بقلم: سحر غريب
مازالت البنت علي حالها في انتظار فارس الفوارس المغوار الذي سيأتي راكبًا الميكروباص الأبيض في أبيض؛ لينتشلها علي أحد مقاعده، بعد أن حدث عُطل فني في الحصان الأبيض. وأصبح الميكروباص هو وسيلة المواصلات الرسمية المُعتمدة لعرسان العصر الحديث، وكله علي قد فلوسه، وضل ميكروباص ولا ضل حيطة.
فالبنت لا تملك إلا بيتها، وميكروباصها، وعريسها، و"ذكية" مازالت تنتظر العريس الذي فاته الميكروباص، والذي لا يمتلك أجرة التوكتوك لكي يأتي في ميعاده، وعندما شعرت بوقف الحال واقتراب مرحلة العنوسة- التي هي بالمناسبة حالة نفسية لا حالة فعلية؛ فالعنوسة هي عنوسة النجاح، وهي الإستسلام للفشل والضياع- اقتصرت "ذكية" سعيها علي البحث عن عريس- فهي بلا عريس صفر علي الشمال.
هكذا أقنعتها الست الوالدة "اتجوزي يا ذكية عشان تعيشي عيشة متهنية"، و"ذكية" حفظت الدرس صم؛ فخرجت من تعليمها مُبكرًا، وتركت الدنيا، وكرّست حياتها للأفراح والليالي الملاح تلبس الحتة الزفرة في كل عُرس ساهر في العائلة أو الأصدقاء، وتضع المكياج بالكيلو، وتركّز علي الألوان الفاقعة؛ لعل أعمي العين والبصر يراها ويتزوجها.
وعندما تأخر العريس عن القدوم لظروف مرورية بحتة لا يد له فيها، أطلقت عليه لقب المتنيل علي عينه، ومازال المتنيل علي عينه لم يحن ويأتي، فكيف سيأتي وليس عنده شقة، ولا مهر، ولا شبكة؟!! المتنيل علي عينه- عريس أحلامها- في عالم الغيب يجلس علي المقهي، ينفث دخان النرجيلة، والحساب علي النوتة حتي يفرجها المولي عز وجل. المتنيل علي عينه لن يأتي؛ فحياته ضنك سوداء سواد الليل البهيم، وعلي "ذكية" أن تبحث عن حلم آخر تحققه؛ لأن حلم العريس حلم خيالي سيتحول إلي كابوس لو لم تخرجه من بين ثنايا عقلها.
فتاتي العزيزة، أنصحك نصيحة غالية: لا تنتظري ظلاً لن يأتي، عيشي يومك كأنك لن تتزوجي أبدًا.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com