«المدرسون يأتون من العريش، والحظر يتوقف فى السابعة صباحاً، ووسيلة المواصلات الوحيدة هى التى توفرها المحافظة، وبعد أن يتجمع المدرسون فى أتوبيسات النقل العام، يصلون إلى المدارس فى تمام التاسعة صباحاً، ثم يتحركون فى الأتوبيسات نفسها عائدين إلى العريش فى الحادية عشرة. المعلمون يدرسون فى الفصول لساعة ونصف فقط يوميًا»
هكذا بدأ المعلم «كمال قشطة» مدرس اللغة العربية بمدرسة «الحرية المشتركة» بمنطقة الماسورة برفح حديثه. موضحًا سير العملية التعليمية فى رفح، مضيفًا أن أزمة طلاب الثانوية العامة تتجاوز ما يعانيه طلاب التعليم الأساسى، مع غياب وجود تعليم حقيقى داخل المدارس «والدروس الخصوصية كمان صعبة بسبب الحظر».
ويضيف «قشطة»: «نناشد السيد رئيس الجمهورية ووزير التعليم والمحافظ بتخفيف ساعات الحظر فى رفح ليشعر الطالب بالأمان ويستطيع أن يستذكر، فلا عملية تعليمية بعد الساعة الثانية عشرة، والطلاب الذين يأتون من العريش يعانون بسبب المواصلات».
أما فيما يتعلق بأزمة المعلم، فأكد قشطة أنه يجب تعيين المدرسين من رفح كما يطالب أبناء المدينة منذ سنوات، مبينا أن حظر التجوال يضيق من الوقت المتاح للمعلمين للبقاء فى رفح وتأدية مهامهم التعليمية نظرا لرغبتهم فى المسارعة بالعودة إلى العريش التى تبعد ساعتين عن المدينة.
بعد قرار الدولة بتهجير سكان رفح ولإخلاء الشريط الحدودى، وتوسيع العمليات الأمنية انضم المزيد من الطلاب للمدارس القائمة المسموح باستمرار الدراسة فيها، يقول محمد فريد مدرس التربية الفنية بمدرسة الحرية المشتركة: «تم دمج طلاب الفصول القادمين من مدارس أخرى، فصار كل فصل يحوى داخله طلاب فصلين. وقامت الإدارة التعليمية بتوفير فصول مجمعة سيحصل فيها الطلاب على دروس مكثفة لتعويض الفترة التى توقفت فيها الدراسة، وإنهاء المنهج بالتوازى مع بقية طلبة الجمهورية».
وأضاف فريد أن أزمة العملية التعليمية فى رفح قديمة، لكن الوضع الحالى للمدينة بعد إخلاء الشريط الحدودى زادها حضورا، فقد كان جميع المعلمين يطالبون بتعيين شباب رفح حملة المؤهلات العليا وخاصةً طلاب التربية فى مدارس رفح، لكن الخريجين بمدينة العريش كانوا يقومون يتغيير محل إقامتهم بالبطاقات الشخصية ليحصلوا على فرص العمل بمدارس رفح والشيخ زويد، وهو ما كان يتسبب فى أزمتين: الأولى حرمان الخريجين برفح من فرص العمل، والثانية أزمة المواصلات، والآن وبعد تمديد ساعات حظر التجوال صارت هناك أزمة ثالثة أكبر تتسبب فى حرمان الطلاب من حقهم فى التعليم مع اضطرار المدرسين لمغادرة رفح بعد ساعتين فقط من بدء الدراسة، هذا يعنى إما أن ينتهى الفصل الدراسى دون الانتهاء من تدريس المنهج المقرر، أو تكديس الدروس فى ساعات أقل مما يمنع استيعاب الطلاب لها ويهدد مستقبلهم الدراسى».
تقول علا جمعة حلاوة مدرسة الحاسب الآلى: «هناك مرحلة ثانية لعملية الإخلاء ستضم ٤ مدارس جديدة، سيتم إخلاؤها وإرفاق طلابها ببقية مدارس رفح وهى: المدرسة الثانوية الزراعية، المدرسة التجريبية للغات، ومدرسة عباس العقاد المشتركة، ومدارس المعاهد الأزهرية. وأوضحت أن هذا سيرفع كثافة الفصول الحالية. مشككة فى قدرة القوافل التى ستخصصها الإدارة التعليمية من الموجهين الأوائل للتدريس للطلاب. مرجعة ذلك إلى: الدروس ستكون مكثفة، فالطالب سيتلقى ٢٠٠% من الدروس، بدلاً من الخريطة الطبيعية للتدريس، ولا يمكن فى تلك الظروف التى يمر بها طلاب رفح من إخلاء منازل وتغيير محل إقامة وساعات حظر تحكم أوقات استذكارهم وذهابهم للمدارس، أن يستوعبوا تلك الكمية المضاعفة من الدروس.
أما حمزة السيد معلم الدراسات الاجتماعية بمدرسة رفح الحديثة المشتركة فأكد قبوله لجميع الإجراءات التى اتخذها الجيش بصدد تهجير سكان رفح، مضيفًا: جزمة أى عسكرى مصرى فوق رأسى، لكن هذا لا ينفى تعرضنا لظروف سيئة، ولا يمكن لأحد أن ينفى أن المسألة تمت دون توفير بديل جيد لأهالى رفح الذين تم تهجيرهم أو إخلاؤهم.
وأضاف حمزة: «طالب رفح لا يعيش كطالب مصر الجديدة أو الزمالك، هناك فى الدلتا يحظى الطالب بوقت كاف للاستذكار، ولديه كل الرفاهيات، أما طالبنا فلا يملك حتى أن يخرج من منزله بعد ساعات الحظر، وتزيد من أزمته أزمة المعلمين، والأدهى أن الدراسة التى توقفت لأكثر من أسبوعين لن تمنحه أى مميزات فيما يتعلق بامتحانات نصف العام».
وطالب حمزة رئيس الجمهورية ووزير التعليم بوضع امتحان خاص لأبناء رفح والشيخ زويد، يرفع عن عاتق الطلاب معاناة الحظر والإخلاء التى يعانيها، مع إلغاء جزء من المنهج يتفق مع فترة توقف الدراسة».
ارتفع الغضب واضحًا فى صوت «مناهل صابر» مدرسة التربية الرياضية وهى تقول: «رفح دائماً ما تضم أوائل المحافظة فى الثانوية العامة كل عام، ولا يمكن أن نحكم مصير الطلاب بمزاج سائق النقل العام الذى وفرته المحافظة للمعلمين القادمين من العريش. السائق يتحرك من العريش فى السابعة وعشر دقائق بعد أن يجمع المعلمين، والطريق الذى كان يستغرق نصف ساعة، أصبح يستلزم الآن ما يقارب الساعتين.
فيصل المعلمون القادمون من العريش للمدرسة فى تمام الساعة التاسعة، ولكن السائق يحذر المعلمين من أنه سيرحل فى تمام الحادية عشرة، أى بعد ساعتين فقط من انتظامهم فى العمل، وللأسف يضطر المعلمون للانصياع للسائق لأنه وسيلة المواصلات الوحيدة التى ستمكنهم من الذهاب لمنازلهم فى تلك الظروف».
وأضاف «كان لابد لمديرية التعليم والوزارة أن تنظر لمطالباتنا طوال عشرات السنوات بتوفير فرص العمل والمدارس لأبناء رفح والشيخ زويد داخل مدنهم بدلاً من احتكارها للقادمين من مدن أخرى، واليوم كشف الوضع الأمنى عيوب تكليف معلمين من خارج المدينة».
وحاولت الإدارة التعليمية إيجاد مخرج لأزمة انقطاع الدراسة لمدة ١٥ يومًا متواصلة، مما تسبب فى تكدس المناهج. وصرح مصباح على إبراهيم مدير إدارة رفح التعليمية لـ «المصرى اليوم» أن إدارته ستنظم قوافل دراسية عمادها الموجهون الأُوَل بالإدارة، على أن يخصص لكل قافلة فصلاً مجهزا لتقدم شروحًا للدروس التى تضمنتها الخطة الدراسية خلال الخمسة عشر يومًا التى توقفت فيها الدراسة. مضيفًا أن معلمى رفح يعملون تحت ضغوط شديدة بسبب الأحداث التى تشهدها المنطقة، وضم المدارس إلى بعضها بعد إخلاء مدارس الشريط الحدودى.
بالإضافة إلى كونهم يعملون فى ظل إمكانيات ضعيفة وظروف قاسية، وخاصة المدرسات اللاتى يعانين من مشكلات الانتقال من وإلى رفح بسبب أوقات الحظر. خاصة أنهن يسكن فى العريش. وهناك صعوبة فى الانتقال بسبب الظروف الأمنية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com