لماذا نزلت أمكم حواء عارية من السماء ولم يحجبها رب السماء ويلبسها النقاب؟
نضال نعيسة
يعتبر الحجاب والنقاب اليوم من أهم رموز الصحوة، فهما كالصليب المعقوف بالنسبة للنازية، والمنجل والمطرقة بالنسبة للشيوعيين، و"الزوبعة" بالنسبة للقوميين السوريين، وإذا كنا نتفهم علاقة تلك الرموز الصليب، والمنجل والمطرقة، والزوبعة بالبعد للإيديولوجي لكل من العقائد، فإننا لا نجد أي ربط بين الحجاب والتدين، هذا إذا اعتبرنا الفطرة مرجعنا، فالأصل أن يكشف الإنسان عن هويته ويعرف مجتمعياً لا أن يخفى ويطمر في أكياس "خيش"
سوداء، ناهيك عن أنه لا يوجد آية صريحة توجب الحجاب أو النقاب وكل تفسيرات الشيوخ والفقهاء التفافات لا سند منطقي وعقلي أو فقهي ونصر لها. فهناك الكثير من الآيات البينات الواضحات حول التحليل والحريم، كالقول مثلاً كتب عليكم.....، لا تأكلوا أموالكم.....، قاتلوا الذين... ، وحرّم عليكم ....، إلخ هذه آيات واضحة وصريحة حول طلب شيء ورضه لكن لا يوجد ما يماثلها بالنسبة للخمار والحجاب والنقاب التي هي عادات صحراوية بدوية أريد (بضم الألف) تصديرها للعالم باعتبارها مقدساً.
وفي الحقيقة تعتبر هذه الرموز-الحجاب والنقاب- مسيئة لتلك المجتمعات التي تطبقها أكثر من اعتبارها مظاهر عفة وورع وتقوى وطهارة، يوحي بعدم وجود أي نوع من الأمان المجتمعي أو الجنسي في هذه المجتمعات وستحدث فوضى وانحلال وتهتك بمجرد خلع النقاب، وهناك جوع تاريخي قرأنا عنه
كثيراً في التراث الخالد، وشذوذ وشبق جنسي وعزل جنسي عنصري وأن المرأة لا تأمن على الخروج بنفسها من دون "واق أنثوي" (هل يمكن أن نطلق على النقاب "الواقي الأنثوي" على غرار الواقي الذكري الذي يمنع وقوع المحظور والعياذ بالله لأن كلاهما يؤدي نفس الوظيفة؟) حتى لا يفترسها
الرجال الذئاب وتغريهم، وهم بهذا المنطق، بشر لا يكبتون مشاعرهم وغرائزهم الجنسية وهم أقرب للحيوان، وعذراً للمصطلح، من الإنسان، فالإنسان الطبيعي والصحي هو إنسان عفيف شريف يضبط أعصابه ويضبط غرائزه ولا يحاول الاعتداء على النساء وممارسة الجنس إلا وفق ما هو طبيعي
وصحي وبالقبول والحب والإعجاب...إلخ. من هذا المنطق الحجاب والنقاب هو إدانة أخلاقية لكل المجتمعات التي تتبناه وترفعه كون سلوكها الجنسي غير مضبوط وهذه بوادر شذوذ وانحلال لا تخفيه مظاهر الورع والرياء والنفاق الكاذب على السطح، وأن سكانها غير قادرين على التحكم بغرائزهم الجنسية رغم وجود عقيدة دينية يفترض أنها تمنع من الانحراف والشذوذ وممارسة الجنس. نحن أمام جملة من المتناقضات والمبهمات في هذه
المجتمعات كلها تنسف بناها الإيديولوجية بالكامل. والأهم من هذا وذاك كيف سنكتشف وكيف سنعرف مدى تقوى وعفة المؤمن والمؤمنة ونختبرهما استعداداً ليوم الحساب العظيم، إن لم يكن هناك اختلاط؟ وهذه أهم نقطة جوهرية في فقه الحجاب والنقاب، الذي فيه يمترون.
ومن هنا لا ندري لماذا الحجاب والنقاب ما يزالان مطلوبن لدى المجموعات البشرية المؤمنة التي لم تعرف بعد وبعد 1400 عام من الضخ التعبوي السماوي أن تضبط غرائزها الجنسية وإن كنا نتفهم ضرورة وجودهما في المجتمع الجاهلي "الشاذ" والمنحرفغ والمريض، فما هو مبرر وجودها في مجتمع جديد عفيفي مصون محافظ يتقي الله ويخشاه؟ إذ لا ينبغي في هذه الحال، فرضه في الدول الدينية كون الجميع، ويا عيني عليهم، يخافون الله، ولا يحاولون الانجرار وراء غرائزهم. كما لا ندري لماذا تخاف المرأة المسلمة، وتحديداً الخليجيات، من مجتمعها المؤمن المتدين المحافظ، وتتحجب،
وتتنقب، وتخفي نفسها في أكياس "الخيش" السوداء، أكثر من خوفها في مجتمعات أخرى، لأنها حين تذهب إلى الدول الإباحية و"الكافرة"، والعياذ بالله، تخلع عباءاتها، ونقابها، وترمي بالخيام السوداء وراء ظهرها، دون أي شعور بالخوف من أن يفترسها أحد على عكس رعبها من خلع الحجاب في دول الإيمان والعفة والوقار؟ وقد رأيت بأم عيني خليجيات من الدول إياها، التي تقطع رؤوس الناس في الشوارع، وتجلد المتبرجة، وقد تحولن إلى فاتنات
ونجمات "سكس" وإغراء بمجرد صعودهن للطائرة والطيران خارج أجواء دول الوقار والإيمان؟ والسؤال لماذا تأمن المحجبة على نفسها في شوارع الإباحية والكفر والضلال وتبرج وتخلع النقاب ولا تكون فتنة وشيطاناً، ولكنها لا تأمن على نفسها في شوارع الوقار والإيمان والورع والتقوى اللهم إلا إذا لم يكن لديها ثقة بهذا المؤمن الذي تربى على قيم وثقافة الصحراء القائمة على سبي النساء، تلك الشرعية البدوية التي لا يتناطح فيها عنزان.؟
والأصل أن تتبرج وتتعرى في دول الإيمان دون خوف بسبب جرعة الإيمان الزائدة لدى المؤمنين، ولاسيما أنهم مبشرون بالجنة حيث الحور العين والغلمان المرد المخلدون بحيث تتحول الجنة وفق هذه المناظير والتصورات المرسلة، إلى مواخير وكباريهات كبيرة لا شغل للناس فيها سوى ممارسة الجنس،
والأهم من هذا وذاك، أن الصحويين، والفقهاء، ما انفكوا يقولون لنا بأن الدين هو دين الفطرة، أي على الطبيعة، وكما نعلم فالرضيعة الصغيرة التي حللوا تفخيذها، تأتي فطرياً وطبيعياً بدون حجاب ولا نقاب، أي الفطرة أن تكون عارية، وإلا لكانت السماء قد أرسلتها بطريقة فيها "شوية" حشمة وستر، كي لا ينقض عليها الأطباء وفريق التوليد، بالمناسبة ما حكم انكشاف عورة الرضيعة على فريق التوليد، وبعضهم يكون من النصارى والمشركين والعياذ بالله؟
وثالثة الأثافي هو أن أمنا "حواء" نزلت عارية من السماء إلا من ورقة التوت، وربي كما خلقتني، وهذه أم البشر ورمزهم وقدوتهم وحظوتهم وأقنومهم المحتذى، حسب الأساطير الدينية، ولم تنزل لا بنقاب ولا بحجاب، ولم يحجبها الله، ولم يطلب منها ذلك، وكانت عارية حسب الفطرة، أمام الله، وهذا
يعني أن الله لم يغضب من عورتها، وكان موافقاً على ذلك، كما لم يفكر بحشمتها، ولو كان هذا الأمر وارداً بتفكير الله وعلى تلك الدرجة من الخطورة التي يصورها بدو الصحراء وفلاسفتهم، لحجبها ونقبها وصلى الله وبارك، كي لا تثير غضبه، أو غريزة إبليس اللعين والشيطان الرجيم، كونها غير
محجبة ومنقبة وتظهر كل مفاتنها وعورتها أمامه؟ هل يحق لنا أن نسأل لماذا لم تنقب أمنا حواء وكانت عورتها وكل أجزاء جسدها بارزة وواضحة وخاصة أمام الله؟ ومن هنا فالطرة، واقتداء بأمنا حواء، تقتضي، كما يفعل الغرب الكافر، أن تتعرى المرأة، وألا تختبئ، وتنزوي، وتطمر، وتقبر داخل الحجاب والنقاب والأكياس السوداء. وكذلك الأمر بالنسبة للرجال، ومن هنا فالثياب وكل أنواع القماش وستر العورات، هو حرام بحرام، وكله اقتداء بأبينا وأمنا آدم عليهما السلام وكله حسب الفطرة، وخطاب الشيوخ الأجلاء، رضوان الله تعالى أجمعين.
(لا أدري لماذا لم ينقب أبونا آدم زوجته، وهو قدوتنا، أمام إبليس والملائكة الآخرين والشيطان اللعين الذين تلصصوا جميعاً على عورة أمنا حواء، ورأوها كلهم؟ ويا "عيب الشوم بس")،
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، من كل ذنب عظيم.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com