بهدوء ومن دون أى انفعال أو بحث عن مصالح أو مكابرة بالقدرة على ضبط كل شىء فيما يتعلق بالجامعات المصرية وأسلوب التعامل مع الشباب فيها، دعونى أطرح عليكم رؤيتى التى سبق وذكرتها العام الماضى -وما زلت مؤمنة أنها الطريق الآمن لتحقيق التغيير المنشود فى أخلاقيات وسلوكيات وفكر شباب هذا الوطن- وتتلخص فى إلغاء العام الجامعى لجميع المراحل هذا العام وعمل مشروع ضخم لإعادة تأهيل أبنائنا ودعم مشاعر الانتماء بداخلهم وشرح الجغرافيا والتاريخ وحقيقة الدين لهم من خلال معسكرات فى كل مدن الجمهورية المصرية.
دون أن يقتصر التدريس فيها على أساتذة الجامعات وحدهم، ولكن يمتد للمتخصصين فى السينما والمسرح والموسيقى والنقد الفنى والأخلاق والجمال والفلسفة والمنطق والإبداع والتصميم والديكور. ليس هذا وحسب، فيجب ألا يقتصر الموضوع على التلقين من جانب واحد -المتخصصين- ولكن يجب أن يكون سير العملية فى الاتجاهين؛ نعلمهم ونمنحهم المعرفة، ونستمع لهم ونجادلهم بالتى هى أحسن، ونعترف لهم بتفوقهم علينا إن فعلوا، وامتلاكهم الصواب إن أجادوا. ويضاف لكل ما سبق استثمار طاقات هؤلاء الشباب فى المشاركة فى محو أمية المحيطين بهم فى مناطق وجودهم ومنحهم الحرية من الجهل، أو المشاركة فى مشروعات تخدم البيئة والاستثمار بشكل تطوعى.
لن تخسر مصر شيئاً إن فعلت هذا فى ظل تراجع الأخلاق والفكر والتعليم بين شباب الجامعة، بل ستكسب من هذا الكثير إن فكرنا بهدوء. فمن ناحية سنتمكن من وقف نزيف الخريجين السنوى لسوق لا تحتاج غالبيتهم لعدم تأهيلهم لها، وبالتالى سنتمكن من دراسة هذه السوق والإعداد الجيد لها خلال عام، ودراسة التغيير الذى تحتاج له الجامعات المصرية وطرق التقدم لها والدراسة بها على مستوى الطالب والأستاذ. ومن ناحية أخرى سنعيد ترتيب أفكار شباب وأولويات الحياة بالنسبة لهم. سيكون ذلك يا سادة بمثابة مشروع مصر القومى لإنقاذ مستقبلها عبر إنقاذ فكر أصحاب هذا المستقبل وتطويره. فلن يضيرنا إغلاق الجامعات لحين فتح العقول والضمائر خلال هذا العام. وأذكركم وأذكر نفسى أنه فى أعقاب إطلاق السوفيت لصاروخ يورى جاجارين للفضاء عام 1968، فأعلنت الولايات المتحدة حالة الطوارئ فى البلاد للإجابة عن سؤال واحد كيف سبقهم السوفيت فى هذا المجال؟
وأدركوا بعد بحثهم أن هناك خطأ فيما يُقدم للأطفال والشباب الأمريكان، فأعلنت الإدارة الأمريكية وقتها شعار «أمة فى خطر» لمجرد إعادة تأهيل وصياغة عقول الشباب الأمريكى وتزويده بالعلم والمعرفة. نحن أيضاً أمة فى خطر، وإن اختلف منظوره، فنحن الآن لا نسعى للصعود للقمر ولكن لتأهيل شباب هذا الوطن وإعادة صياغة فكره وهو أخطر من الصعود للقمر والتجول فى الفضاء. خذوا قراركم بإغلاق الجامعات جميعها لمدة عام وأعدوا لشبابنا برنامجاً لتعليمهم كيف يحيون حياتهم ويحافظون على حرياتهم من دون أن يخسروا بلادهم. علموهم كيف يكونون بنائين لا هادمين. امنحوهم فرصة ليكتشفوا أن مصر بهم أقوى بلاد الأرض ومن دونهم.. ربنا يستر.
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com