في أحد شوارع حي بولاق الدكرور الضيقة، يقف مجموعة من الشباب لا تتجاوز أعمارهم العشرين عامًا، يتذكرون مقطع الفيديو الذي بث على اليوتيوب، والذي يظهر قيام مجموعة من الشباب بذبح أحد الكلاب بطريقة وحشية، يقاطع نقاشهم رجًلا عجوزًا، منتصب القامة، يرافقه كلب كظله، يرمقه أحد الشباب بنظرة استغراب قبل أن يقول "أخبار كلابك إيه يا عم قط".
منزل عم قط معروف لجميع أهل الحي، كلابًا كانوا أو بشر، وبمجرد دخول شوارع الحي التي لا يتجاوز اتساعها المترين، تحاط بك الكلاب من كل اتجاه، يعرفون صديقهم الوفي جيدًا، يحفظون ملامح وجهه التي رسمها الزمان على مدار خمسين عامًا، هي عمر عم "قط"، والذي اعتاد أن يقابلهم دائمًا بابتسامة قبل أن يلاعبهم، كما تلاعب الأم صغيرها.
"دول ولادي الحقيقيين".. كلمات بدأ بها عم قط حديثه عن كلابه، بوجهه الباسم، بعد أن انتصر الزمان على صف أسنانه العلوية، وظهر على وجهه تجاعيد الشيخوخة، بعد أن تجاوز الخمسون عامًا، دون أن يكون له أولاد، فهو يعيش في بيت ضيق جدًا مع زوجته أم كريمة، وكلبه الوفي "لبط"، "لبط دايمًا معايا مش بيسبني وهو بيبات في الأوضة دي لكن بقيت أخواته بيباتوا في البيت التاني".
محمد خضيري، هو الاسم الحقيقي لعم "قط"، وهو منذ صغره مولع بتربية الكلاب، "أنا ماليش في الدنيا دي غير السبعة كلاب دول"، أم هذه الكلاب هي "فلة" كما يحلو لعم "قط" أن يسميها، أهداه أياها أحد أصدقائه، الذي يعمل "عربجي" عندما كان عمرها لا يزال شهرًا واحدًا، ليعتني بها "قط" وتنجب له بعد فترة 7 كلاب، يعتبرهم أبناءه، ويهتم بهم ويرعاهم.
"لبط وفلة وياسمين وشاويش وكلازة ومشمش"، هذه هي أسماء كلاب عم "قط"، والتي يراها أكثر وفاءً من البشر، "هما عندهم إخلاص أكتر من البشر.. أنا ربيت بني آدمين وخانوني، أقرب الناس ليا خانوني وسرقوني، لكن دول مش بيسرقوني وبيخافو عليا وبيحموني، ومش طالبين مني حاجة غير بواقي الأكل بتاعتي".
يعيش عم قط مع زوجته في منزل متواضع، بينما يعيش كلابه في غرفة بها سرير، وفي إحدى زواياها مروحة تعمل في الصيف، وفي منتصفها طبق كبير من الألومنيوم، به كميات كبيرة من لحوم الفراخ المطبوخة، والموضوعة على "شعلة" لتحافظ على درجة حرارتها، وتظل طازجة وقتما يريد الكلاب الأكل، "أنا بشتريلهم هياكل الفراخ مخصوص وبطبخهالهم.. وعمري ما أسيبهم جعانين".
يحرص "قط" على مداعبة كلابه يوميًا عند إطعامهم، وهو لم يشاهد الفيديو الذي يظهر تعذيب "كلب الأهرام" وذبحه، إلا أن زوجته شاهدت هذا الفيديو جيدًا، وتعتبر أن من فعل هذا مجرم و"معندوش إنسانية"، فالكلاب لا تؤذي أحدًا من وجهة نظر "قط"، "معنديش كلاب مسعورة دول أحن عليا من البني آدمين اللي ربيتهم وعاشرتهم".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com