لست أدرى ما هو الهدف الكامن وراء التحقيق مع الزميل خالد صلاح رئيس تحرير جريدة «اليوم السابع»؟ وهل يتم بسبب قيام موقع الجريدة بنشر خبر تسبب فى تكدير السلم العام، أم أن الهدف هو مجرد «التكدير» لأن الخبر موضوع التهمة يتعلق بالرئاسة؟ لقد أصيب عدد من الإعلاميين بالاستغراب والدهشة جرّاء هذه الخطوة، انطلاقاً من أن أغلبهم يدافع بكل ما أوتى من قوة عن «الدولة المصرية». ولعلك تعلم أن «الدولة المصرية» و«السلطة المصرية» أقارب و«نسايب» منذ عهد بعيد! كل ما أخشاه أن يكون التحقيق مع «خالد صلاح» مدفوعاً بفكرة منع نشر ما يعكر أو يكدر «مزاج الرئاسة»، من تحت يافطة «تكدير السلم العام».
ليس بإمكان عاقل بالطبع أن يبرر نشر خبر كاذب أو يحمل معلومات غير دقيقة، وقد نفت الرئاسة الخبر موضوع التهمة، وأظن أن موقع «اليوم السابع» نشر النفى، تماماً مثلما فعلت الكثير من المواقع الصحفية الأخرى، وبغضّ النظر عن مستوى الدقة فى روايات الإثبات أو النفى، فمن الوارد جداً أن ينشر موقع أو صحيفة خبراً دون التأكد من صحته. هذا الأمر حدث ويحدث كثيراً، بل قل إنه حديث الصباح والمساء فى العمل الصحفى، فتحت ضغط السرعة والرغبة فى السبق يمكن أن تقع أى وسيلة إعلامية فى هذا المطب. الخطأ وارد فى هذه المهنة، شأن غيرها من المهن، والتزام الوسيلة بالتصحيح، أو نفى ما سبق وأثبتته، يُعد إحدى الوسائل التى يمكن أن تسهم فى علاج الخطأ.
وقد حدث خلال الأيام الخالية نشر العديد من الأخبار على هذه الشاكلة، دون أن تتحرك جهات التحقيق وتضع المسئولين بالصحف فى مرمى المساءلة لتقرر النيابة الإفراج عنهم بكفالة، وهو الأمر الذى يدفع الكثيرين إلى القول بأن المسألة اختلفت هذه المرة بسبب الرئاسة، أما حكاية «تكدير السلم العام» فهى مجرد يافطة لتبرير العقاب، ليس أكثر!
أظن -وليس كل الظن إثم- أن السلطة الحالية أرادت أن تبعث للإعلاميين، كل الإعلاميين بغضّ النظر عن تبعيتهم أو عدم تبعيتهم للسلطة، برسالة محددة. ملخصها «الرئيس خط أحمر». فقد تعودت وسائل الإعلام طيلة السنوات التى أعقبت ثورة يناير، سواء فى عهد المجلس العسكرى، أو عهد المعزول «مرسى»، أن توجه ما تشاء من نقد، وتنشر ما يظهر لها من أخبار تتعلق بالرئاسة والرئيس. انطلقت فى هذا الاتجاه بنهم، يعكس حالة حرمان شديد القسوة، تقلبوا فيها عبر ثلاثين عاماً من حكم «المخلوع»، لم يكن يُسمح خلالها بتوجيه أى نقد للرئيس، أو نشر أى خبر غير صادر عن المسئولين الرسميين. وعندما تجرأ الزميل إبراهيم عيسى ونشر أخباراً تتعلق بصحة «مبارك» عام 2007 تمت إدانته فى ذلك، وحُكم عليه بالسجن لمدة عام، ثم تدخل «العجوز» فى الأمر وعفا عنه، فى واحد من أهم المشاهد «المحروقة» فى تاريخ الصحافة المصرية، يظهر فيها الرئيس وهو يعفو عمن أساء إليه وظلمه ظلم الحسن والحسين!
أخشى أن يكون لدى السلطة الحالية نفس التوجه، وأن تكون رؤيتها لوسائل الإعلام مبنية على قاعدة «الرئيس خط أحمر»، وهى للحق قاعدة عفا عليها الزمن، ولم يعد لها وجود بعد ثورة يناير 2011. يقول الشاعر: «ومكلف الأيام ضد طباعها.. مستوجب فى الماء جذوة نار». تفكيركم قديم جداً!
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com