تلقى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أول نكسة سياسية كبيرة أسقطت أحلامه فى الهيمنة على البلاد بعد ١٣ عاما من صعوده السياسى، وذلك بعد أن فشل حزبه «العدالة والتنمية» الحاكم فى تأمين الأغلبية المطلقة فى الانتخابات البرلمانية التى أجريت أمس الأول، وهو ما يضعه أمام ثلاثة خيارات: إمكان تشكيل حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية أو تنظيم انتخابات مبكرة.
وأظهرت النتائج غير النهائية حصول حزب العدالة والتنمية على نسبة 40.07% مستحوذا على ٢٦٥ مقعدا من إجمالى ٥٥٠ مقعدا ، مقارنة بـ 49.9% و٣٢٧ مقعدا فى انتخابات ٢٠١١.
وجاء حزب الشعب الجمهورى فى المرتبة الثانية بنسبة ٢٥٪ من الأصوات بمقاعد بلغت ١٣٢ مقعدا وحزب الحركة القومية بنسبة ١٦٪من الأصوات مقابل ٨٢ مقعدا، فيما حصل حزب الشعوب الديمقراطية الكردى على نسبة ١٣٪ من الأصوات ومقاعد بلغت ٨٠ مقعدا.
ووفقا لتلك النتائج غير الرسمية، فشل حزب العدالة والتنمية فى تشكيل حكومة بحزب منفرد، إضافة إلى أن أردوغان لن يتمكن من تحقيق حلمه بتوسيع سلطاته وتحويل النظام البرلمانى إلى رئاسى الذى بات فى حكم المستحيل، واللافت فى تلك الانتخابات هو الصعود الكبير لحزب الشعوب الديمقراطية الكردى، الجناح السياسى لمنظمة حزب العمال الكردستانى الانفصالية، إضافة إلى ذلك تقدم الحركة القومية اليمينى الرافض لأى مفاوضات مع المنظمة التى ينعتها بالإرهابية.
وفور إعلان النتائج الأولية، دعا أردوغان الأحزاب السياسية فى بلاده إلى التصرف بمسئولية للحفاظ على استقرار البلاد.
من جانبه، صرح أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء التركى، بأن حزبه سيعيد تقييم الأمور، ودعا الأحزاب التركية إلى صياغة دستور مدنى جديد لتركيا.
وأشار أوغلو إلى أن «حزب العدالة والتنمية هو المنتصر الأول فى الانتخابات، ولا يجوز لأى أحد أن يحول هزائمه لانتصارات، وعلى الجميع أن يحاسب نفسه».
وأوضح أن حزبه سيعيد تقييم الأمور، وسيجرى الاستشارات الضرورية، وسيقدم على اتخاذ الخطوات المناسبة التى من شأنها جلب الاستقرار للشعب التركى”.
وأضاف أنه «ينبغى على كل حزب أن يترك مسافة بينه وبين العنف والإرهاب، وأن يضع على الطاولة ما لديه من أفكار جيدة، ونحن كحزب منفتحون على كل الأفكار ومستعدون لنقاشها».
ومن المقرر أن يلتقى الرئيس التركى مع أوغلو اليوم خلال ساعات لبحث نتائج الانتخابات.
فى غضون ذلك، تحدى بولنت أرينج، نائب رئيس الوزراء، أحزاب المعارضة الثلاثة فى البرلمان أن تحاول تشكيل حكومة ائتلافية قائلا إن حزب العدالة والتنمية الحاكم مستعد لملء الفراغ إذا فشلت فى تشكيل حكومة.
من جهته، اعتبر صلاح الدين دميرطاش، زعيم حزب الشعوب الديمقراطية الكردى، الانتخابات نهاية للديكتاتور والديكتاتورية، مؤكدا أن النتائج شددت على أن هناك مشكلة كردية فى تركيا، وهو عكس ما كان يدعيه أردوغان.
وفى إطار متصل، اتفقت وسائل الإعلام التركية على أن البلاد تواجه فترة من الغموض السياسى لأسابيع بالإضافة إلى امكان تنظيم انتخابات مبكرة.
وذكرت صحيفة «حرييت» تحت عنوان «ثلاثة احتمالات» أن البلاد تواجه امكان تشكيل حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية من حزب «العدالة والتنمية» أو تنظيم انتخابات مبكرة.
فيما أكدت صحيفة «سوزجو» المناهضة لأردوغان بشدة تحت عنوان «الانهيار» أن «الناخبين رفعوا البطاقة الحمراء بوجه الرئيس التركى».
أما صحيفة «ينى شفق»، المؤيدة للحكومة، فاعتبرت أن إجراء انتخابات مبكرة هو الخيار الأكثر احتمالا.
وأضافت أن «إمكان تشكيل ائتلاف ضعيفة، وإجراء انتخابات مبكرة بات فى الأفق».
وفى الوقت نفسه، أكدت مصادر إعلامية أن إصرار أردوغان على المشاركة فى الجولات الانتخابية، وعدم وقوفه بمسافة متساوية مع الأحزاب السياسية، بل دعوته المباشرة إلى التصويت لحزبه الحاكم، كل هذا أدى إلى استياء عدد كبير من الناخبين، وكان عاملا أساسيا فى تراجع الحزب.
وأشارت شبكة «سى إن إن تورك» إلى أن الناخبين أصابهم الملل من الأساليب التى يتبعها الحزب الحاكم، فضلا عن كشف حقيقة أكاذيب الحكومة فى ما زعمته عن قضايا انقلاب المطرقة وأرجينكون والتجسس والاتهامات المستمرة لجماعة الداعية فتح الله جولن.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com