❞ المبارك: الإنترنت يلعب دور الخاطبة بشرط توافر حسن النية لدى الطرفين
❞ مروة: حلمي بالحياة المستقرة جعلني أقبل الزوج الإلكتروني
❞ أحمد: الفنانون لم يسلموا من مافيا «الهاكرز» والمنتحلين
❞ عباس: خطوبة «الأون لاين» تجربة إبداعية ضد تعنت السلطات
❞ البشر: استخدام «سوشيل ميديا» دليل وحدة أو اجتماعية مفرطة
❞ نصر: الظروف الاقتصادية جعلت التواصل عبر الأسلاك أسرع وأوفر
«القرية العالمية» أحد المصطلحات التي وضعها البروفيسور الكندي مارشال ماكلوهن في عام 1959، وقد تحدث عنه في كتابه «The Gutenberg Galaxy» الصادر عام 1962، وذلك في محاولة منه للتنبؤ بتأثير وسائل الإعلام على واقعنا وعالمنا.
وفق ماكلوهن، فإن الإنترنت وشبكاته حول العالم إلى قرية صغيرة، ومع تضاؤل فرص الزواج لأسبابٍ عديدة، منها ارتفاع الأسعار وضيق المعيشة، وتقدم التكنولوجيا وانتشار الإنترنت في جميع دول العالم وجميع المنازل، انتشرت مواقع التعارف والدردشة الكتابية ومواقع الزواج.
حول هذه الفكرة، يوجد العديد من التساؤلات والانتقادات، أولها هل يمكن أن تنتج علاقات دائمة ومستمرة من هذا العالم الافتراضي؟ وهل هناك ضوابط أو شروط واجب توافرها لنجاح زيجات الإنترنت؟ وما الأسباب التي ساهمت في الاعتماد وانتشار علاقات «السوشيل ميديا»؟ فبين مؤيد ومعارض لهذا الشأن تقاربت الآراء، وكان لـ«الكويتية» الفرصة في البحث وراء الأسباب، ورصد القصص الواقعية لأصحابها، ومعرفة الرأي والرأي الآخر.
في هذا السياق، تؤكد الكاتبة والناقدة السينيمائية، حنان شومان، أن الإنترنت شبكة عنكبوتية، حولت العالم بأكمله لقرية كونية صغيرة، فبكبسة زر، تصبح على اتصال مرئي ومسموع مع أي شخص في العالم، وعن حالات زواج الإنترنت، تقول: هناك شروط لنجاح أي زواج، سواء كان تقليديا أو غير تقليدي، مثل التوافق الفكري والعاطفي، والوسط الاجتماعي والمادي، وكلها من أسباب نجاح أو فشل الزواج، فهل تتحقق هذه الشروط عبر الإنترنت، يمكن أن تتحقق، ولكن بشكل افتراضي، أي ان الطرفين يفترض أنهما متوافقان عاطفيا وعائليا وفكريا، فأنا أقول يفترض بدرجة أكبر من افتراض المحبين في عالم الواقع، لأن الزواج التقليدي أيضا فيه نسبة افتراض، لكن لا تقارن بافتراض الإنترنت، وعالم الزواج خلال الإنترنت مبني على الخيالات الخاصة بصاحبها، وقد تحدث الصدمات حين يواجه الواقع، ولكن لكل قاعدة استثناء.
وسيلة تعارف
من ناحيتها، تقول د.سعاد البشر استشاري نفسي إكلينكي وأستاذ مساعد في كلية التربية قسم علم النفس: «ينتشر في السنوات الأخيرة الشغف على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح لدى البعض أصدقاء دائمون، وجماعات معينة، وتواصل معهم بشكل يومي لدرجة تكوين علاقات انتهت بالزواج من خلال فتح باب التعارف السهل، وتكوين علاقات بالنسبة لي هي وسيلة للتعارف، ولكن استخدامها قد يخدع أحيانا، ويعطيك جانبا محددا فقط من شخصية المتحدث، وقد يكون شكله مختلفا عن الصورة، وهناك اعتبارات أخرى قد تمنع الفرد من التعارف الحقيقي، وبعدها يحدث اللقاء أو الاتفاق على الزواج، وغالبا لا يتم ذلك بسبب ما يظهر فعليا عند اللقاء وجها لوجه، لذلك قد تساعد هذه الوسائل من تقارب الجنسين، لكن على كل فرد الحذر، وعدم الاكتفاء بهذه الوسيلة للتعرف على الآخر، وأنا مازلت أفضل التعرف خارج نطاق الإنترنت، وبعدما تتم الخطبة يمكن أن يستمر التعرف أكثر من خلال هذه الوسائل، إذا الزواج من خلال هذه الوسائل ليس المفضل عند الكثيرين، ولذلك نادرا ما يتم الزواج، وقد يكون استخدام هذه الوسائل دليل وحدة أو اجتماعية مفرطة، فهو أمر نسبي، ولا نستطيع إثباته لأن هناك من يستخدمها بهدف الشهرة أو الإفادة والنشر العلمي أو الدعاية أو لقضاء وقت الفراغ والمتعة.
علاقات إنسانية ويختلف معهم أستاذ الدراسات الدينية والاستشاري النفسي في العلاقات والزواج، د.ملاك نصر، حيث يرى أن العلاقات العاطفية والزواج من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت هي علاقات لا يمكن الحكم الثابت عليها، والتطرف في وصفها بالعلاقات السلبية أو الإيجابية لأنها ببساطة علاقات إنسانية وكانت له بعض النقاط منها.
أولا: قبل كل شيء يجب أن يتوقف الحكم عليها بعبارات وأحكام جامعة وشاملة، لأن لكل علاقة بين رجل وامرأة «افتراضية» أي من خلال الإنترنت لها طبيعتها الخاصة، ولها نجاحها وفشلها وفق معطياتها وظروفها ونتائجها.
ثانيا: أسباب انتشار العلاقات بين النساء والرجال على الإنترنت كثيرة، منها ما يتعلق بالظروف الخارجية لنا نحن الذين نعيش عصر الثقافة السيبريتيتية (cyber-culter)، والطبيعي أن نعيش حياتنا بهذه الثقافة، وبالتالي فمن المتوقع أن نتأثر بها، ونتأثر بالواقع الذي نعيشه، ونظرا لظروف أخرى اقتصادية، لم يعد من المتاح للرجال والنساء أن يجدوا الوقت أو الظروف للتقابل، فأصبح التواصل عبر الأسلاك الأسرع والمتاح والأقل تكليفا، أما الظروف الداخلية، فهي في نظري الأقوى في انتشار هذه الظاهرة، حيث الافتقاد لمن يحبنا حبا فيه التقدير والاحترام والقيمة الذاتية التي نشعر بها عندما نحب شخص آخر، فلقد صارت هناك علاقة ما تسمى بـ «المشاعر الإلكترونية» أو المشاعر الافتراضية (virtual function)، التي تعوض عبر مواقع فقيرة عاطفيا واجتماعيا وجنسيا أيضا، فعندما يبخل علينا الواقع ومن حولنا بالحب نلجأ له عبر شاشات الكمبيوتر والمحمول.
أما عن نجاح العلاقات أو فشلها، فالأمر يتوقف تماما على خلفية علاقة نشأت عبر الإنترنت، وإن كان هناك الكثير من القصص الفاشلة عن تلك العلاقات، إلا أن هناك علاقات بدأت افتراضيا، واكتملت واقعيا.. فالحب أسمى عاطفة بين الرجل والمرأة، يمكن أن يتخذ أشكالا ولغات عديدة، ولكنه سيبقى أجمل عاطفة تحتاج الرعاية والنضج.
زواج إلكتروني
أما مروة الهاشم، فتقول بحزن: «أشعر كأنني وقعت في بئر عميق، لا أعرف آخره، فأنا فتاة في العقد الثلاثين من العمر، سودانية الجنسية، مواليد السعودية، ومع تزايد ضغوط الأهل ونظرة المجتمع لي كعانس اضطررت لقبول الزواج بشخص لم أره قط، ولكنني أصادق أخته منذ زمن بعيد، وهي
كانت زميلة لي في الجامعة، وأعجبت في بداية الأمر بالفكرة، فالشاب يعيش في دولة أوروبية، وهو ما جعلني أتغاضى عن طريقة التعارف والزواج الإلكتروني، فالحلم بالحياة الآمنة المستقرة كان هدفي، وخصوصا أن الحياة في دول الخليج أصبحت صعبة الشروط والقوانين، بعد تعارفنا بفترة بسيطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحدث الشاب مع والدي عبر برنامج «السكايب»، وتم الاتفاق على إتمام إجراءات الزواج في السفارة والمحكمة بتوكيل لمحام، بشرط أن يتمم أوراق السفر وغيرها من المستندات، وبالفعل تم عقد القران، وبدأت بتجهيز الزفاف، إلا أن زوجي تراجع عن كل ما وعد به، ولم يفِ بالاتفاق في الوقت المحدد، وظل الوضع كما هو عليه إلى وقتنا هذا، فأصبحت بين نارين الأولى هي أنني تزوجت بالفعل، ولكن مع إيقاف التنفيذ ما يقرب العام وأكثر، فقد عانيت وتوقف طموحي في إتمام دراستي، وهل بالطلاق فسأكون تخلصت من لقب عانس، ولقبت بالمطلقة، وهو ما لا يحمد عقباه في مجتمع يتجنى على المرأة في كل شيء،
ونصيحتي بعد هذه التجربة المريرة لكل فتاة، بألا تقبل على خطوة مثل هذه، فلا عقد من دون حياة زوجية حقيقية.
دور الخاطبة
يوافقها الرأي سالم المبارك الذي يقول: «أرى أن الإنترنت في هذه الحالة يلعب دور «الخاطبة»، بشرط توافر حسن النية من الطرفين، فإذا صحة النية، يمكن اعتباره جواز صالونات، تتوافر فيه جميع الأركان والشروط، بما أنه وسيلة للتواصل الاجتماعي، فإن صح دوره فيصبح أيضا وسيلة للزواج، ولديه العديد من العلاقات عن طريق «السوشيل ميديا»، ولكنها لم تتعد حاجز الصداقة، ولديه صديق مر بتجربة، حيث تعرف عن طريق «فيسبوك» على فتاة أعجب بعقليتها وشخصيتها من خلال تعليقاتها وآرائها، وما تنشره على صفحتها الشخصية، ويقول سالم إن صديقه يتمتع بالفراسة الكافية التي تجعله يكتشف صدق الشخص من عدمه، وطالت الأحاديث والنقاشات بينهما إلى أن شعر صديقه بانجذاب للفتاة، وصارحها بحقيقة مشاعره، وتحولت القصة الافتراضية إلى أرض الواقع، وبالفعل سافر الشاب بصحبة أهله لرؤية الفتاة لإتمام الزواج، إلا أنه لم يوفق مع فتاته، واكتشف أن طبائعهما مختلفة أو لم يحل النصيب بعد على حد قوله.
عالم وهمي
وعلى النقيض تماما، جاء رأي وليد (28 عاما)، حيث يعتبر الإنترنت عالما وهميا، والأشخاص غير حقيقيين، وأنهم يخفون جزءا كبيرا من شخصيتهم، فمثلا إذا كنت شخصا عصبيا، فلن تظهر ذلك على الإنترنت أو من الصعب اكتشاف ذلك من خلال محادثة كتابية، واعتبر أن هذا يعد نفاقا، فكل طرف يحاول إظهار أفضل ما عنده أو التجمل، وأنا كرجل مقبل على الزواج لا أود ذلك عن طريق مواقع التواصل، ويجب أن أرى الشخص في الواقع من دون زيف أو تمثيل.
«هاكرز».. ومنتحلون
ويؤكد أحمد الغول (مهندس) أن هذه علاقات غير جدية، ويصفها «بعلاقات الشارع»، وأن الحسابات المزيفة انتشرت، فينشئ أشخاص حسابات لفتيات لكي يستطيعوا الوصول بسهولة للفتاة ومعرفة بياناتها الشخصية ومطاردتها. كما انتشرت عصابات تقوم بابتزاز الرجال والنساء بعد توريطهم بمحادثات فيديو أو بصور فاضحة بعد إيهامهم بالزواج.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com