بقلم عادل نعمان
ليس من بداية حول تطوير الخطاب الدينى سوى إبعاد الدين عن السياسة أولاً، والتخلص من القيد المفروض على عقولنا وحصارها، وإجبارنا على نفس الأجوبة القديمة عن أسئلة حديثة على أنها صالحة لكل زمان ومكان، حتى أصبح إيماننا إيمان العواجيز.
ما نردده على منابر مساجدنا، الكثير منه إذا ما خرجنا عن القرآن، من التراثيات والروايات، ومن المفروض أن تكون أساس العلاقة بيننا وبين الله والعباد، لا ندرى صدق بعضها، كثر أم قل، وهل هى من السماء أو من وحى الخيال..؟
- لابد أن يحترم الخطاب الدينى رغبات واحتياجات الناس، وحقهم فى الإجابة العقلانية، بعيداً عن قصص التراث، والمنقول دون احترام العقل، وأن يكون قادراً على مساعدته فى تلبية احتياجاته الطبيعية وفقاً لأسلوب يتوافق مع الشرع ومع الأعراف.
- احترام القانون الوضعى، وعدم احتقاره، وقبول البحث فى التراث، وتنقيته من أحاديث الوضاعين والفولكلور الذى يسىء ولا يفيد، لعدم اتفاقه مع العقل والعلم، فليست الشريعة قاصرة على تطبيق الحدود دون العمل على تنمية وحل مشاكل المجتمع أولاً، وهى الهاجس الرئيسى وشاغلهم، على الرغم من علمهم أنها لم تعد تصلح للتنفيذ، لاستحالة إثباتها من الناحية الشرعية، على الرغم من ارتكاب الجُرم، إلى جانب قسوتها، بما يتعارض مع القوانين الدولية وحقوق الإنسان، التى ستعزلنا حال تطبيقها عن إنسانية العالم وحضارته.
فإذا كانت هذه الحدود معمولاً بها قبل ظهور الإسلام، ووافق الإسلام على بقائها، وأنزلها منزلة التنزيل، فإن هذا لدليل قاطع على أن الله وافق على ما استقر عليه الناس من أحكام تناسب ظروفهم وعقوبات تتفق مع الإصلاح المنشود، ومن ثم ووفقا لهذه القاعدة، يمكن تغيير أو حذف أو إضافة حد من الحدود، بما يتناسب مع ظروف الجريمة، وتطور المجتمع وحركات التحرر العالمية، وظهور جرائم جديدة تستوجب المساءلة والتشريع. ماذا كان الأمر لو أن حد قطع يد السارق اقتراح الوليد بن المغيرة، وكان يعمل جزارا، وكانت العقوبة من جنس عمله، قد اقترحها غيره، وكان يعمل حدادا مثلاً، وكان اقتراحه هو كى يد السارق، أو حلاقا وكان اقتراحه قطع أذن السارق، ووافق على ذلك أشراف قريش، وكان تشريعا يتطلب العمل به، وأنزله الإسلام منزلة التنزيل كسابقه، فلم يكن الوليد على اتصال بالسماء ليعرف أن ما اقترحه عليهم سيكون تشريعا ويجب الالتزام به اجتماعياً ودينياً.
- ألم يحن الأوان لفهم أن الدين صالح لكل زمان ومكان؟! تعنى أنه يستجيب لمقتضيات العصر، فكيف يقف عند نقطة تاريخية من مئات السنين ونقول إنه صالح لكل زمان.
- إن فصل الدين عن السياسة أمر مهم، لتفادى مخاطر الصدام بين المذاهب الإسلامية فى حرب طائفية. إن الدولة الدينية تنشط فيها الخلافات المذهبية والطائفية «الحرب الدائرة الآن هى حرب بين الشيعة والسنة سببها الرئيسى خلط الدين بالسياسة ورغبة الإسلاميين فى إقامة خلافة هى محل اختلاف بين المذاهب الإسلامية» فى اليمن الحرب بين الحوثيين الشيعة والقاعدة السنة، وفى سوريا الحرب بين العلويين الشيعة وأنصار الشريعة السنية، وفى العراق بين الدواعش السنة وكتائب الشيعة، وكل فصيل له فتاواه ومرجعياته وأسسه الخاصة بالحكم.
- فصل الدين عن الإبداع العلمى والأدبى، وإبعاد الإبداعات الأدبية والأبحاث العلمية عن سيطرة رجال الدين، وإلا سيظل التشابك قائما بين الدين والعلم. إن الجمود الدينى يدفعنا إلى الجمود الفكرى والإبداعى، وهو الذى يسقطنا فى وادى النسيان، ويعزلنا عن الحضارة والمدنية، ليس بإرادتنا، لكن بإرادة وقوة المجتمع الدولى.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com