يقترب البعض أحيانا إلى درجة من اليأس التي تجعله يقترب من رفع الراية البيضاء استسلاما وتسليما مع المقولة الشهيرة التي نُقلت تعسفا عن زعيم الأمة سعد زغلول باشا أنه «مفيش فايدة» وهي عبارة ينفي بعض المؤرخين ورودها على النحو الذي نُقلت به، ولم يكن سعد زغلول يعلم أن «مفيش فايدة» سيتم تداولها على ألسنتنا بهذه السهولة، تعبيرًا عما يدور ضمن أيامنا من أشياء تأتي لتخذلك فقط.
والمشهور خطأ عند الغالبية أن سعد زغلول قال تلك الجملة بسبب طريقة التعامل الاستعماري معه أثناء مفاوضاته بعد ثورة 1919، ضمن تعاملاته مع المندوب السامي البريطاني، حين أدرك أن الكلام معهم لن يأتي بجديد، وكأنه يُحدث نفسه، لكن الحقيقة التاريخية غير ذلك تماما.
ومن جانبه، حاول والكاتب والصحفي والناشط السياسي الملقب بـ«شيخ الصحفيين»، حافظ محمود، أصغر رئيس تحرير عرفته مصر وأول عضو في نقابة الصحفيين المصريين التي تأسست في صباح 31 مارس 1941، تصحيح هذا الاعتقاد الخاطئ، وذلك في أول مقال له بعد توليه رئاسة تحرير جريدة «السياسة» الأسبوعية في عام 1937، وفقا لكتاب «حافظ محمود.. أول عضو في نقابة الصحفيين يتذكر» للكاتب إبراهيم عبدالعزيز، دار ميريت، 2007.
ووفقا للكتاب، حاول «محمود» تصحيح تلك المغالطة التاريخية، وأكد أن فقدان الأمل في قضية مصر لم يتسلل أبدا إلى زعيم الأمة الذي قال «مفيش فايدة» إلى زوجته، صفية زغلول، حينما قدمت له الدواء قبل لحظات من وفاته فقال لها العبارة المذكورة لشعوره بقرب أجله،، طالبا منها ألاّ تعطيه مزيدا من الدواء لأنه لا يأتي بأي نتيجة واضحة، بل وأنّ حالته كانت تزداد سوءا، لكن رغم ذلك أصبحت هذه الجملة من الأقوال المأثورة التي يستخدمها المصريون ويعبرون فيها عن اليأس السياسي والتسليم بصعوبة الإصلاح.
وبدأت الحكاية في عام 1937، عندما حصل حزب «الأحرار الدستوريين» على أغلبية مقاعد مجلس النواب المصري في هزيمة تاريخية لحزب «الوفد»، وتقرر أن يصبح الدكتور محمد حسين هيكل وزيرا، فقرر أن يتنازل عن رئاسة تحرير صحيفة السياسة الناطقة بلسان حال الحزب إلى تلميذه حافظ محمود.
وكانت أول مشكلة صادفت «محمود» في المنصب الجديد أنه كتب مصححا تلك الواقعة التاريخية التي لا تزال عالقة خطأ في أذهان شعبنا إلى اليوم، وقال «إن فقدان الأمل في قضية مصر لم يتسلل أبدا إلى الزعيم الجليل الذي قال مفيش فايدة إلى عقيلته، صفية زغلول حينما قدمت له الدواء قبل لحظات من وفاته فقال لها العبارة المذكورة لشعوره بقرب أجله»، استشهد «حافظ» بالسيدة صفية زغلول التي كانت لا تزال علي قيد الحياة وأكدت تلك الواقعة، حسبما جاء في الكتاب.
ووفقا للكتاب، كانت المشكلة أن حزب «الأحرار الدستوريين» هو الحزب المنافس لـ«زغلول» وحزبه الوفد، فإذا برئيس تحرير لسان حال الحزب يقوم بكل حياد وأمانة برفع الظلم عن الزعيم الكبير.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com