ما تمر فيه منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، ما هي إلا ظروف استثنائية ستمضي يوماً بكل ما خلفته من معاناة وظروف كارثية، سواء على المستوى الفردي للكثير من الاشخاص والعائلات الذين فقدوا ذويهم أو الذين اضطرتهم الأمور الى فقدان أعمالهم وممتلكاتهم وهجر أوطانهم، أو على مستوى المؤسسة السياسية، والتي صبغت خريطة المنطقة باللون القاتم، حتى يصعب معه الرؤية او التنبؤ بالهين اليسير من شكل خريطة المنطقة المقبلة في ظل الظروف الجارية، وذلك لأن الاحداث العشوائية تؤدي الى نتائج عشوائية.
ومع ذلك فإن أهم صفات هذه المرحلة أنها كشفت، بل اكدت الكثير من سلبيات الأمور بشكل جلي لا لبس فيه، خصوصاً دور بعض دول الخليج، وفي مقدمها قطر تجاه ازمة المنطقة ومواقفها السلبية مما زاد الأزمة تأزماً من خلال دعمها البؤر الارهابية.
وعلى الرغم من ذلك لا أود أن أتوقف عند سلبيات الأمور، فهناك من الايجابيات المضيئة ما يستحق التوقف عنده وفي مقدمها لبنان بشعبه وقادته ودوره الرائد تجاه الازمة السورية. وقبل أن أثني على دور الحكومة اللبنانية التي استقبلت على أرضها أكثر من مليون ونصف المليون سوري ووفرت لهم المأوى والعيش الكامل على أرضها الطيبة، أود أن أشيد بدور السيدة صبحية كرمز لعشرات اللبنانيين الذين فتحوا بيوتهم لأشقائهم من دون مقابل، وهذا ليس بجديد على القامات والهامات اللبنانية، ووعيهم لحجم معاناة شقيقتهم سوريا النابع من تجربة التهجير تحت اندلاع ألسنة الحرب الداخلية الذي تجرّع الشعب اللبناني مراراتها مراراً وتكراراً.
لا شك في أن الموقف بطولي ينفرد به من بين كل الدول العربية بلد بمساحة لبنان الذي لم يتجاوز 10452 كلم مربع وعدد سكانه 4 ملايين نسمة تقريباً باستيعاب مليون ونصف مليون مواطن سوري طلباً للحماية والأمان في بلد أرجو من الله القدير أن يكون راية للأمن وصمام الأمان في المنطقة.
لكن إن كنت قد ذكرت في صدد مقالي السيدة صبحية كرمز لكل اللبنانيين في العطاء، فعلى المقلب الآخر رجاء موفق ذات الربيع الثاني من عمرها سورية المولد ومقيمة على الارض اللبنانية، كرمز للمعاناة، فهي تريد العودة الى وطنها بصفة استثنائية لإتمام زفافها ليشع من خلالها بصيص من البهجة وسط الغيوم الحالكة. لا أحد يستطيع التقليل من دور لبنان تجاه الأزمة السورية وبكل التقدير والاحترام للشعب اللبناني على استيعاب هذا الكمّ الهائل وهو السبب الرئيسي وراء أزمة منح الاقامات بصفة منتظمة. لكن أدعو الأمن العام اللبناني بنوع من الرجاء النظر الى الحالات التي قد لا تقبل التأجيل مثل الحالات المرضية أو بعض الحالات الاضطرارية أو أمثال حالة رجاء لأننا في أمسّ الحاجة الى بريق أمل وسط هذا الظلام الدامس.
نقلا عن النهار
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com