مينا ملاك عازر
استمر حزب العدالة والتنمية التركي متصدراً المشهد بالحياة السياسية التركية بشكل منفرد لمدة تصل لثلاثة عشر عاماً، يكتسح الانتخابات بنسب كبيرة ولا يحتاج في تشكيله للحكومة لمساعدة صديق ما لم يعرضه مطلقاً لأزمة الانتخابات المبكرة أو تشكيل حكومة أقلية أو ما شابه مما تعانيه الأحزاب التي تشكل حكومات بنسب تمثيل في البرلمان لا ترقى للأغلبية الكبيرة.
لكن حزب أردوغان، وفي هذا الوصف مخالفة دستورية للدستور التركي ليست مني لكن سبقني فيها أردوغان نفسه، والمخالفة تأتي من أن الدستور التركي يحرم ويجرم أن يدعم الرئيس التركي حزباً أي حزب، وبالتأكيد المعني هنا الحزب الذي ينتمي له لكن أردوغان دعم بشكل قاطع وواضح حزبه، ونزل في حملات انتخابية جابت تركيا جنوباً وشمالاً ليدعم حزبه، أعود وأقول لكن حزب أردوغان صار الآن بحاجة لتشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب أخرى، بعدما وصل للبرلمان من أعضائه 258، ما يشكل واحد واربعين بالمئة من النواب، في هزيمة تعد ساحقة للحزب، صحيح أن له الأغلبية لكنها أغلبية ضئيلة لا تعينه على تشكيل الحكومة خاصةً أن الحزب المنافس بلغ نسبة تمثيل أعضاءه في البرلمان 138 نائباً، صحيح الفرق كبير بينهم يصل لمئة وعشرين مقعد لكن حزب الشعب الجمهوري العلماني المنافس الذي وصل لهذه النسبة الكبيرة في البرلمان سيضغط على رقبة أردوغان، ويمنع ما طمح وطمع فيه أردوغان بتعديل دستوري يؤدي لتحويل تركيا من جمهورية برلمانية لجمهورية رئاسية أي يجمع بين يديه كل أطراف الحكم، ما يزيد من ورطة البرلمان وألمه وانسحاقه أن الحزب الكردستاني بقيادة صلاح الدمرداش حصل على ثمانية وسبعين مقعد بالبرلمان بنسبة تقترب من ثلاثة عشر بالمئة أي بإمكان حزب الشعب الجمهوري العلماني والحزب الكردستاني تشكيل حكومة وإقصاء أردوغان من الحكم إذا ما استطاعوا ضم أحد الأحزاب لصفهم خاصةً وأن البقية الباقية من مقاعد البرلمان ليست قليلة، فعدد البرلمان التركي يصل لخمس مائة وخمسين مقعد، ولو طرحنا منهم إجمالي الأحزاب الثلاثة الأكثر تمثيلاً حزب أردوغان وحزب الشعب الجمهوري العلماني والكردستاني، يتبقى قرابة السبعين مقعد، ولو وضعنا في اعتبارنا استحالة تحالف أردوغان مع الحزبين الكردستاني والشعب الجمهوري العلماني فإن صراع الحزبين ضد حزب أردوغان سيكون منصب على المقاعد الباقية لاستقطابها لتشكيل الحكومة، هذا إذا وضعنا في اعتبارنا تصريح قيادي بالحزب الكردستاني يؤكد استحالة التحالف مع حزب أردوغان.
إذن لم يبق للأتراك للتخلص من حكم أردوغان وقهره إلا أن يتحالف الضعفاء والمقموعين على يديه ليشكلوا قوة تقهره، وتذيقه عاقبة القمع التي باتت واضحة من نتائج الانتخابات الأخيرة، ورفض الشعب لمشروعه لتحويل تركيا لجمهورية رئاسية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com