العصر الحجرى القديم بدأ منذ ٢ مليون سنة، وانتهى فى ١٢ ألف سنة قبل الميلاد، حتى يبدأ العصر الحجرى الحديث من ١٢ ألف سنة، وينتهى ما بين أربعة آلاف سنة، وألفى سنة قبل الميلاد.
انتهى العصر الحجرى القديم بأمطاره وغاباته، التى عاش عليها أجدادنا المصريون، ارتحلت القبائل المصرية نحو النهر، وكانت قبائل النيلوس والچبتانا من أكبر القبائل فى هذا الزمن البعيد.
تعلمنا من النيل الوحدة والتوحد حتى نزرع ونروى ونحصد ونصد خطر الفيضان، فأصبحنا فى رباط إلى يوم الدين (١٩٧٣، ٢٥ يناير، ٣٠ يونيو).
تعلمنا من النيل التشبث بالأرض، فأصبحت هى الوطن، وهى الاستقرار، وهى الحدود، وهى الهوية، لأن الهوية بالأرض، وليست بدين أو لغة أو فترة احتلالية استعمارية طالت أم قصرت.
فاض علينا النيل بالطمى، فكانت الزراعة سلة خبز العالم، وكانت الوفرة، ومن الوفرة كانت مكارم الأخلاق، وحب الحياة، فكان لابد من حياة بعد هذه الحياة، فكان الإيمان، ومحاكمة الروح، وقانون الأخلاق.
كان لابد من التحنيط للإبقاء على الجسد، حتى تتعرف عليه الروح عند البعث، ولأن التحنيط لم يكن دقيقاً فى الدولة القديمة، فكان الرسم (رسم وجه المتوفى) والتماثيل (للمتوفى)، حتى تستدل عليه الروح، فكان الإنسان المصرى الفنان، كما كان الجراح الماهر لدرايته بدقائق الجسم البشرى خلال التحنيط.
عاشت الحضارة المصرية آلاف السنين لأنها قامت على دعامتين:
أ ــ العدل أساس الملك.
ب ــ الكل أمام القانون سواء بسواء.
هذه العدالة الاجتماعية جعلت الشخصية المصرية تلتزم بالقانون، تبتعد عن العنف، تقشعر من طالبان، داعش، تكره الدماء، اثنين من الرؤساء وراء القضبان فى أمان!
وفرت الحضارة المصرية لأبنائها الطعام، الشراب، المسكن، التعليم، الأمن الداخلى والخارجى، الملوك فى مقدمة صفوف الجيش عند الحروب، قضاء عادل نزيه يحكم على اثنين من الأسرة المالكة (رمسيس الثالث) بالإعدام، ثم تكتشف المحكمة أن اثنين من القضاة فاسدان، فتأمر بإعدامهما، فينتحر القاضيان، هذا الوجود الرائع، وفر للمصرى القديم الإبداع، فكان المعمار الشاهق، والعلم السامق، والموسيقى الراقية، والرقص بكل أنواعه حتى رقص الباليه، وأنواع الرياضة كافة ما عدا لعبة كرة القدم! انعكس هذا كله على الشخصية المصرية فأبدعت فى الداخل والخارج (قنبلة مائية على خط بارليف) زويل، مجدى يعقوب، الباز، نجيب محفوظ، وغيرهم آلاف مؤلفة، ويكفى أننا نكتب التاريخ ونغيره!
عاشت فى مصر مذاهب دينية مختلفة كالأمونية، الأوزيرية، الأتونية، فى سلام، ولكن المارق أخناتون (كما كان يسميه مانيتون، ولم يضع اسمه فى سجل الملوك لتعصبه المقيت)، حاول فرض مذهبه على المذاهب الأخرى! فكان الانقسام وضعف الدولة.
مصر حاضنة الأديان جميعاً، وحين أراد اللى ما يتسماش تغيير هوية مصر، وتقطيع أوصالها شمالا، وجنوباً، هبت الشخصية المصرية، وقلبت المائدة على رأسه، ورأس من يتشددون له من القراصنة المعروفين، ورعاة البقر الذين أبادوا شعوباً كالهنود الحمر أصحاب البلد الأصليين، ومن بعدهم السود (Roots).
الشخصية المصرية مرحة ساخرة، كان القضاة الرومان يشكون من سخرية المحامين المصريين منهم! يذكر لنا التاريخ العزيز بالله الذى ادعى معرفته بعلم الغيب، ترك له المصريون بطاقة على منبر أحد المساجد تقول: بالجور والظلم قد رضينا..وليس بالكفر والحماقة.. إن كنت أعطيت علم الغيب..قل لنا: من هو كاتب البطاقة!
waseem-elseesy@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com