بقلم زاهى حواس
قرأت حواراً للدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، يعلن فيه بوضوح رفضه وجود وزارة للآثار منفصلة عن الثقافة؛ ومما قاله فى حواره أن وزارة الآثار قد أنشئت لشخص معين وخصَّنى بالذكر، وأضاف أن الآثار يجب أن تتبع وزارة الثقافة.. وأعتقد أن الدكتور عصفور قد بنى موقفه هذا على أكثر من سبب،
أهمها حرمان وزارة الثقافة من نسبة الـ ١٠% التى كانت تحصل عليها من صندوق الآثار؛ مساهمة منها فى المشروعات الثقافية! ولابد هنا من مناقشة بعض النقاط المهمة والتى تمس موضوع ارتباط الآثار بالثقافة.
أولاً: كانت هناك رغبة ملحة بين الأثريين والعديد من المثقفين المصريين بضرورة فصل الآثار عن وزارة الثقافة، وأن الآثار يجب أن يكون على رأسها أثرى متخصص.. وآخر مناقشات دارت حول هذا الموضوع كانت ببرنامج (حالة حوار) للكاتب عمرو عبدالسميع، وقد كان رأى البعض هو فصل الآثار عن الثقافة.
وكان رأيى الشخصى هو ضرورة أن تدار الآثار عن طريق مجلس أعلى للآثار يرأسه أثرى بدرجة وزير. ولا يتم تغييره مع كل تشكيل وزارى لكى يتفرغ تماماً لعمله، ولكى لا تكون هناك صلة بين السياسة والآثار. وقد قلت هذا الكلام بالنص أيضاً للدكتور عصام شرف عندما طلبنى لتولى الوزارة فى حكومته السابقة.
وقلت أيضاً إن فاروق حسنى - كوزير للثقافة وقت أن كانت تتبعه الآثار- كانت لديه رؤية جيدة، وهو فنان يعشق الآثار وقادر على إدارتها؛ وقد استطاع أن يقوم معنا بعزف سيمفونية عمل رائعة فى مجال تطوير المتاحف والمناطق الأثرية تطويراً شاملاً. وجعل من متاحفنا لوحة فنية رائعة، ووقف معنا نحن الأثريين وتبنى مواقفنا وقضايانا، ونجحنا معاً فى وقف العديد من المشروعات التى كانت تهدد مناطقنا الأثرية مثل وصلة الطريق الدائرى التى كان من المفترض أن تقطع الجبانة المنفية وتفصل بين جبانتى أهرامات الجيزة وجبانة أهرامات أبوصير وسقارة! وكذلك عدلنا مسار الطريق الغربى لكى لا يدمر جبانة أبيدوس – أقدم جبانة أثرية فى مصر.
ولعل الناس ما زالت تذكر المعارك التى خضناها فى مجلس الشعب بسبب قانون الآثار.. وقلت: هل يضمن أحد أن يكون وزراء الثقافة على نفس درجة الاهتمام ووضع مصلحة الآثار فوق أى اعتبار إذا أدارها غير الأثرى؟! بالطبع أنا لا أشكك فى إمكانيات أحد ولكن أفضل حل للآثار هو أن نبعد بها عن السياسة وتقلباتها ونحقق لمن يتولاها الاستقرار لكى يتفرغ لإدارة أعز ما تملك مصر من ميراث وتراث. إن الساعات الطويلة التى يقضيها وزير الآثار فى اجتماعات مجلس الوزراء عمله يحتاجها أكثر من أى شىء.
أما بخصوص نسبة الـ ١٠% التى تحصل عليها وزارة الثقافة من دخل الآثار؛ فكلنا يعلم حاجة آثارنا الفرعونية والإسلامية والقبطية لكل قرش لينفق على الترميم والتطوير، أما المشاريع الثقافية فيجب أن تدعمها الدولة لأن ثقافة مصر هى الواجهة التى يعرفنا العالم من خلالها، ولا يجب أن يكون على حساب الآثار.
أما كونى توليت وزارة الآثار فى حكومتين سابقتين فلم يكن مطمعاً لى ولم أسع فى يوم لتولى وزارة أو منصب سياسى، فأنا أثرى عملى الذى أتقنه وأعشقه هو الحفائر وترميم الآثار بين زملائى وأبنائى الأثريين.
إن وجود مجلس أعلى للآثار يرأسه أثرى بدرجة وزير هو اختيار مهم فى سبيل أن نحافظ على التراث والآثار.
نقلآ عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com