- كون أن يتراجع حمدين صباحى عن دعوته للشباب للتظاهر بعد حكم البراءة الذى برأ مبارك وأعوانه من قتل المتظاهرين فهذا الموقف يحسب له، لأن أى عاقل يعرف أن هناك فرقاً بين جرائم القتل وجرائم الفساد، وأن مبارك كان يحاكم عن جرائم القتل وكون أن تبرئه المحكمة منها ليس معناه أنه برىء من جرائم الفساد التى لم تتحرك أى دعوى جنائية ضده فيها على مدى ثلاث سنوات من عمر الثورة.. مع أنه كان رأس الفساد للحياة السياسية.. يكفى فى عهده أننا كنا نتناول الطعام المسرطن ونشرب مياه المجارى.. ويبحث الفقراء عن الخبز فى صناديق القمامة.. بينما المئات من حاشيته اكتظت كروشهم بثروات البلد.
- لذلك عجبت أن يثور الأخ حمدين وهو على علم بمن قتل المتظاهرين.. وكان عليه أن يقرأ حيثيات حكم البراءة، فالمحكمة أكدت فى حيثيات حكمها أن حركة حماس وجماعة الإخوان الإرهابية قامتا باقتحام السجون.. ويعرف أيضا أن قناصة حماس كانوا يطلقون الرصاص على المتظاهرين فى ميدان التحرير لإثارة الشارع المصرى ضد نظام مبارك.. وأن رجال الشرطة منذ زمن زكريا محيى الدين لا يحملون ذخيرة حية، وأن من بين القتلى رجالاً من الشرطة ليس واحدا أو اثنين بل مئات.. فهل يعقل يا أخ حمدين أن تقتل الشرطة أولادها؟
- لذلك تعجبت لموقف الأخ حمدين وهو يعلم أن مبارك مفسد للحياة السياسية وليس قاتلاً.. ولو كان قاتلاً فمن باب أولى أن يقتل خصومه من المعارضين الذين كانوا يهاجمونه أيام ما كان على كرسى الحكم.. أكيد أن حمدين يذكر واقعة ضرب المرحوم الكاتب الصحفى جمال بدوى يوم أن انتقد مبارك نقدا لاذعا، وواقعة ضرب الكاتب عبدالحليم قنديل يوم أن جردوه من ملابسه فى الطريق العام ومع ذلك لم يمسوه بأى أذى، وكان فى مقدور مبارك تصفية خصومه ومعارضيه وعلى رأسهم إبراهيم عيسى الذى كان شرساً فى نقد مبارك وزوجته وابنه، ومع ذلك كان مبارك يسعى لكسب وده وليس لقتله.. كنت أتمنى ألا تسقط من ذاكرة الأخ حمدين شهادة إبراهيم عيسى فى المحكمة يوم أن أقر بأن مبارك لا يقتل.
- هذا الكلام ليس دفاعا عن مبارك ولكن دفاعا عن قضاء مصر الذى يتعرض لحملة من الأقزام مع أنه معلوم للجميع أن قضاة المنصة علاقتهم مع الله وليست علاقتهم مع الحاكم أو ميدان التحرير.. ومن له حق التصدى لحكم البراءة هو النيابة العامة وقد حدث أن طعن النائب العام.. إذن هناك قناة شرعية للطعن على الأحكام عندما يشوبها العوار، لكن أن يعترض كل من هب ودب فهذا معناه أننا نريد «قضاء تفصيل» يصدر الأحكام على هوى ومزاج الشارع المصرى.. وهذا لن يحدث إلا فى بلاد الماو ماو.. مصر العريقة بقضائها الشامخ لا يجوز فيها التعليق على الأحكام حتى ولو كان الحكم لم يأت على هوانا.
- أنا شخصيا فى داخلى يقين بأن القاتل الحقيقى ليس مبارك ولا العادلى ولا مساعديه.. وأن دم شهدائنا وقتلانا فى رقبة حماس التى كانت تتدرب على إثارة الفوضى فى مصر وقلب نظام الحكم وقتل الأبرياء لإثارة الغضب الشعبى على النظام، وكنت أنتظر أن نسمع صوتا للسياسى العجوز وهو يطالب بمحاكمة الجناة الحقيقيين أيام الإخوان لكن للأسف التزم الصمت..
وبعد براءة مبارك من قتل المتظاهرين أراد أن يشعلها فوضى بخروج الشباب، ولم يخجل وهو يتصدى لحكم القضاء نفس موقفه عندما أحال قاضى محكمة المنيا أوراق عدد من القتلة والمخربين الذين حرقوا كنائس المنيا لمفتى الجمهورية مطالبا بإعدامهم، فكان صاحبنا هو أول من تصدى واعترض على الحكم علناً ولم يخجل مع أنه كان مرشحا للرئاسة، وساعتها قلت فى داخلى: آه لو فاز بكرسى الرئاسة، سيكون هذا هو موقفه من الأحكام التى تصدرها محاكمنا؟
- وهنا أقول لشرفاء مصر: هذا بلدكم، ولا تستجيبوا لدعوة الشياطين الذين يريدون تخريب الوطن تحت أى اسم.. فمصر لن ترجع للوراء خطوة، واعلموا أن القهر والظلم والفساد الذى عشناه أيام مبارك ورجاله لن يعود بعد ثورتى يناير ويونيو.
نقلا عن المصرى اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com