لم يكن البكباشي يوسف نجيب، يعلم وهو يهدهد صغيره «محمد»، أن مصير قلب المنطقة العربية وشمال القاهرة الأفريقية سيتعلق به بعد أن يصبح أول رئيس لمصر في فترة تاريخية حرجة وفاصلة بعد ثورة يوليو 1952 التي أطاحت بالملكية وأعلنت قيام الجمهورية.
ولد محمد يوسف نجيب بالخرطوم، ولا يوجد تاريخ ميلاد محدد له، حتى هو نفسه ذكر أنه حائر بين 3 تواريخ مختلفة، لكن ملف خدمته العسكرية يقول أنه ولد في 19 فبراير 1901، والده كان يقضي خدمته العسكرية في السودان، وربما لأنه سليل أسرة عسكرية كانت القيادة قدره، قائدًا لثورة 1952 وأول رئيسًا للجمهورية، ورغمًا عن ذلك فمحمد نجيب، لم يكن يومًا متطلعًا للسلطة.
في 4 فبراير 1942 حاصرت الدبابات البريطانية قصر الملك، بعد إقالته حكومة مصطفى النحاس باشا، لإجباره على إعادتها أو يتنازل عن العرش، قدم محمد نجيب حينها استقالته وكان برتبة صاغ وتساوي رائد الآن، لشعوره بأنه أخفق في مهامه لحماية الملك، لكن الملك لم يقبل استقالته وأعاده إلى الخدمة.
في يناير 1952 وبعد فوز محمد نجيب في انتخابات نادي الضباط باكتساح، قرر الملك حل النادي، وفى 18 يوليه 1952 قابل محمد نجيب، د. محمد هاشم وزير الداخلية، زوج ابنة رئيس الحكومة، آنذاك، بناء على طلب الأخير، الذي سأله عن أسباب تذمر الضباط، وعرض عليه منصب وزير الحربية، رغم رفض الملك تعيينه، خوفًا منه أن يظهر أحمد عرابي جديد، وأخطره «هاشم» أن هناك لجنة من 12 شخص عرفت السلطات الحكومية ثمانية منهم، لكن «نجيب» رفض وفضّل البقاء بالجيش، لأنه شك فى مخطط لإبعاده عن القوات المسلحة.
بعد توليه رئاسة الجمهورية، رأى «نجيب» أن الفساد طال ضباطً مجلس الثورة، فسكنوا القصور وركبوا السيارات الفاخرة، كما أن الخلافات بدأت مع قرارات المجلس التي رأى أنها بعيدًا عن مباديء الثورة، وزاد على ذلك أنه علم أنهم عقدوا العديد من الاجتماعات بدونه، كل ذلك دفعه إلى تقديم استقالته، واعتقد «نجيب» أن المجلس سيرفض استقالته تجنبًا لإثارة الرأي العام، لكن المجلس بقيادة جمال عبدالناصر، قبل الاستقالة، وعزله من جميع مناصبه، وتولى جمال عبدالناصر رئاسة الوزراء وقيادة مجلس الثورة، تاركًا منصب الرئيس شاغرًا، لكن التأييد الشعبي لـ«نجيب» كان أكبر من القرارات، فقد خرجت مظاهرات حاشدة على إثر ذلك اضطرت المجلس لإعادة «نجيب» إلى مناصبه.
وفي 26 أكتوبر 1954، وبعد حادث المنشية الذي اتُهم فيه جماعة الإخوان بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر، اتخذ الأخير إجراءات عنيفة ضد الجماعة، واتهم «نجيب» بمساندتهم، وجاء قرار مجلس قيادة الثورة في 14 نوفمبر 1945 بإعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه، وتولي البكباشي جمال عبدالناصر رئاسة المجلس ورئاسة الوزراء، وتم تحديد إقامة «نجيب» وعائلته في قصر المرج، تحت حراسة مشددة، ومُنعت عنه الزيارة حتى إخوته، حتى أفرج عنه الرئيس السادات عام 1971.
وفي عام 1984 نشر الرئيس السابق مذكراته تحت عنوان «كنت رئيساً لمصر»، وتحدث فيها عن حياته وتدرجه في الخدمة العسكرية، حتى ثورة يوليو 1952، قبل أن يتناول الفترة ما بين توليه منصب أول رئيس لمصر وعزله من وجهة نظره.
وقدم نجيب كتابه بهذه الكلمات «إن هذا الكتاب سيعيش أكثر مما عشت.. وسيقول أكثر مما قلت.. وسيثير عني جدلًا بعد رحيلي أكثر من الجدل الذي أثرته وأنا على قيد الحياة».
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com