يبدو يا حمادة أن أيام مبارك وطريقة نظام مبارك كانت على قلب الناس زى العسل!..
لاحظت أنه فى الآونة الأخيرة زادت المؤتمرات والافتتاحات التى كلها «برعاية الرئيس»!..
وهنا أنا نفسى أسأل: يعنى إيه برعاية الرئيس؟.. ماذا يعنى أن يتم افتتاح مؤتمر لتكنولوجيا الاتصالات تحت رعاية الرئيس؟ وماذا يعنى أن يفتتح مؤتمر اقتصادى أو ثقافى تحت رعاية الرئيس؟.. ده حتى الوزير عندما يذهب ليفتتح مشروعا مهماً إذا به يؤكد أن هذا الافتتاح يتم تحت رعاية الرئيس، فماذا يعنى أن كل هذه الزمبليطة «تحت رعاية الرئيس»؟.. على قدر فكرى المحدود ومخى التخين فإن هذا التعبير يمكن استخدامه إذا كان الرئيس حاضرا لتلك الاحتفالية.. وبالمناسبة إحنا احتفالياتنا أصبحت زيادة عن اللزوم كأننا مثل اللى معاه قرش محيَره!..
لكن إذا كان الرئيس ليس حاضرا لتلك الاحتفالية أو المؤتمر أو الافتتاح فماذا يعنى أن يحرص المنظمون على تأكيد أن هذه الفعالية تتم تحت رعايته؟.. هل مثلا المشاريب على حساب الرئاسة؟.. أم الكراسى والفراشة؟.. هل مثلا لو لم يذكر المنظمون هذه العبارة سيدخل عليهم ملثمون يضربوا الكرسى فى الكلوب ويبوظوا القعدة؟..
لقد شعرت بسعادة غامرة عندما أرسل الرئيس مكتوبا إلى جميع الوزارات والهيئات الحكومية بعدم إلحاق كلمة «فخامته» عند مخاطبته وأن يكتفوا بكلمة «رئيس الجمهورية» فقط، وحينها اعتبرت هذا مؤشرا لبوادر اختلاف، لكنى فوجئت بأن الرئيس فقط هو الذى ينشد الاختلاف بينما الجميع يتطلعون للطريقة القديمة!..
السؤال الآن، هل ذكر عبارة «تحت رعاية الرئيس» هو من باب إن يحصِلنا البركة؟ طيب، ولو المؤتمر ليس تحت رعاية السيد الرئيس هل المعازيم لن تحضر؟ هل المؤتمر لن يتم تنظيمه أصلا؟.. المفروض أن الجميع يعمل الآن من أجل بناء البلد سواء الرئيس تدخل أو لم يتدخل، وسواء الرئيس سيحضر أو لن يحضر.. أيضا المفروض أن كل تلك الفعاليات من مؤتمرات وافتتاحات وحلويات يتم تنظيمها من أجل البناء وليس من أجل أن نلفت نظر الرئيس إلينا ولا من أجل التقرب إليه... هل ما ينفعش نقول إن هذا المؤتمر «حبا فى مصر»؟.. هل عيب نقول إن هذا المشروع يتم افتتاحه «من أجل مصر»؟.. ربما يكون فى الحرص على هذه العبارة بعض النفاق اللذيذ، لكنى أميل لاعتقاد أن السبب الحقيقى هو حالة نفسية!.. يذكرنى ما يحدث بفيلم شهير للفنان محمود عبدالعزيز اسمه «سوق المتعة» للمبدع «وحيد حامد»، حيث البطل بعد أن قضى سنين طويلة بالسجن وحصل على ثروة طائلة بعد خروجه بدأ يشكل الحياة من حوله لتكون نموذجا مطابقا لحياته فى الزنزانة، لدرجة أنه بحث عن المأمور الذى كان يعذبه بالسجن ليكون مشرفا على المشروع الذى سيقيمه!..
معروف أيضا أن المساجين داخل الزنازين محرومون من العلاقات الطبيعية لكنهم يلجأون لإشباع الغريزة بمشاهدة بعض الصور التى يتم تسريبها إليهم.. فى هذا الفيلم نجد أن البطل أدمن الاكتفاء بتلك الصور لدرجة أنه رفض بأريحية شديدة أن يقيم علاقة حقيقية مع سيدة محترفة بعد خروجه من السجن، واكتفى معها بالمشاهدة التى وجد فيها متعته!.. هكذا أرى المسؤولين الآن متمسكين بقديمه حتى فى التملق.. كأنهم لو لم يقولوا إنهم يتحركون برعاية الرئيس فإن هذا لن يشعرهم أنهم وزراء!..
كأنهم لو لم يقولوا هذه العبارة فستنزل عليهم صاعقة من السماء فى التو واللحظة!.. وربما يخشون أنهم لو لم يذكروا تلك العبارة ربما يغضب الرئيس، بينما ما أستشعره من شخصية الرجل أنه لا يتوقف إطلاقا أمام تلك التفخيمات والتبجيلات بل ربما يرفضها ويخشى أن تحتسب عليه ذنبا عند المولى تعالى.. لذلك أرجو منك يا حمادة إنك تجيب مصحف وحتة جبنة ثم تلف على كل مسؤول واحد واحد وتحلفه على المصحف وع النعمة الشريفة أنه ليس بهذه العبارة سيحصل على الرضى السامى بل بعمله وتفانيه.. أما ما أخشاه من تكرار هذه العبارة فهو إثارة التيه والإعجاب بالنفس لدى الرئيس، لذلك والنبى يا جماعة ما تبوظوش الراجل!
نقلا عن المصرى اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com