بقلم : بولس رمزي
لقد اصدر رئيس المحكمه الدستوريه العليا قرارا بايقاف الحكم الصادر من المحكمه الادارية العليا في شأن الزام الكنيسه بالتصريح لاحد المختصمين معها بالزواج الثاني وبمجرد الاعلان عن صدور هذا القرار القاضي بايقاف تنفيذ هذا الحكم والا كعاداتنا هلل الكثيرون وارتفعت صيحات الانتصار دون اي درايه , وهنا انا اري ضرورة التروي وعدم الافراط بالفرح والشعور بالانتصار للاسباب التاليه :
1- ماصدر عن رئيس المحكمه الدستوريه قرارا وليس حكما قضائيا
2- هذا القرار اجراء طبيعيا بمقتضي احكام الماده 32 من قانون المحكمه الدستوريه العليا التي تقضي احكامها " ولرئيس المحكمة ان يامر بناء على طلب ذوي الشان بوقف تنفيذ الحكمين او احدهما حتى الفصل في النزاع " وهنا فان الايقاف ايقافا مؤقتا وليس نهائيا
ومن خلال هذا المقال سوف أتعرض لهذا الموضوع من خلال المحورين التاليين :
اولا – مدي دستورية الاشكاليه المعروضه امام المحكمه الدستوريه العليا
ثانيا – مدي دستورية الحكم القضائي الصادر من المحكمه الاداريه العليا
في هذا المقال سوف اقوم بعرض الموضوع من وجهة النظر القانونيه والدستوريه وبشكلا محايدا بعيدا عن احكام الكتاب المقدس في هذا الشأن فانا لست برجل دين حتي اناقش الموضوع من وجهة النظر الدينيه وهنا سوف اكتفي بمناقشة من وجهة النظر القانونيه والدستوريه
اولا – مدي دستورية الاشكاليه المعروضه امام المحكمه الدستورية العليا:
أمر المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا اليوم بوقف تنفيذ حكم الإدارية العليا بإلزام البابا شنودة بمنح تصريح بالزواج الثاني لمجدي ويليم.
يأتى القرار بموجب السلطة المخولة له بمقتضى المادة 32 من قانون المحكمة، وذلك مؤقتا لحين الفصل في موضوع دعوى التنازع.
والجدير بالذكر انه قد سبق أن أيدت المحكمة الإدارية العليا حكم محكمة القضاء الإداري (أول درجة) بإلزام قداسة البابا شنودة الثالث بإعطاء الكنيسة الأرثوذكسية تصريحا بالزواج للمرة الثانية لمواطن قبطي مطلق بموجب حكما قضائيا , حيث رفضت المحكمة الطعن المقدم من البابا شنودة على هذا الحكم.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها الذي أصدرته برئاسة المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة إن الحق في تكوين الأسرة حق دستوري يعلو فوق كل الاعتبارات وأن المحكمة إذ تحترم المشاعر الدينية غير انها تحكم وفقا لما قرره القانون مشيرة إلى أن القاضي لا مفر أمامه إلا تنفيذ ما نص عليه القانون وقواعده
وكان البابا شنودة الثالث قد لجأ إلى المحكمة الدستورية العليا برفع دعوى تنازع طالبا الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين إعمالا لحكم المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية.
من الكنيسة الأرثوذكسية، وأيدت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29 مايوالماضي هذا الحكم.. وهو ما يناقض الحكم الثاني الصادر عن محكمة جنح الوايلي في الجنحة رقم 7418 لسنة 2008 الذي قضى ببراءة قداسة البابا مما نسب إليه،وقد صار هذا الحكم باتا لعدم الطعن عليه.
وتنص الماده الخامسه والعشرون من قانون المحكمه الدستوريه العليا علي مايلي :
مادة 25- تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي:
أولاً: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
ثانياً: الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها.
ثالثاً: الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها."
وهنا نجد ان الكنيسه قد لجأت إلى المحكمة الدستورية العليا برفع دعوى تنازع طالبا الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين إعمالا لحكم المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية.
وعلي سبيل التحديد فقد استخدمت الفقره "ثانيا و ثالثا" من الماده الخامسه والعشرون الوارده في قانون المحكمه الدستورة العليا والسابق ايضاحها في الفقره السابقه من هذا المقال
وهنا اجد في محامي الكنيسه قد جانبه التوفيق في استخدام الفقرتين الثانيه والثالثه من الماده الخامسه والعشرون حيث ان اهم شروط استخدام الفقره الثانيه هو "ان يكون موضوعا واحدا امام جهتين قضائيتين وموضوع النزاع المقدم للمحكمه الدستوريه العليا هنا لاينطبق عليه هذا الشرط حيث اننا امام موضوعان مختلفان تماما وهما :
الموضوع الاول :
" تاييد المحكمة الإدارية العليا حكم محكمة القضاء الإداري (أول درجة) بإلزام قداسة البابا شنودة الثالث بإعطاء الكنيسة الأرثوذكسية تصريحا بالزواج للمرة الثانية لمواطن قبطي مطلق حيث رفضت المحكمة الطعن المقدم من البابا شنودة على الحكم
الموضوع الثاني :
" الحكم الصادر عن محكمة جنح الوايلي في الجنحة رقم 7418 لسنة 2008 الذي قضى ببراءة قداسة البابا مما نسب إليه،وقد صار هذا الحكم باتا لعدم الطعن علي".
وهنا من قراءة بسيطه لهذان الحكمان باننا لسنا امام موضوعا واحد وبالتالي فان استخدام نص الفقرتين الثانيه والثالثه من الماده الخامسه والعشرون ليس في موضعه حيث ان هذه الفقره تقتضي ان يكون الحكمان في موضوعا واحدا وعليه لا ينبغي علينا الافراط في التفاؤل
ثانيا- مدي دستورية الحكم القضائي الذي يقضي بالزم الكنيسه بمنح تصريحا بالزواج الثاني :
نجد ان المحكمه الاداريه العليا قد ضمنت حيثيات الحكم الذي أصدرته برئاسة المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة إن الحق في تكوين الأسرة حق دستوري يعلو فوق كل الاعتبارات وأن المحكمة إذ تحترم المشاعر الدينية غير انها تحكم وفقا لما قرره القانون مشيرة إلى أن القاضي لا مفر أمامه إلا تنفيذ ما نص عليه القانون وقواعده
وانا اري في قرار المحكمه من هذه الزاويه قرارا يتوافق مع الدستور المصري ولا تشوبه شائبه لكن عاب حكم المحكمه تضمين حكمها الزاما للكنيسه بضرورة منح الشخص الصادر في شانه هذا الحكم تصريحا بالزواج وهنا خرجت المحكمه الي زاويه اخري غير دستوريه ولتوضيح هذه المخالفه الدستوريه سيكون من خلال النقاط التاليه :
1- الزواج من وجهة النظر الدينيه المسيحيه ليس اجراءا قانونيا مدنيا فحسب بل هو طقسا وشعيره دينيه حيث انه استقر الامر علي انه احد اسرار الكنيسه المقدسه
2- تنص الماده السادسه والاربعون من الدستور المصري علي " تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية"
3- وحيث ان الزواج من وجهة النظر المسيحيه احد الشعائر الدينيه للمسيحيين وحيث ان الدستور يلزم الدوله بان تكفل حرية ممارسة الشعائر الدينيه فانه وفقا لنص الماده السادسه والاربعون من الدستور المصري لا يمكن لحكما قضائيا ان يلزم الكنيسه بالقيام باجراء ما يخالف شعائرها الدينيه
ولذلك كان من الافضل للكنيسه استخدام الفقره الاولي من الماده الخامسه والعشرون من قانون المحكمه الدستورية العليا والطعن في عدم دستورية حكم المحكمه الاداريه العليا القاضي بالزام الكنيسه بمنح تصريحا بالزواح لاحد المطلقين بموجب حكما قضائيا نظرا لمخالفته لنص الماده السادسه والاربعون من الدستور المصري , فانه من حق المحكمه بان تقضي بحق هذا المواطن القبطي في الزواج , لكنها لايمكنها الزام الكنيسه باتخاذ اي اجراءات تخالف العقيده والشعائر الدينيه المسيحيه .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com