بقلم - د.رؤوف إدوارد
نصيحة لمصر لوجه الله ممن قرأ الأحداث قبل وقوعها بعشرة سنوات ولم يصدقني أحد وقتها ولن يصدقني أحد الآن ولكن أرجو أن مصر تخيب ظني وتصدق.
العقل الإنساني والشعوب لا تختلف عن بعضها كثيراً إلا فيما تؤمن به من آيديولوجيات ( يهودية ، مسيحية، إسلام، بوذية ،علمانية، رأسمالية ،شيوعية،... وهلم جره( . و هذه الآيديولوجيات تتفاوت في درجة جودتها وجودة من يتحكم فيها وبالتالي في تأثيرها علي المجتمعات تقدماً أو تأخراً .
ولكن حسب قاعدة البقاء للأصلح نجد أن الآيديولوجيات تتوالي ظهوراً واختفاءً ولكن يستمر البقاء والاستمرار لقانون الإنسان الحتمي هذا ، و الذي لا يتعارض كثيراً مع نظرية التطور.
ولضيق الوقت نلخص فنقول أن الشرق الأوسط في العصر الحديث كان في يد انجلترا وفرنسا فنجحت الولايات المتحدة في التخلص منهما في المنطقة ودان لها الشرق الأوسط .
بدأت أمريكا أو الغرب ملكيتها للشرق الأوسط - إن جاز لنا القول- بإنشائها للسعودية بتزاوج عبد العزيز وعبد الوهاب علي يد الغرب.
حفظت أمريكا الإسلاميين من الفناء علي يد عبد العزيز عندما حنثوا في وعدهم وأرادوا الجهاد . رحلهم الأمريكان علي مصر فكانوا نواة الإخوان المسلمين في العشرينات من القرن الماضي. والهدف كان أن تتخلص أمريكا من أنجلترا في مصر بمساعدة الإخوان المسلمين.
وكانت إزاحة الملك (تماماً مثل إزاحة مبارك) بالإتفاق بين الأمريكان والجيش والإخوان المسلمين ( تماماً مثل ثورات الربيع( .
وكما هو دائما قدر الإسلاميين أن انقلب عليهم الجيش. زعلت أمريكا والتحم زعلها مع غباء وزير خارجيتها دالاس فاتجه الزعيم إلي روسيا.
نعمل زووم أوت قليلاً وننظر إلي الشرق الأوسط فنري زحف الشيوعية العنيف من الشرق علي العراق وسوريا . وكان لابد من آيديولوجية مشابهة للقضاء علي الشيوعية فكانت صناعة عبد الناصر والإشتراكية وفكرة القومية العربية التي أنهت علي الشيوعية بالحقبة الناصرية.
آن آوان الخلاص من عبد الناصر بعد أن أدي مهمته واستفحل خطره، فكانت هزيمة 67 وكوب العصير إياه ثم إطلاق سراح الإسلام السياسي ليمحق القوميين والقومية العربية.
اعتمدت حقبة الإسلام السياسي علي خطوتين: إحلال الخميني مكان الشاه في الشرق في إيران لتبدأ الصحوة الإسلامية ( وكأن الإسلام كان نائماً) . وإطلاق السادات للإخوان المسلمين في مصر لينطلقوا في المنطقة. وتم القضاء علي القومية بالإسلامية إسلامية والإسلام هو الحل. كلٍ من الأخوة ينتظر الأجرة . فأخذها الإيرانيون حديثاً بسيطرتهم علي عتباتهم المقدسة في الكوفة والنجف وكربلاء بعد أن كانت تحت يد السنة . وهذه الأماكن للشيعة مثل مكة والمدينة للسنة.
أستفحل خطر الإسلام السياسي فكيف الخلاص منه؟ فالإسلام يعلو ولايُعلي عليه. والجهاد هو من أعظم كفآءاته. ولا يفل الحديد إلا الحديد. فكانت ثورات الربيع عودة لسيناريو 52 :أمريكا الجيش الإخوان ووداع الرئيس!
ولكن كيف القضاء علي منابع الإسلام السياسي ؟
أولاً : بإعادة تحديث ( أي فرمتت - بلغة الكمبيوتر) الأزهر المكدسة في مناهجه كل مصادر وتقنيات إرهاب الإسلام السياسي وكأنه متحف الفيروسات المنقرضة في الغرب بدون حراسة . وكانت أول إرهاصات هذا الهدف هو أن مقعد شيخ الأزهر راح ورا في خطبة مرسي. ولو استمر الإخوان لما أستمر الأزهر. تقول لي ولكن الإخوان أخطر، أقول لك كل فولة ولها كيال وكل قفل – ولا مؤاخذة – له مفتاح وساعة رواقه.
ولكن الله حمي مصر. كيف ؟ ولماذا؟ وبيد من؟ " مبارك شعبي ( مسلم ومسيحي ) مصر"
الحديث يطول هنا ولكن لا مجال له الآن . ولكن نذكر حدثاً أخفق في ذكره كل أهل مصر وأهل الأرض ، ألا وهو الظهورالعجيب للسيدة العذراء في بولاق - مصر قبيل أحداث الربيع العربي. وتحيرت في فهم سبباً للظهورالمعجزي غير فورة الضجيج المسيحي المؤقت واللحظي والأجوف والمعتاد فلم أجد، ولكن بحدوث زلزال الكنيسة القبطية بعد رحيل البطريرك أنبا شنودة الثالث والتي كانت ستُختطف وتنقسم علي يد الشنودويين من قادتها ، وزلزال الربيع العربي في مصر، ثم بنجاة الكنيسة القبطية والوطن الحبيب مصر، والذي كان نجاة أيهما معجزة في حد ذاته ، حينئذ عرفت السبب .
ولأن أمريكا تتبع البراجماتية لذلك هي طاطت رأسها لإرادة الله والمصريين ، وتركت مصر إلي حين علَّها تفهم الدرس والواجب وتحله من نفسها بدل إستخدام العافية: تطهير الأزهر من فيروسات الإسلام السياسي التي تملأ عقول الكثير من أساتذته قبل كتبه: محمد عمارة مثلا ( هو فين صحيح؟) وسليم العوا وغيرهما كثير.
واتجهت أمريكا مؤقتاً إلي المنبع الآخر للإسلام السياسي ، ألا وهو السعودية والخليج بأموالهم المغدقة علي إرهاب الإسلام السياسي في العالم أجمع. وذلك علي أربعة أصعدة : سوريا حيث يُفرم المجاهدون بأموال محبيهم من الخليج والسعودية التي تدخل خزانة روسيا وأمريكا من مبيعات السلاح. ثانياً : داعش من الشمال ، ثالثاً : الحوثيين من الجنوب، ورابعاً : شيعة الخليج من الشرق . وأظن قراصنة الصومال أبلوا بلاءً حسناً باستقدام أساطيل الغرب لحماية الممرات وهي أساساً لتمرير السفن المحملة بالسلاح للحوثيين. والله أعلم
ما يهمنا في كل ماسبق أن يتعلم المصريون الدرس وعشمي فيهم أنهم أذكي من الأوربيين الذين احتاجوا إلي حربين عالميتين ليفصلوا الدين عن السياسة ويتمسكوا بالعلمانية أي كل واحد حر نفسه في العالم يؤمن يكفر هو حر . والخبر أسفل هذا المقال هو بداية الغيث . كل واحد حر يتزوج في الجامع ، يتزوج في الكنيسة، يتزوج علي نفسه المهم ماتطلعوش روح العالم وروحنا، واعملوا الواجب من نفسكم. فالعالم كله عمل هذا الواجب قبلاً : العلمانية والديموقراطية ومن شاء أن يؤمن فليؤمن ومن شاء أن يكفر فليكفر. وعلي الشيوخ والقسوس أن يمتنعون . فلا وساطة بين الإنسان وربه لا في الإسلام ولا في المسيحية . وأنا مسيحي مسلم مصري أحب الجميع لأن الله أبو الكل وهو رحمن رحيم . اللهم إني بلَّغت اللهم فاشهد . كل ماسبق قوله من بنات الفكر والقراءة وقد أكون غلطان والله أعلم.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com