عبد اللطيف المناوي
نشرت صحيفة التايمز أخيراً، مقالاً حول تقرير الحكومة البريطانية بشأن أنشطة الإخوان المسلمين فى بريطانيا، وكيف يمكن أن تؤثر تلك الأنشطة على علاقات بريطانيا بدول الشرق الأوسط، كما كشف المقال عن الضغوط التى تجرى لتخفيف حدة التقرير.198968_1925889754891_1471580740_32131816_3447614_n
اشترك المحرر السياسى «فرانسيس إليوت» ومحرر الجريمة والأمن «شين أونل» فى كتابة المقال الذى يقول إن علاقات بريطانيا مع حلفائها فى الشرق الأوسط يمكن أن تتعرض للتوتر بسبب ملاحقة الحكومة البريطانية للإخوان المسلمين التى يصفها المقال بأنها أكبر حركة إسلامية فى العالم، ويقول الكاتبان إن الملاحقة البريطانية قد اشتدت كثيرا لكنها توقفت عند حدود وصف الجماعة بالإرهابية.
هذا التوقف الذى أشار إليه المقال، يدفعنا للتساؤل: هل أفلت الإخوان من التقرير البريطانى؟ هل نجحت الضغوط الإخوانية، عبر شبكة المصالح والعلاقات الضخمة، والتى تكونت طوال السنوات الماضية ـ برعاية مخابراتية ودولية ـ فى وقف ملاحقة الجماعة؟ هل هذا يكشف لنا إذن عن سرّ الدعم الأمريكى والبريطانى بالرغم من الإطاحة بهم فى مصر، للإخوان، وهل يكون هذا التوقف هو الجواب على أسئلة كثيرة حول النظرة الملتبسة والمفضوحة للغرب دائماً تجاه ما يتعلق بقضايا الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، والإخوان جزء منها بطبيعة الحال، لا سيما بعد أن أعلنتها دول عربية عدة جماعة إرهابية؟
بحسب المقال المهم، فإن جماعة الاخوان، ذات الصلات بحركة حماس وبالجماعات المتصارعة على السلطة فى ليبيا، سوف يُطلب منها أن تكشف عن شبكتها «الغامضة» من الأتباع فى بريطانيا التى تشمل من المساجد ووسائل الإعلام إلى المؤسسات الخيرية وجماعات تنظيم الحملات، كما يشير إلى أن لجنة حكومية تشكلت لفرض سياسة موحدة على جماعة الإخوان المسلمين فيما يتعلق بتقليص حصول أتباعها على منح من القطاع العام للدولة، ولفحص شؤونها المالية وسدادها للضرائب، كما ستطلب تلك اللجنة من الجماعات التابعة للإخوان المسلمين التعهد بشجب الإرهاب والعمل على دعم التكامل الاجتماعى.
ما سيحدث إذن فى بريطانيا، هو محاولة لشرعنة جماعة الإخوان المسلمين فى بريطانيا، لوضعها فى إطار قانونى، وإن كان من المضحك أن يشترط عليها شجب الإرهاب، لا عدم فعله، فالقنابل التى تنفجر يومياً فى مصر، قد تشجبها الجماعة المحظورة قانوناً، لكن عناصرها هم من يقومون بها، وجماعة فجر ليبيا تذبح الشعب الليبى هناك، وتقتل المواطنين، ولا مشكلة لدى التنظيم الدولى فى الشجب والندب فقد تعود، وتعودت قيادته على الكذب.
ينقل الكاتبان فى مقالهما عن أحد معدّى التقرير قوله إن هذه الإجراءات تمثل أسلوبا جديدا فى التعامل مع الإخوان المسلمين سواء بالنسبة لعقيدتها أو تنظيمها. ويقول المقال إن أسلوب مراقبة ضرائب الجماعة سيكون وسيلة لفرض الالتزام عليها. وينقل الكاتبان عن مصادر الحكومة القول إن الجماعة وُضعت تحت الملاحظة وتتم مراقبة أنشطتها عن كثب. ويقول المقال إن رئيس الوزراء البريطانى شعر بالغضب الشديد عندما التقى قادة الجماعة العام الماضى فى لندن من دون علم المخابرات البريطانية.
ربما يكون رئيس الوزراء البريطانى غاضباً، لكنه يعلم أن الإخوان لن يتركوا منفذا إلا ويدخلون منه حتى لا يتركوا النعيم البريطانى، ولقاؤهم مع المخابرات البريطانية هو لقاء عمل، ولقاء ضغوط، مرتبط بمصالح الجماعة وبريطانيا فى الشرق الأوسط، فى ظل حالة الشد والجذب، فبينما تطالب مصر والسعودية بريطانيا أن تتخذ موقفا ضد الجماعة، وتقولان إن لندن كانت قاعدة للأنشطة الدولية للجماعة لسنوات طويلة، فإن دولا أخرى، كانت داعما قويا ولزمن طويل للجماعة وصاحبة استثمارات كبيرة فى بريطانيا، تحاول ممارسة الضغوط لتخفيف حدة الانتقادات الموجهة للجماعة. كما أن هناك مخاوف من تأثر العلاقات مع تركيا التى تستضيف الآن عددا من كبار قادة الجماعة.
لا ننتظر موقفاً جدياً من بريطانياً، فيبدو أن تعقيدات المصالح، والأنظمة، وهواية اللعب فى منطقة الشرق الأوسط، أكبر من موقفها ضد الإرهاب.
نقلا عن الثورة .. بعد قليل
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com