لم ننتهِ بعد من استعراض أفكار «داعش» (جريدة «الوطن» المصرية 31 مايو/ أيار 2015) التي عبّر عنها داعشي مصري شاب هو أبو كمال الكناني، مسؤول المعابر والدعم التقني، والذي فهمنا من كلماته أنه مرشح لتولى مسؤولية حكم مصر عندما تتمكّن «داعش» من الاستيلاء عليها، وهو من نوع الأهداف التي يصفها المصريون عادة بأنها «عشم إبليس في الجنة».
ولما كان الإنسان عاجزًا عن إخفاء حقيقة ما يفكّر فيه في تلك اللحظات التي يفتح فيها فمه ويتحرك فيها لسانه، لذلك كان من السهل على كل من يجيد السماع والقراءة أن يتعرّف على مدى ما في أفكار هذا التنظيم من شر وخداع وبلاهة أيضًا. الواقع أن كل ما يظنه المتطرف الإرهابي ذكاء حادًا يحسد نفسه عليه، هو ليس أكثر من كذب وخبث مكشوف. لقد تحوّل صاحبنا من خلال كلماته إلى مسؤول إعلاني ومندوب مبيعات يروج لمنتجات تنظيمه الوحشية فيقول كلامًا يستحيل أن يصدقه عاقل أو حتى شبه عاقل. وفي الغالب هو على وعي بذلك، ولكنه لا يخاطب أصحاب العقول، بل يخاطب زبائنه الحقيقيين، الحمقى والبلهاء، وهم كثيرون بالطبع.. لنستمع إلى إجابته عن السؤال التالي..
س: كيف يتم التعامل مع المواطنين في المناطق التي تسيطرون عليها؟
ج: من يعش على الأرض التي تخضع لسيطرتنا يتم إعفاؤه من ثمن الخدمات العامة بشكل كامل، مثل الكهرباء والطاقة والمياه، بالإضافة إلى مجانية السكن (يا حلاوة)، أيضًا التموين والسلع الغذائية مجانية لا يدفع فيها المواطن مقابلاً ماديًا (يا ميت حلاوة.. استنّى.. إنت لسّه سمعت حاجة!) ويتم صرف مبلغ 500 دولار شهريًا لكل فرد كمعونة معيشة، على أن نوفّر للراغبين في الزواج منزلاً مكتملاً بأثاثه.
كما ترى هذا أول نظام حكم في التاريخ يضمن لمواطنيه أن يعيشوا في الجنتين، جنة الآخرة وجنة الدنيا. بالطبع أنت لا تتصور أنه يوجد مخلوق على الأرض يصدق هذا الكلام. ولكنه هو بخبرته الميدانية يعرف جيدًا طبيعة زبائنه في المنطقة العربية وخارجها. هو يعرف أنهم حمقى وبلهاء إلى الدرجة التي تجعلهم يصدقون هذا الكلام الأهبل.
ولكن ماذا يحدث لمن يوقعه سوء حظه بين حبائلهم ويقرر الانسحاب؟
هنا نستحضر مثلاً شعبيًا مصريًا ينطبق بجلاء على أصحاب هذه الحالات، وهو «دخول الحمام مش زي خروجه»، الواقع أن أخانا الداعشي بوصفه ملاكًا أرضيًا يرد على ذلك بالقول: طبعًا طبعًا، من حق أي مخلوق أن ينسحب بشرط أن يثبت لنا أنه غير منضم لتنظيم أمني أو مخابراتي أجنبي.. لا بد أن نتأكد أن هذا الذي يريد أن يتركنا لم يلتحق بنا ليخدعنا.
الواقع أن سيادته لم يذكر حالة واحدة تم فيها السماح لمخلوق واحد بالخروج من جنة «داعش».. كيف يستطيع شخص غريب تعس ضعيف أن يثبت لمحققي التنظيم بكل ما في عقولهم من داعشية، أنه لا يعمل مع أجهزة أمنية في البلد الذي جاء منه؟
إن مجرد رفضه العيش مع «داعش» التي توفر له كل أسباب الراحة التي لا يتخيلها مخلوق، هو بحد ذاته دليل لا يقبل الدحض على أنه أرسل إليهم من جهاز أمني.. أليس كذلك؟
نقلا عن الشرق الأوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com