ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المصريون وحق الدفاع عن إنجازهم التاريخى الحديث: «الدولة الوطنية»

بقلم : سمير مرقص | 2015-07-08 22:32:04

 (1)

 
فى يناير 2007، لفت نظرى تغطية خبرية نشرتها إحدى الصحف الأمريكية حول مؤتمر عقد فى إسرائيل، وتحديدا فى هرتزليا، لمناقشة مستقبل المنطقة. وأن برنارد لويس ـ إمام المستشرقين (1916) هو ضيف شرف اللقاء. وأهم ما جاء فى الخبر هو أن لويس فى كلمته المرتجلة، التى استغرقت أقل من ثلث ساعة، قد شدد على فكرة جوهرية مفادها هو ضرورة «نهاية الدولة الوطنية (النابليونية) والبدء فى إطلاق حقبة الانقسام المذهبى فى المنطقة العربية».. أثارت كلمات برنارد لويس الكثير والكثير لدى، خاصة أننى أعرف كتابات لويس جيدا وأهميتها فى تشكيل استراتيجيات المنطقة. وكان لى فرصة ترجمة نصه الأول الذى نشر فى فورين أفيرز ـ 1997، المعنون: «الغرب والشرق الأوسط»، والتعليق عليه فى كتاب أصدرته عام 1999. وهو ما فتح أمامى المجال لكتابى المرجعى المعنون: «الحماية والعقاب: الغرب والمسألة الدينية فى الشرق الأوسط ـ 2000». لذا عنيت أن أعرف تفاصيل لقاء هرتزليا وماذا دار فيه وأهميته...
 
(2)
 
بعد بحث دؤوب اكتشفت أن مؤتمر هرتزليا هو مؤتمر استراتيجى سنوى يعقد لدراسة أوضاع المنطقة ومستقبلها. ويكتسب أهميته من نوعية الحاضرين الذين يحضرون اللقاء. حيث يشارك فيه رموز عسكرية واستخباراتية، وأكاديمية، واقتصادية، وسياسية وتكنوقراطية، من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، من المتعاطفين مع إسرائيل. وفى لقاء 2007، تحديدا، كان هناك حشد غير مسبوق من المشاركين، بلغ 164 مشاركا من القيادات الإسرائيلية فى شتى المجالات مثل: شيمون بيريز، وأولمرت، ونتنياهو، ووزراء سابقين وحاليين فى الحكومة الإسرائيلية، وقيادات حالية وسابقة للموساد، وقيادات سابقة وحالية فى الجيش الإسرائيلى، وقيادات عشرات من منظمات الضغط الإسرائيلية العاملة فى أمريكا مثل «AIPAC » وغيرها، ورموز المحافظين الجدد والجمهوريين مثل ريتشارد بيرل، ونيوتجينجريتش، هذا بالإضافة لممثلى عدد من هيئات التمويل الأوروبية، ورجال الأعمال، ونخبة من الأكاديميين يأتى على رأسهم «برنارد لويس»، الذى ألقى كلمته التى يمكن اعتبارها «مفتاحية» للمؤتمر، ولمستقبل المنطقة ـ آنذاك ـ كيف؟ ولكن قبل ذلك ما مضمون ما قاله؟
 
(3)
 
أكد لويس ـ من خلال ترجمتنا للنص والتى أظنها الوحيدة المعتمدة والتى نشرها كما هى مركز «باحث» الفلسطينى الذى جمع أعمال اللقاء لاحقا ـ أن ما أسماه «الحقبة النابليونية» نسبة لنابليون بونابرت قد انتهت بنهاية «الحرب الباردة» الأمر الذى يعنى العودة إلى طبيعتها الأولى والتى سوف تتسم بأمرين هما:
 
أولا، الرجوع إلى الهوية الدينية بديلا عن الهوية الوطنية التى سادت مع حركات الاستقلال. وثانيا، يتم الصراع مع الآخر(الغرب) فى ظل تنافس بين التيار السنى، والتيار الشيعى، على هذا الصراع. والمحصلة المنطقية لما سبق، فى تقديره، الصراع مع الآخر الغربى، والتنافس على هذا الصراع بين السنة والشيعة، لابد أن يتم عبر الصراع الداخلى فى المنطقة بين المتنافسين أى بين السنة والشيعة، تماما مثل الصراع الكاثوليكى البروتستانتى الأوروبى.
 
(4)
 
كتبت مقالا مطولا حول أهمية المؤتمر وكلمة لويس وتداعياتها ونشرته فى جريدة الوفد وقت إنه كان يرأس تحريرها العزيز جدا الأستاذ أنور الهوارى. وكان المقال الوحيد الذى تناول الموضوع ـ آنذاك. فقط علق عليه أستاذنا عبدالعال الباقورى بحسه الوطنى الراصد والمحلل لمثل هذه الموضوعات. كما علق على المقال عمنا الغائب الحاضر سعد هجرس.. ذلك لأن كلمة لويس تعنى بصورة واضحة ومحددة بعيدا عن أى «تحابيش» فكرية وتاريخية،... إلخ، أن المقصود بما يقول هو مصر. فمصر الوحيدة التى ينطبق عليها مفهوم «الدولة النابليونية» بالمعنى الحديث. الأكثر مصر هى صاحبة اختراع الدولة تاريخيا.. ومحصلة كلام لويس أن تقدم المنطقة يعنى ضرورة تفكيكها. وتفكيكها يعنى أن ترتد إلى انتماءاتها الأولية: الدينية تحديدا. ومن ثم لابد من ضرب كل ما يعوق ويحول دون التفكيك وعلى رأسها «الدولة» بالمعنى العام، و»الدولة النابليونية» تحديدا.. بلغة أخرى ضرب الدولة وفى القلب منها جيشها الوطنى وهو أمر لا ينطبق إلا على مصر.. هذا هو مضمون ما أشرنا إليه آنذاك.. وحذرنا من إطلاق فيروس التفكيك على مصر لضرب مستويات التماسك الوطنى: الاجتماعية والثقافية والدينية،... إلخ. وهو ما لم يرق للبعض وأذكر أن أحد المثقفين الذين يتمسحون بالتفكير العلمى والمستقبلى قد شكانى لأحد المقربين للسلطة آنذاك باعتبارى أروج للتفكيك لا العكس.
 
(5)
 
الخلاصة أن ما يحدث من تحرش بحدودنا وتطاول على جيشنا الوطنى هو محاولة فى سياق استراتيجية تسعى لضرب أحد أهم الاختراعات/ الإنجازات المصرية قاطبة ألا وهى: الدولة المصرية؛ تاريخيا وحديثا.. تاريخيا: لأنه فى البدء كانت الدولة فى مصر.. وحديثا: الدولة المصرية التى تقوم على ثلاثة أركان أساسية: الجيش الوطنى (لا جيش طائفة ولا جيش حزب، ولا جيش فئة،... إلخ) بل جيش المصريين الذى استدعى ليقاوم تهديدات الجماعة فى 30 يونيو.. ولم يزل يواجه محاولات تفكيك مصر.
 
(6)
 
إنها لحظة حق...
 
حق فى الدفاع عن حدودنا الوطنية الموحدة تاريخيا،
 
وعن الدولة الوطنية التاريخيةـ الحديثة،
 
انطلاقا من قاعدة الوطنية المصرية الجامعة...
نقلا عن المصرى اليوم
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com