هند مختار
هل كان الزمن الفائت جميلا؟ سؤال يؤرقني دومًا فكلما جلست وتحدثت مع أحد الكبار (سنا ،ومقاما) يحدثوني كيف كان الماضي رائع بكل المقاييس.
أشاهد التلفزيون أجد قنوات متخصصة في الاحتفاء بالماضي وتمجيد رموزه ،وكيف أنهم كانوا يصنعوا كل البهجة ..
ولكن حينما أقرأ في أوراق الزمن الجميل لا أجد هذه البهجة المزعومة، ولا أجد الزمن الفائت جميلا ،أجده زمنًا عاديًا به لحظات جمال وسعادة وبهجة ،وبهجة لحظات قبح وتعاسة وحزن.
راودتني تلك الأفكار أمس أثناء جلوسي مع بعض الفنانين الذين عملوا وراء الكاميرا، أحدهم مدير تصوير والأخرى كانت" مونتيرة" جلسوا يتحدثون عن قبح الواقع وفساد الزمان، وكيف أنهم متعطلون عن العمل منذ سنوات، ولولا ما ادخروه ومعاشات النقابة لكانوا ماتوا جوعًا.
حاولت أن أتعاطف معهم فلم أستطع ،ليس عن قسوة ولكن كان في ثنايا الحديث أن التكنولوجيا الحديثة أجلستهم في أماكنهم،وجعلت من هم على مستوى خبراتهم عاطلين،حيث أخذوا في مدح الزمن الفائت الجميل وكيف كانوا يعملون مع الأسماء اللامعة من مخرجين وفنانين.
الحقيقة أني وجدتهم متكاسلون ومتجمدون عند ماتعلموه، وكأن قمة التطور في حياتهم السابقة ،فهم لم يواكبوا العصر والتقدم وفضلوا البكائيات والمراثي على أن يحاولوا التعلم ومواكبة العصر.
التليفون الأسود (أبو قرص) كان أعجوبة في زمنه ،وتطور لتليفون بأزرار وأصبح المحمول سيد الموقف ،فهل هذا قبح؟
الكاميرا كانت "بنيجايف" فأصبحت" ديجيتال" بعدد لا نهائي من الصور فهل هذا قبح ؟
حل مترو الأنفاق مكان" التروماي أبو سنجة" فهل هذا قبح؟ ، أعتقد أن القبح يكمن في الجمود في تدني مستوى الأخلاق ،في فساد الذوق قي فساد البشر ، العلماء الجالسون في معاملهم ليساعدوا الإنسان على أن تكون حياتهم أسهل لا يصنعوا القبح ،ولكن البكائون على ما فات هم من يصنعون القبح.
في ستينيات القرن الماضي كان هناك مشروع لمكافحة الحفاة فهل هذا جمال؟ وحال الفلاح المصري الغير قادر على الحياة إلا بأعجوبة فهل هذا جمال؟ وغيره من الأمثلة كثير فهل هذا هو الجمال ؟
الحقيقة أننا نسقط من ذاكرة الأشياء الألم والقبح،فنعتقد أن الماضي كله كان جميلا والحقيقة أن بعضه فقط كان جميلا وزماننا فيه أيضا جمال وكل الأزمنة بها جمال.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com