بقلم عادل نعمان
قالوا إن تطبيق الحدود رادع لحفظ الأمن ومنع الجريمة، قلنا فى الحاضر مستحيل. المشكلة الأولى إثبات وقوع الجُرم بشروطه الشرعية، والثانية قسوة تنفيذ الحد وأثره النفسى السيئ على الأسرة.
اولاً: حد الزنا: القرآن يقول «وَاللَّاتِى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» والآية الأخرى «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»..
١- الآية الأولى إثبات الواقعة على المرأة وحدها وذلك لهروب الرجل، أو عدم معرفته أثناء المواقعة، وليس السجن، والآية الثانية إثبات الواقعة للمرأة والرجل والإمساك بهما أو معرفتهما.
٢- شروط إثبات واقعة الزنا، شهادة أربعة ذكور، عقلاء، مشهود لهم بحسن السمعة، مسلمين، ويقسم الأربعة برؤية واقعة الزنا تامة، وأنهم رأوا المواقعة «كالمرود فى المكحلة» ولا يجوز أن يُقر ثلاثة على دخول المرود فى المكحلة والرابع رأى الرجل عارياً على بطن المرأة «طالع نازل» ولم ير المرود فى المكحلة تسقط شهادتهم، ويقام عليهم حد رمى المحصنات. ولذلك استاء العرب من هذا الحكم وقالوا إذا دخل الرجل على امرأته ووجد رجلاً على بطنها فيتركها ليبحث عن أربعة شهود عدول مسلمين حسنى السمعة وحين يعود يجد الرجل قد قضى حاجته وشهوته وانصرف، فإن قتله قُتل به، وإن قال وحدث عن الواقعة دون شهود أقيم عليه حد رمى المحصنات.
٣- ليس هناك فى القرآن حد للرجم ولا حديث صحيح فى هذا الشأن، والفقهاء أعادوا الأمر إلى «نسخ آية الرجم» على أن يبقى العمل بحكمها وهى «والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما»، فإن كانت الآية قد نُسخت فأين الآية كآيات كثيرة فى القرآن منسوخة، وكلمة الشيخ والشيخة ليست لغة القرآن فلغته «والزانى والزانية». والحادثة المشهورة بالرجم هى حادثة الغامدية اليهودية التى استشاروا الرسول (ص) فى إقامة الحد عليها لمحاولة تخفيفه، فهو حكم الديانة اليهودية «الرجم» وليس حكم الإسلام. وكانت الآية «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ»، وهى خاصة باليهود.
٤- لا يوجد فى الشريعة الإسلامية تعريف للاغتصاب، فأى امرأة تدعى أن رجلاً اغتصبها دون أربعة شهود ذكور، مسلمين، عدول، حسنى السمعة، ورأوا «المرود فى المكحلة» رأى العين لكل شاهد، ولم تستطع المرأة إثبات ذلك يوقع عليها حد الزنا، وبعض الدول ترجم المغتصبة والبعض يسجنها حتى يتوفاها الموت. مئات الباكستانيات الحوامل المغتصبات فى السجون.
٥- إذا استحال على الرجل إثبات واقعة الزنا على زوجته للشروط السابقة، وإذا قتل الرجل الزانى قُتل به، وإذا تقدم بشكواه دون أربعة شهود أقيم عليه الحد، يُصبح مباحاً للزوجة تكرار ما حدث. وإذا استحال على المرأة إثبات واقعة الاغتصاب يقام عليها الحد، يُصبح لأى رجل اغتصاب أى امرأة دون خوف أو عقاب. مسكينة المرأة إذا زنت وأثبتت عليها واقعة الزنا يقام عليها الحد، وإذا اغتُصبت ولم تُثبت واقعة الاغتصاب أقيم عليها الحد أيضاً.
ما نراه استحالة إثبات واقعة الزنا والاغتصاب من الناحية الشرعية فى الوقت الحاضر، وما كان يصلح فى الماضى لا يصلح الآن، وما دام الحكم لا يُنفذ تصبح الجريمة قابلة للتنفيذ مما يجعل إثبات واقعة الجُرم وفقاً لأساليب العلم الحديثة وإقامة العقوبة وفقاً للقانون الوضعى أمراً مقبولا. والله أعلم.
نقلآ عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com