فيطالبه بحلب صديد الجروح العميقة حتي يترك البقرة اي مصر جثة هامدة ليس فيها شئ بعده
يقول الكاتب الكبير الاستاذ طلعت رضوان في مقال الغزو العربي وكيف تعامل معه المؤرخون الاتي تاريخ الغزو يمتلئ في كتب كتبها مؤرخون مؤمنون بالعروبة والاسلام ولكنهم قلة التزمت الامانة في نقل وقائع الثورات وقمعها بوحشية ونهب خيرات مصر الذي فاق مافعله كل الغزاة السابقين .
ان العقل الحر القارئ لهذه الوقائع يؤمن أن الغزو العربي كان هدفه نهب ثروات مصر مثل اي محتل اجنبي وليس نشر الاسلام كما يردد اصحاب المباخر علي حد قول استاذ خليل عبد الكريم
ويستطرد قائلا :قبل التطرق لمشاهد وتاريخ الغزو الإسلامى سنجد أنفسنا أمام إشكالية وملابسات تطرح نفسها من خلال مشهد تاريخى محدد سيُبدد فكرة نشر الدين الإسلامى بين الشعوب , فالغزو الإسلامى لمصر كان فى عهد عمر بن الخطاب وبقيادة عمرو بن العاص ولم يكن حينئذ فى يد الغزاة نسخة من المصحف حتى يقدموها لشعب مصر كبيان لرسالة جديدة تطلب الإيمان والقبول
فقد تم تجميع المصحف لاحقاً فى عهد عثمان بن عفان مقولة أن الغزوات الإسلامية كانت لنشر الدين الإسلامى ليس لها ما يمنطقها , فمن أساسيات الدعوة أن يتم تقديم المصحف لكى تتطلع عليه شعوب هذه البلاد مصحوباً بمتطوعين من الدعاة للتبشير بالدين الجديد قبل الغزو لتكون القوة العسكرية هنا مُبررة بدعم المؤمنين الجدد من بطش الحكام الوثنيين ...
ولكن هل هذا حدث ؟!!.. هل تم تسريب حفنة من المصاحف والدعاة قبل الغزو الإسلامى لتنخرط شرائح من الشعب المصرى فى الإيمان بالإسلام وتنتشر بؤر المؤمنين مما يستدعى حمايتهم وتقديم الدعم لهم وتشجيع الغير مؤمنين على إعتناق الدين الجديد ؟!! .. بالطبع لم يحدث لأنه ببساطة شديدة لم يكن هناك مصحف فى يد الغزاة ولم يكن هناك دعاة بل جنود يحملون سيوفاً ودروعاً تأمل فى الغنائم والسبى وقادة يأملون فى الجزية والخراج لتظهر الملامح الحقيقية لهذا الغزو بدون رتوش فهو إستعمارى توسعى ناهب بدون أى هالات تستره
يقول عمرو بن العاص الفاتح كنور مصر والمحتل لارض مصر عندما عزله عثمان بن عفان عن خراج مصر أكون كماسك البقرة وغيري يحليها
يقول النيقوسي :فانه لم يدخر عمروبن العاص وسعا لتحقيق هدفه واستخدام كل وسائل الحرب في عصره كما يقتضي منطق الغزو لاخضاع البلد المطلوب ربما كان الحرق او التهديد بالحرق اكثروسائل عمرو بن العاص الموجهة ضد مقاومة العزل من سكان المدن اما تلك التي سلمت سريعا فقد كان يضاعف الضرائب ثلاثة امثال كعلامة من علامات الخضوع
فالغزو لم يكن قضية الاسلام وليست قضية اختلاف الاديان علي سبيل المثال دخل اهل الحرس الاقباط الاسلام لانهم كانوا ميسورين الحال وارادوا الاحتفاظ بثرواتهم واتقنوا اللغة العربية ونبغوا في علوم الفقه والتفسير وغيرها من العلوم العربيةوتبنوا الثقافة العربية قلبا وقالبا وصاروا نموذجا للمصري الحامل للعقل العربي ومع هذا لم يشفع لهم كل هذا بل اصرت الروح القبلية المتعصبة علي ان تضعهم في مرتبة ادني
رغم ان العرب كانوا يسكنون ارض القبط وينعمون بثروات القبط وياكلون مما يزرع القبط الا ان انهم ترفعوا عليهم وكأنه من المسلمات الطبيعية لدي العرب ان يعمل القبط للعرب ويكونون في نفس الوقت عبيدا لهم وفي ادني درجة ذميين لاارادة لهم (المؤرخ عبد العزيز جمال الدين تاريخ مصر وسناء المصري هوامش الفتح العربي) ويذكرابو المحاسن بن تغري في النجوم الزاهرة في وصف عمروبن العاص لمصر فيقول :
اهل ملة محقورة وذمة مخفورة يحرثون بطون الارض ويبذرون بها الحب يرجون بذلك النماء من الرب لغيرهم ماسعوا من شقائهم وفي موضع آخر يقول واصفا مصر: اذ هي لؤلؤة بيضاء عنبرة سوداء فاذا زمردة خضراء فاذا هي ديباجة رقشاء فتبارك الله الخالق لما يشاء ويصفها ايضا :بان نيلها عجب وارضها ذهب وخيرها جلب وملكها لمن سلب ومالها رغب وفي اهلها صخب وهي لمن غلب وفي مخطوطة قبطية قديمة تقول :تلك الامة تحب الذهب والفضة والنساء والخيل ولذات الحياة
هذا غيض من فيض والبقية تأتي...,
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com