مع ترتيبات على قدم وساق للقمة الأميركية ـ الخليجية المنتظرة يوم الخميس المقبل، تواترت معلومات عن احتمال عدم مشاركة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في القمة.
ذكرت مصادر عليمة أمام (إيلاف) أن ولي العهد السعودي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف سيترأس الوفد السعودي لقمة كامب ديفيد
ومثل هذه المعلومات التي ستكون بمثابة مفاجأة لصانع القرار الأميركي، تأتي بعد ساعات من إعلان المتحدث باسم البيت الأبيض عن قمة تجمع يوم الأربعاء المقبل في البيت الأبيض العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس أوباما قبل انعقاد قمة كامب ديفيد.
وقال المتحدث إريك شولتز للصحافيين المسافرين مع أوباما على طائرة الرئاسة يوم الجمعة إن أوباما والملك سلمان "سيواصلان مشاوراتهما بخصوص نطاق واسع من القضايا الإقليمية والثنائية.
تلويح بخفض التمثيل
وكانت تقارير سابقة تحدثت في الأسبوع الماضي، تصدرها تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز) ) عن أن السعوديين لوحوا بتخفيض مستوى مشاركتهم في القمة إذا لم تكن النتائج المتوقعة من القمة الأميركية ـ الخليجية مرضية لهم ولا تتناسب مع مستوى طموحهم بقرارات تصدر من جانب الحليف الأميركي (العتيق) في قضايا حاسمة متعلقة بالإقليم وخصوصاً لجهة الموقف من إيران والأزمة السورية.
وكانت مصادر دبلوماسية أكدت أمام (إيلاف) أن القيادات الخليجية ذاهبة بقوة إلى المواجهة مع الرئيس الأميركي "وهي تريد ليس أجوبة وتبرير مواقف منه حول الملفات الساخنة، التي في الأساس مصلحة استراتيجية أميركية فيها قبل أن تكون مصلحة خليجية بالدرجة الأولى، رغم مخاوف هذه الأخيرة من غموض الموقف الأميركي في شأن البرنامج النووي الإيراني والتقارب مع طهران".
وتريد القيادات الخليجية وفي مقدمتها القيادة السعودية من الإدارة الأميركية ليس مبادرة أمنية خاطفة من جانب واشنطن ومساعدات وصفقات عسكرية ومنظومات دفاعية، بل انها وخاصة القيادة السعودية، تريد تأكيدا واضحاً وصريحاً وعملياً عبر قرارات حاسمة وطويلة المدى بعدم السماح لإيران بإنجاز أحلامها في التوسّع لإقليمي أو بتطوير سلاحها النووي لتهديد الآخرين أو تخفيف العقوبات والضغوط السياسية والاقتصادية عنها مما يعطيها مجالا أكبر لدعم أطراف عربية تعمل لها بالوكالة في اليمن، سوريا والعراق ولبنان.
حشد أميركي
واستباقاً للقمة تحشد إدارة أوباما نفسها بكل أسلحتها على كل المستويات لـ(المنازلة الكبرى) المنتظرة في كامب ديفيد مع القادة الخليجيين، فقد سرّبت تقارير بأن مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات اجتمعوا لبحث الملفات التي ستكون على الأجندة.. في حشد دبلوماسي وسياسي غير مسبوق، تستعد كل من الرياض وواشنطن، وهما الحليفتان "العتيقتان"، للمنازلة الكبرى الموعودة في منتجع كامب ديفيد الرئاسي في ولاية ميريلاند في 13 مايو (أيار) الحالي.
لقاءات كيري
وتجهيزاً للقمة التي ستعقد في منتجع كامب ديفيد الرئاسي، أوفد الرئيس الأميركي وزير خارجيته إلى الرياض للتحادث مع القيادة السعودية حول المفاصل الأساس لأجندة القمة مع الملك سلمان أو التي تليها مع القادة الخليجيين مجتمعين.
وقالت تقارير إن وزير الخارجية كيري "قدم خلال لقائه مع نظرائه الخليجيين، حزمة من القرارات التي تأمل إدارة اوباما أن تكون مرضية للشركاء الخليجيين وبصفة خاصة للشريك السعودي وهوالاستراتيجي التقليدي.
كما اجتمع كيري مع نظرائه الخليجيين في باريس على هامش مشاركتهم جميعا في احتفالات الذكرى السبعين للنصر في الحرب العالمية الأولى.
ويشار إلى أنه في إطار الاستعدادات لقمة كامب ديفيد، كان قادة دول مجلس التعاون الخليجي عقدوا قمة تشاورية تفردت بالملفات المطروحة أمامها، وهي أول قمة من نوعها تعقد في الرياض في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز كملك.
وتزامناً، مع التجهيزات الخليجية، فإن إدارة أوباما ظلت للأسابيع الأخيرة تحشد نفسها على كل المستويات لما يمكن تسميته (المنازلة الكبرى) المنتظرة في كامب ديفيد مع القادة الخليجيين.
فقد سرّبت تقارير بأن مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات اجتمعوا لبحث الملفات التي ستكون على الأجندة.
خيارات
وإلى ذلك، فإن ما رشح إلى اللحظة من معلومات عن مشاورات الكواليس التي تجرى راهناً في واشنطن يشير إلى أن الإدارة الأميركية تدرس مجموعة من الخيارات العملية لطمأنة الحلفاء (أمنياً وسياسياً) ضد أي تهديد أو أية إجراءات إيرانية توسعية محتملة تهدد الجوار الخليجي. وتوقعت مصادر أميركية أن يجدد الرئيس باراك أوباما الأسبوع المقبل مساعيه لمساعدة حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج على نشر منظومة دفاعية تغطي المنطقة لحمايتها من الصواريخ الإيرانية فيما يسعى لتهدئة مخاوفهم من أي اتفاق نووي مع طهران.
التزامات أمنية
ويقول مسؤولون أميركيون إن العرض قد تصحبه التزامات أمنية متطورة ومبيعات أسلحة جديدة ومزيد من المناورات العسكرية المشتركة في إطار مساعي أوباما لطمأنة دول الخليج العربية أن واشنطن لم تتخل عنها.
يواجه أوباما تحديا هائلا في محاولة إقناع الحلفاء الخليجيين المتشككين في أولويات سياسته الخارجية بالتوصل لاتفاق نهائي مع إيران الشيعية حول برنامجها النووي في موعد أقصاه 30 يونيو (حزيران).
نتائج الإخفاق
وقال تقرير لـ(رويترز) إنه ربما يؤدي الإخفاق في تهدئة مخاوفهم إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين الجانبين الخليجي والأميركي، وعلى الجانب الآخر فإن القبول بالتزامات دفاعية إضافية سيحمل في طياته خطر تورط الولايات المتحدة في صراعات جديدة في الشرق الأوسط.
وتخشى دول الخليج العربية وعلى رأسها السعودية أبرز حلفاء الولايات المتحدة أن تواصل إيران السعي لامتلاك القنبلة النووية وتدفق المال عليها نتيجة رفع العقوبات وتحرير الأرصدة المجمدة بما يسمح لها بتمويل منظمات تعمل لحسابها وتوسعة نفوذها في دول مثل سوريا واليمن ولبنان.
ويسلم مسؤولون أميركيون مطلعون على ما يدور في المناقشات الداخلية بأن أوباما يتعرض لضغوط لتهدئة مخاوف العرب بتقديم التزامات أقوى أثرا.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى "حان الوقت لمعرفة ما المطلوب إضفاء الصبغة الرسمية عليه."
وأصبح في حكم المؤكد أن أوباما لن يصل به الأمر إلى حد إبرام معاهدة أمنية كاملة مع السعودية أو دول أخرى في الخليج لأن ذلك سيتطلب موافقة مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون ويمثل مجازفة بتأجيج التوترات مع إسرائيل الحليف الرئيسي لواشنطن في الشرق الأوسط.
طريق ذو اتجاهين
ومن جهته، قال مسؤول أميركي آخر، إن قمة كامب ديفيد "طريق ذو اتجاهين" إذ تعمل واشنطن على دفع القادة الخليجيين للتغلب على المنافسات الداخلية والعمل على إيجاد سبل لتحسين التعاون في الدفاع عن أنفسهم.
وقالت المصادر المطلعة على سير المناقشات إن من المرجح أن يحث أوباما دول الخليج على بذل المزيد لتحقيق التكامل بين جيوشها المتباينة والعمل من أجل إقامة درع مضادة للصواريخ طرحت فكرتها منذ مدة طويلة للتصدي لخطر الصواريخ البالستية الإيرانية.
وقال أحد المصادر إن هذه الفكرة قد تتبلور في صورة مجموعة عمل مشتركة جديدة على مستوى عال تحت قيادة وزارة الدفاع الأميركية.
وسبق أن اشترت دول خليجية نظما دفاعية صاروخية أميركية مثل نظام صواريخ (باتريوت) التي تصنعها شركة ريثيون وكذلك نظام (تي.اتش.ايه.ايه.دي) من تصنيع شركة لوكهيد مارتن.
غير أنه من المتوقع الآن أن تطالب إدارة أوباما دول الخليج العربية بتنفيذ المبادرة التي طرحها وزير الدفاع السابق تشاك هاجل في أواخر 2013.
ويسمح هذا البرنامج لمجلس التعاون الخليجي بشراء عتاد كتكتل واحد والبدء في ربط شبكات الرادار وأجهزة الاستشعار وشبكات الإنذار المبكر بمساعدة أميركية غير أن مشاعر ارتياب بين بعض الدول الخليجية عرقلت هذا البرنامج.ش
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com