مصر قاطرة العرب وأكبر دولة عربية، فهى دولة ذات ريادة وحضارة وتاريخ وهى صفات وهبها الله سبحانه لمصر دون غيرها من دول المنطقة، ومن ثم فإن الواجب الذى تقوم به مصر لحماية الأمن القومى العربى ومقاومة مشاريع التقسيم والطائفية التى تعبث بأمن مصر والمنطقة ككل ليس دورا ثانويا ولا أمرا اختياريا تقوم به مصر، كما أنه ليس تدخلا فضوليا فى شؤون غيرنا ولا عدوانا على الغير، إنه الدفاع عن الأمن القومى والعربى الذى اهتز إبان ما يعرف بالربيع العربى، حيث تستغل بعض الكيانات التى تعتمد مشروعا طائفيا له أطماع وامتداد كبير فى قلب المنطفة العربية خاصة فى اليمن ودول الخليج العربى، هذه الكيانات تستغل حالات الصراعات الداخلية والسيولة الأمنية التى أوجدتها تيارات بعينها فى كثير من دول المنطقة، مما أوجد حالة من إرادة الفوضى لمصر والعالم العربى على المستوى الداخلى والخارجى.
وهذه الأطماع الطائفية لم تكتف بدعم الجماعات الطائفية التى تنشر القتل والخراب وتدير حربا أهلية فى اليمن الشقيق، وفى غيره من بلاد العرب والمسلمين بل تمتد أطماعها للسيطرة على الممرات المائية الحيوية التى يعد المساس بها مساسا بأمن مصر والدول العربية جمعاء، مما يعد إعلانا صريحا للحرب وتحديا وعدوانا سافرا لا سبيل إلى تجاهله أو السكوت عليه، كما يعد استهانة بقوة مصر وقدرتها العسكرية والقتالية، وكان لابد من تبديد هذه الأوهام لهذه الكيانات الطائفية.
والأمة العربية - وهى فى مجملها أهم كتلة فى العالم الإسلامى وهى فى مجملها أيضا تمثل غالبية المسلمين على منهج أهل السنة والجماعة - تتعرض لهجمة شرسة تعمل على تغيير خريطة العالم العربى والإسلامى وإعادة تقسيمه وفق أوهام وخرافات طائفية ما أنزل الله بها من سلطان.
على الأمة العربية أن تستيقظ وأن تتنبه لما يحاك ويدبر لها، وعلى بعض الدول العربية التى تورطت فى المساهمة فى مشروعات تقسيم الوطن العربى ودعم الإرهاب أو الطائفية أن تتوب إلى الله تبارك وتعالى، وأن تثوب إلى رشدها، وأن تعترف بخطئها، وأن تقر بأنها كانت أداة فى يد من لا يعمل إلا على تدمير الوطن العربى وتقسيمه.
ها هى المؤامرات تتوالى تترى فما تنقضى مؤامرة إلا ونرى الأخرى تطل برأسها آخذة بركابها، وما تنطفئ نار فتنة داخلية حتى تشتعل نار فتنة خارجية غيرها، والهدف مصر وتدمير مصر، ومصر بإذن الله منتصرة شامخة.
إن مصر لن تنهار أبدا بإذن الله تبارك وتعالى وتصور سيناريو انهيار مصر قد يكون مستحيلا بعد نجاح القيادة السياسية والجيش فى إفشال المخطط الغربى، وإنقاذ بلادنا بل وغيرها من البلاد من براثن مخطط الإرهاب.
على الجانب الآخر تنتشر داعش بأفكارها المنحرفة المتشددة فى العراق وسوريا وليبيا وإننا نحذر الإخوة فى العراق وفى سائر بلاد المسلمين من التحالف مع هذه التيارات المتشددة باسم نصرة السنة، إنه تحالف مع الخاسر الأكبر، وتحالف يوقع السنة فى مطب الانتقام الطائفى، فالإسلام أبعد ما يكون عن داعش ومعتقداتها.
كما أننا نحذر الإخوة فى سوريا من التحالف مع الجماعات المتطرفة، فالإسلام بمبادئه أوسع من كل تلك الجماعات التى حولت سوريا من حضارة عريقة إلى تلك الحالة الطائفية المتردية البغيضة.
على العرب أن يتضامنوا ويتحدوا صفا واحدا على مشروع الإسلام الوسطى الذى تحمله المؤسسات الرسمية العريقة وعلى رأسها الأزهر الشريف.
الإسلام الوسطى المعتدل المتسامح الذى فتح مكة هو إسلام الرحمة الذى قاده الشعار الذى أطلقه النبى عليه الصلاة والسلام لأعدائه «اذهبوا فأنتم الطلقاء».. لا إسلام الخوارج والجماعات الطائفية، ولا إسلام داعش والنصرة.
وسيأتى اليوم الذى يعود فيه هذا الإسلام إلى الصدارة، حين تلتف الشعوب حول العلماء الوسطيين وترى فيهم الممثلين الحقيقيين للإسلام. ولن يكون ذلك إلا بعد أن تنكشف حقيقة كل ناعق باسم الإسلام، وبعد أن تنكشف للشعوب حقائق هذه التيارات والجماعات الطائفية.
الصعوبات التى تواجه الأمة العربية كثيرة وخطيرة على كافة المستويات، وإن تجسيد التعاون العربى والتضامن المشترك فى صورة قوة عربية موحدة، واقتصاد عربى قوى، وتنمية عربية شاملة لكافة المجالات، هو السبيل الوحيد الذى يعطى الأمل فى النجاة بل فى التقدم والنمو والازدهار أيضا.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينبهنا أن الذئب إنما يأكل من الغنم القاصية، وفى ظل عالم يموج بالتكتلات والصراعات لا مجال أن تناقش المتآمر على أمنك ووطنك، بل عليك أن تسخر كل قوتك وطاقتك كى تحافظ على أمن واستقرار وطنك.. فاتحدوا يا عرب.
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com