رغم رفض الكنيسة الأرثوذكسية زيارة الأقباط للقدس، لا سيما أنها ما زالت تحت الإحتلال الإسرائيلي، إلا أن الآلاف منهم بدأوا في التوافد على المدينة المقدسة للحج، ضاربين تحذيرات الكنيسة لهم بعرض الحائط، وبرروا عدم الإنصياع لتعليمات الكنيسة بأنها ذات صبغة سياسية، وليس هناك نص في الأنجيل يحرّم زيارة قبر المسيح، بسبب إحتلال القدس، ورفضوا الإتهامات الموجهة إليهم بـ"التطبيع".
القاهرة: بدأ المسيحيون المصريون في التوافد على مدينة القدس لزيارة الأماكن المسيحية المقدسة، ضمن أسبوع آلام السيد المسيح، وغادر مطار القاهرة نحو ثلاثة آلاف قبطي، متجهين إلى الأردن ومنها إلى مدينة القدس، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى نحو عشرة آلاف مسيحي. ويسافر المسيحيون المصريون إلى القدس للمشاركة في اسبوع آلام المسيح، وزيارة قبر النبي عيسى، ويستلزم ذلك الحصول على موافقة جهاز الأمن الوطني المصري، وقال يوسف بطرس، مدير شركة سياحة تتولى تنظيم الرحلات إلى القدس، إن الأقباط دأبوا على السفر إلى القدس للحج كل عام، مشيراً إلى أن السفر يكون عبر الأردن من خلال جسر الملك الحسين، أو عبر معبر رفح أو عبر مطار بن غوريون في تل أبيب. وأضاف لـ"إيلاف" أن زيارة القدس تستلزم مجموعة من الشروط، أولها ألا يقل السن عن خمسة وأربعين عاماً، مشيراً إلى أن القبطي يسلم جواز سفره إلى الشركة، التي تسلمه بدورها إلى جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية المصرية، للإستعلام عن صاحب جواز السفر، وهل هو حسن السيرة والسلوك، ويرغب في زيارة الأماكن المسيحية المقدسة أم الهجرة إلى إسرائيل مثلاً.
ولفت إلى أن موافقة "أمن الدولة" شرط أساسي للسفر، منوهاً بأن المسافرين يحصلون على تأشيرة من السفارة الإسرائيلية في القاهرة. وذكر أن الرحلة تستغرق ما يتراوح بين أسبوع وعشرة أيام، وتتكلف ما يتراوح بين 12 و15 ألف جنيه مصري، وتتضمن زيارة قبر المسيح، وكنيسة القيامة، وطريق الصليب، ودير ماري جرجس، لمعايشة آلام السيد المسيح قبل الصلب. قرار سياسي وحول رفض الكنيسة زيارة الأقباط للقدس، وهي تحت الإحتلال الإسرائيلي، واعتبار البعض أن الزيارة نوع من التطبيع، قال بطرس، إن قرار الكنسية الأرثوذكسية سياسي، وليس قرارا دينياً، مشيراً إلى أن القرار اتخذه البابا شنودة الثالث الراحل تضامناً مع قرار يخص المسلمين ويقضي بعدم زيارة القدس طالما ظلت تحت الإحتلال الإسرائيلي. وأضاف أن زيارة الأقباط للأماكن المقدسة في القدس، لا تعتبر تطبيعاً، لا سيما أنها ليست زيارات سياسية أو ترفيهية، بل زيارة دينية مقدسة.
ونبه إلى أن هناك رموزا إسلامية زارت القدس ومنهم المفتي المصري السابق الدكتور علي جمعة، وتعرض للهجوم نفسه الذي يتعرض له الأقباط كل عام. وأشار إلى أن زيارة الأقباط للقدس تعتبر دعماً للقضية الفلسطينية، وتلبية لدعوات كثيرة أطلقها الرئيس محمود عباس، ورموز فلسطينية أخرى، وقال: "لن نكون أكثر وعياً واهتماماً بالقضية الفلسطينية من أصحابها"، لافتاً إلى أن الفلسطينيين لو يعلمون أن الزيارة سوف تشكل ضرراً لقضيتهم لأعلنوا رفضهم لها.
إلتزام الأقباط بدعم القضية الفلسطينية وقرر البابا شنودة الثالث الراحل منع الأقباط من زيارة القدس، "إلا بصحبة إخوانهم المسلمين" في تأكيد منه على إلتزام الأقباط بدعم القضية الفلسطينية، وعدم تطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا بعد إزالة الإحتلال عن الأراضي العربية. وفي البداية شمل القرار حرمان المخالفين من التناول لمدة سنة، وتقديم إعتذار في الصحف للبابا والكنيسة، ثم خفف العقاب إلى الحرمان من التناول دون تقديم إعتذارات في الصحف.
وتجدد الكنيسة رفضها للزيارة في مثل هذا التوقيت من كل عام، وقال البابا تواضروس الثاني في تصريحات له: "مصرون على موقفنا، واللي عايز يروح يروح". وقال المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية، القس بولس حليم، لـ"إيلاف" إن موقف الكنيسة ثابت ولم يتغير من قضية سفر الأقباط إلى القدس في ظل الإحتلال الإسرائيلي. وأضاف أن الكنيسة تحظر هذه الزيارات، ولن تسمح بها إلا مع إخواننا المسلمين، بعد زوال الإحتلال الإسرائيلي. ولفت إلى أن الكنيسة تقف بحزم أمام أي تحايل على القرار. وفي الوقت الذي تحظر الكنيسة المصرية حج الأقباط الى القدس، يدعوهم الرئيس الفلسطينى محمود عباس، إلى زيارة المدينة المقدسة، نافياً أن تكون الزيارة تطبيعا مع الاحتلال الإسرائيلي. وقال في تصريحات سابقة له :"من يزور القدس يزور السجين وليس السجان"، معتبراً أن زيارة الأقباط للقدس تدعم القضية الفلسطينية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com