ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

حكاية من التوراة

بقلم : على سالم | 2014-10-11 11:25:47

فى زمن قديم جداً، وعلى الأرض التى نسميها الآن ساحة الصراع العربى الإسرائيلى، كان يوجد طول الوقت الصراع العبرانى الكنعانى، وطبقاً للتوراة أحب شاب كنعانى فتاة عبرانية، وكعادة كل القبائل القديمة وربما المعاصرة أيضاً، كان من المحرم أن تتزوج فتاة من خارج القبيلة، كان شيخ القبيلة العبرانية هو يعقوب الملقب بإسرائيل، وفى لحظة حكمة نادرة فى التاريخ، زاره شيخ القبيلة الكنعانية ليطلب منه يد الفتاة، وقال له: لست أرى سبباً يمنعنا من الزواج منكم كما لا أرى سبباً يمنعكم من الزواج منا.. الأرض واسعة.. والمياه وفيرة.. وخير ربنا كتير.. نستطيع أن نتزوج من بعضنا البعض وبذلك يتأكد السلام بيننا.. ماذا تقول فى ذلك؟

طلب يعقوب من شيخ القبيلة الكنعانية أن يمهله بعض الوقت لكى يستشير أفراد قبيلته فى هذا المشروع الذى بالتأكيد سينهى العداوة بينهم على نحو قاطع. كان من المستحيل على يعقوب أن يتخذ بمفرده قراراً على هذه الدرجة من الخطورة والأهمية، لذلك جمع رؤوس القبيلة أو لعله جمع أفراد القبيلة جميعاً وطرح عليهم المشروع، من الواضح أنه كان هو شخصياً موافقاً على أن تتزاوج القبيلتان، وأنه يرى أن هذا التزاوج سيكون سبيلا لرفاهية القبيلتين، وكما يحدث فى كل الاجتماعات التى تتناول الشأن العام ظهرت جبهة معارضة قوية وكانت لها أسبابها المقنعة، أما أخطر هذه الأسباب وأكثرها أهمية فهو أن الكنعانيين لا يعرفون عادة الختان.. فكيف نزوج فتياتنا لشبابهم الذى لم يتختن؟ كيف نتنازل عن مقدساتنا وعاداتنا التى هى صلب عقيدتنا؟

وبحكمة شيوخ القبائل كان يعقوب يدرك أن الأسباب التى تمنع هذا المشروع تتخطى هذا السبب، وأن ما يمنعهم من الموافقة على هذا المشروع هو الكراهية وليس عادة الختان. ومع ذلك قابل الشيخ الكنعانى وأبلغه بنتيجة مشاوراته مع حكماء قبيلته: أنا آسف يا عزيزى.. نحن مختلفان.. فنحن نقدس الختان ونعتبره طهارة بينما أنتم لا تفعلون.. هكذا ترى أن ما يفرقنا أكبر بكثير مما يجمع بيننا.. هل أنتم على استعداد لممارسة عملية الختان.. بمعنى أدق.. هل رجال قبيلتكم جميعا على استعداد لأن يتختنوا؟

عاد شيخ القبيلة الكنعانى إلى مضارب قبيلته وهو يشعر بالإحباط، غير أنه كان قد اتخذ قراره، إذا كان الختان شرطاً لصنع السلام والرفاهية بين القبيلتين، فلا بأس.. عليه أن يقنع رجال قبيلته بذلك.

لست أعرف على وجه التحديد الوسيلة التى لجأ إليها ذلك الشيخ الكنعانى لإقناع رجال قبيلته بإجراء هذه العملية الجراحية المؤلمة غير أنه نجح بالفعل فى إقناعهم، كل الذكور من كل الأعمار قاموا بإجراء العملية. وفى اليوم الثالث من العملية عندما تكون الآلام على أشدها، فى ذلك اليوم الذى يعجز فيه الإنسان عن الحركة من شدة الألم، تسلل عدد من الشبان العبرانيين وهجموا عليهم فقتلوهم جميعاً بغير مقاومة. انتصرت الكراهية والخبث على حسن النوايا عند الشيخين المسؤولين عن القبيلتين بعد أن قام هؤلاء الشبان غير المسؤولين وغير الملتزمين بانتهاك قرار شيخهم مما أفسد كل مشاريع السلام بين الطرفين.

شعر يعقوب بالعار لعجزه عن فرض القرار الذى اتخذه لصالح قبيلته والقبيلة الجارة ولصالح الحياة والمستقبل فلم يكن أمامه إلا أن يغادر المكان هو وأفراد قبيلته ليقيم فى أرض أخرى بعيداً عما يذكره بهذه الفعلة التى نالت من سمعته وسمعة قبيلته. لم يتزوج الشاب الكنعانى من الفتاة التى أحبها، ولم يحدث السلام بين القبيلتين والشىء الوحيد الذى بقى نشطاً وفاعلاً على الأرض هو الكراهية والرغبة الحارقة فى الثأر.

من كتاب «قزقزة فى لب الموضوع»

نقلا عن المصري اليوم

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com