ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

البابا والانفجار العظيم

بقلم: خالد منتصر | 2014-11-01 12:21:40

 يُعتبر اعتراف البابا فرنسيس بنظرية الـ«بيج بانج» أو «الانفجار الكونى العظيم»، ومن قبلها نظرية التطور، خطوة مهمة فى رحلة الكنيسة للتصالح مع العلم وإزالة صورتها القديمة الكئيبة المتعسفة التى ما زالت عالقة فى الأذهان منذ محاكمة «جاليليو» الشهيرة.

تصريح البابا ليس مجرد جملة عابرة أو فض مجالس وإبراء ذمة، ولكنه تصريح خطير اهتمت به وسائل الإعلام لأنه سيضع النقطة الأخيرة فى أطول سطور الصراع الدامى بين الكنيسة والعلم والذى تم حسمه لصالح العلم مما اضطر الكنيسة إلى أن تعتذر لـ«جاليليو» فى وثيقة تاريخية كانت رسالة للعالم قبل أن تكون لهذا العالم الجليل العبقرى ملخصها أنه لا بد أن تعترفوا بالعلم وبأنه هو قارب النجاة الوحيد، وأن رفاهية الاختيار والتلكؤ ستقود المجتمعات الكارهة للعلم إلى الجحيم. باختصار، عليكم أن تعترفوا الآن وقبل فوات الأوان وقبل أن يكون الاعتراف «غصباً عنكم»، وحينها سيصبح «شكلكم وحش قوى»!!

هذه رسالة لبعض الأصوات العالية والمؤثرة فى مؤسساتنا الدينية: عليكم باحترام العلم الحقيقى، فالعلماء فى معاملهم لن يحفلوا بكلامكم ولن يعيروه اهتماماً كبيراً لأنهم واثقون من أن الدين لسعادة البشر وليس لتعذيبهم، فقد قلتم لهم من قبل إن أطفال الأنابيب حرام، ولكن العلماء أعادوا البسمة ومنحوا البهجة لملايين الأمهات اللاتى كان قد كُتب عليهن العقم والحزن والمرارة. قلتم لهم من قبل إن زرع الأعضاء حرام وعطلتم القانون وحبستموه فى الأدراج ولكن العلم قال كلمته وأنقذ الملايين من الموت والألم. قلتم لهم من قبل إن بتر الأعضاء التناسلية ضرورة لعفة المرأة وتجاهلتم تكريم الله للجسد الإنسانى واخترعتم وروّجتم أحاديث ونصوصاً تدعو لهذه العملية البربرية التى نفاها العلم من كتبه ومراجعه وأطلق عليها اسم التشويه التناسلى للإناث، تغضون الطرف عن ممارسات لا تمت للطب الحديث بصلة مثل الحجامة وشرب بول الإبل، بل وتدعون تلاميذكم فى جامعاتكم، التى للأسف صارت تخرج إرهابيين يحملون شهادات جامعية، إلى دراسة هذه الممارسات لأنها كانت تمارَس منذ ألف وخمسمائة سنة، ثم أطلقتم وصف «الطب النبوى» عليها لإفزاع وإرهاب من ينتقدها، لأنه سيوضع فى خانة إنكار المعلوم من الدين بالضرورة ويتم تكفيره.

اعتراف البابا يعطينا رسالة ويمنحنا درساً، أول سطر فيه: لا تعادوا العلم فأنتم الخاسرون حتماً، والمحتاجون إليه والمتسولون منه حتماً، لا تضعوا أنفسكم أمام قطار العلم السريع لأنه سيدهس الجهلاء منكم وسيدهس للأسف مجتمعاتكم إذا حكمها هؤلاء الجهلاء، لا تخاصموا العلم ولا تصبحوا خصوماً له بدافع الحفاظ على البيزنس الذى يدر عليكم المليارات من تجارة الدين الرائجة، فسرعان ما ستتبخر تلك المليارات وتندثر تلك التجارة ولن يبقى إلا أبناء مجتمعاتكم يبكون حسرة على تخلفهم وفقرهم ومرضهم ومصائبهم وكوارثهم ومدّ أيديهم إلى منجزات العلم الحديث الذى سيصل إليهم وقتها بعد خراب مالطة تفضلاً ومنّة ومنحة وليس جهداً أو إبداعاً منهم، لا تعادوا العلم فلن تجدوا طوق نجاة وأنتم فى محيط تخبطكم وضياعكم وتوهانكم إلا هذا العلم، ولن تجدوا لقاحاً لمرضكم وفقركم وجهلكم إلا هذا اللقاح الذى اسمه التفكير العلمى.

نقلا عن خالد منتصر دوت كوم

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com