بقلم : عاطف الفرماوي
أسباب اعتراضات اليهود علي حضرة المسيح
يري اليهود أن البشارات الواردة في التوراة في شأن ظهور السيد المسيح لم تتحقق فى شخص عيسى بن مريم . تتلخص هذه الأوهام فيما يلي :-
أولا :
أن المسيح يأتي من مكان غير معلوم .
ولكن حضرة المسيح أتي من الناصرة ويعرفونه جيدا ويعرفون أبيه وأمه واخوته .
ثانيا :
أن المسيح يحمل عصا من حديد أي أنه يرعي بالسيف .
ولم يحمل المسيح عصا من الخشب .
ثالثا :
المسيح يجلس علي سرير داود ويؤسس سلطنة .
وكان حضرة المسيح لا سلطة له ولا جاه .
رابعا :
يروج المسيح شريعة التوراة .
ولكن حضرة المسيح نسخ السبت والطلاق .
خامسا :
المسيح يفتح الشرق والغرب .
وكان حضرة المسيح إنسانا لا سلطة له ولا مأوي .
سادسا :
في ظهور المسيح يشرب الذئب والحمل من عين واحدة ويتحقق العدل ويسود الإنصاف .
وفي ظهور حضرة المسيح كان اليهود في ذلة الرومان .
سابعا :
في ظهور المسيح تحدث زلازل وتتلاشي الجبال .
واليهود لم يجدوا أن هذه الأمور قد تحققت في ظهور حضرته المقدسة .
وللرد علي هذه الأفكار العاطلة الباطلة
التي روجها كهنة اليهود والتي حرمت اليهود من النور العيسوي ولا زالوا ينتظرون ظهور المسيح الذي يعشش في خيالاتهم المريضة مع أن حضرته ظهر منذ أكثر من ألفي سنة بل يزيد وظل اليهود يعيشون متاهات الظلام الروحي ولم تتنور أرواحهم بنور المحبة العيسوية .
نقول لهؤلاء المعترضين :
* أن روح السيد المسيح جاءت من السماء وليس من الناصرة .
* وكان حضرة المسيح يرعي بلسانه وهو كالسيف يفصل بين الحق والباطل .
* سلطة السيد المسيح سلطة أبدية ملكوتية تؤثر في القلوب وليس في التراب .
* وكان حضرته يروج للتوراة ويخلصها من ربقة التقاليد ويروج الحقيقة والوصايا العشر .
* وقام حضرته بفتح الشرق والغرب بكلمة الله بالقوة الإلهية التي شقت طريقها في كل أرجاء المعمورة حتى أن المسيحية لازالت هي الديانة السائدة للسواد الأعظم من سكان الأرض حتى الآن. بالرغم من الصعوبات الشديدة التي واكبت بداية المسيحية وإسالة دماء ذكية كثيرة بدأت بفداء المسيح علي الصليب ثم التلاميذ وتلاميذ التلاميذ والاضطهاد اليهودي والروماني والغجري والبربري وغيرهم .
* وحينما أتي حضرته بالإنجيل المقدس فآمن البشر وشربوا من عين الإنجيل روح المحبة بعد الاختلافات والعداوة والبغضاء .
* وحينما آمن الناس بالمسيحية أدي ذلك إلى زلازل في العادات والتقاليد السائدة بين الناس والتي كانت تمثل جبال العقيدة التي تعلموها من الكهنة ورضعوا أفكارها جيلا بعد جيل حتى أصبحت في قوة الجبال رسوخا في عقولهم وقلوبهم .
وفي ذلك مختصر للرد علي اعتراضات اليهود علي ظهور حضرة المسيح مظهر النور الإلهي والرحمة المهداه للبشرية من الله .
ونقدم لهم من الكتاب المقدس البشارات التي لا تقبل جدلا :
وقد عميت عقولهم وقلوبهم عن فهمها وضلوا ضلالا بعيدا .
• ( من مصر دعوت ابني )------------ ( هوشع ص 11 : 1 )
وتقابل هذه الآية في الإنجيل المقدس :
( لكي يتم ما قيل بالنبي القائل من مصر دعوت ابني ) ( مت 2 : 5 )
*( أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا علي إسرائيل ) ( سفر ميخا ص 5 : 2 )
وتقابل هذه الآية في الإنجيل المقدس :
( وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل ) .
وهاهو المسيح يولد في بيت لحم ويذهب إلى مصر ويدعوه الله من مصر إلى أرض إسرائيل .
*( وأحصي مع أثمة ) --------- ( اشعيا ص 53 : 12 ) .
وتقابل هذه الآية في الإنجيل المقدس:
( فتم الكتاب القائل وأحصي مع أثمة ) -------- ( مت 15 )
وبالفعل حينما قدم المسيح للفداء علي الصليب كان علي يمينه ويساره لصوص اعترفوا بذنبهم وبراءة السيد المسيح .
وتتدفق الآيات التي لا تقبل الإنكار ببشارة ظهور المسيح بدءا من صموئيل الأول وحتى نهاية العهد القديم وتقابلها نفس النصوص في العهد الجديد قالوا أنها اقتباسات ولكني أقول أنها إلهامات روحية من وحدة المصدر الإلهي لكلمات الله المقدسة التي جاءت منها كلمات العهد القديم للكتاب المقدس التي جاء بها موسى والأنبياء لتذكير اليهود ليتأكدوا من شرعية المسيح ولكن ظلت عقولهم تعيش متاهات الظلام الروحي لأن قلوبهم منغلقة فعميت أبصارهم عن رؤية المسيح ولم يؤمنوا به بل حاكموه بتهمة الكفر والتجديف علي الذات الإلهية مع أن الحكمة كانت تتبرر من بين شفتيه الطاهرة ووصل الأمر إلى تقديم روحه الزكية للفداء علي الصليب قربانا للعهد الجديد .
ها العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانؤيل ). إشعيا ص 7 : 14 )
ويرد نفس النص في إنجيل متي ( 1 : 22 ’ 23 ) : -
هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا وبالفعل حملت الطاهرة النقية التقية مريم العذراء البتول بروح من الله اسمه المسيح عيسي بن مريم قبل الزواج من يوسف النجار الذي أراد تخليتها سرا بعد علمه بأمر الحمل إلا أن الوحي ظهر له وقال له لا تخاف أن تأخذ مريم زوجة لك لأن الطفل الذي تلده روح من الله وبالفعل تزوجها حسب وصية الرب الإله ولم يقترب منها حتى ولدت المسيح موعود الزمان القائم ملك اليهود ولكن اليهود طعنوا في شرف العذراء وقالوا أن يوسف النجار تعجل وقطف الثمرة قبل نضجها واعتبروا المسيح ابن زني أستغفر الله عميت قلوبهم وعقولهم وقالوا بهتانا عظيما .
وفي تحديد واضح للفرع الكريم المتشعب من الأصل الكريم للسيد المسيح يقول الكتاب المقدس في سفر إشعيا :
*( ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسي القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجدا ) .
ونفس الكلمات ترد في رومية ( 15 : 12 ) :
• ( وأيضا يقول إشعيا سيكون أصل يسي والقائم ليسود علي الأمم . عليه سيكون رجاء الأمم ) .
وحينما وضع المسيح علي خشبة المذنبين و الخطاة ( الصليب ) تمهيدا لإعدامه وقتله حسب ما أشار كهنة اليهود طلب يشرب فقدموا له الخل بدلا من الماء .
وفي ذلك يقول سفر المزامير ( 91 : 11 ) : -
• ( ويجعلون في طعامي علقما وفي عطشي يسقونني خلا ) .
وتقابل هذه الآية ما ورد في إنجيل يوحنا ( 19 : 29 ) :
ولكي يتم الكتاب قال : أنا عطشان فملئوا إسفنجه من الخل ووضعوها علي زوفا وقدموها إلى فمه .
وبالفعل هذه الأحداث وقعت حرفيا للسيد المسيح علي الصليب
وفي سفر أخبار الأيام الثاني ( ص 16 : 14 ) : -
• ( وأضجعوه في سرير كان مملوءاَ أطيابا و أصنافا عطرة ) .
ونفس الكلمات وردت في إنجيل يوحنا ( 19 : 39 ’ 40 ): -
وهو حامل مزيج مر وعود نحو مائة منا فأخذ جسد يسوع ولقاه بأكفان مع الأطياب كما لليهود عادة أن يكفنوا .
ويرد في سفر المزامير ( 22 : 1 ’ 16 – 18 )
صورة تفصيلية للأحداث التي وقعت للسيد المسيح علي الصليب .
وإليك بيانات في إشارات صريحة مقدسة : -
* ( إلهي إلهي لماذا تركتني . ثقبوا يدي ورجلي وأحصي كل عظامي).
ونفس هذه الكلمات المقدسة وردت في :
( مت 27 ومر 15 ولو 23 ويو 19 ) : -
إلهي إلهي لماذا شبقتني .
ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها .
ويرد في سفر زكريا تصوير تفصيلي أكثر غرابة :
( ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم هو ذا ملكك يأتي إليك وديع وراكب علي حمار وعلي جحش ابن أتان ) .
ونفس الكلمات ترد في متي ( 21 : 4, 5 ) و يوحنا ( 12 : 14 – 16 ) : -
لكي يتم ما قيل بالنبي القائل قولوا لابنة صهيون هو ذا ملكك يأتيك وديعا راكبا علي أتان وجحش ابن أتان .
ويرد في سفر زكريا قصة الخيانة العظمي( ص 11 : 12 ، 13 )
• ( فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة فقال لي الرب ألقها إلى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمنوني به فأخذت الثلاثين من الفضة وألقيتها إلى الفخاري في بيت الرب )
ويقابل هذه الكلمات المقدسة ما ورد في إنجيل متي ( 27 : 3 ) :
حينئذ تم ما قيل : وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه وأعطوها عن حقل الفخاري .
وفي سفر زكريا ( ص 12 : 10 ) : -
*( فينظرون إلى الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح علي وحيد له ) .
ونفس الكلمات وردت في :
إنجيل يوحنا ( 19 : 34 – 37 ) ووردت في سفر الرؤيا ( 1 : 7 ) : -
وأيضا يقول كتاب آخر سينظرون إلي الذي طعنوه .
وأتساءل كيف غابت كل هذه الإشارات المقدسة والآيات الصريحة عن فطنة اليهود وقد كان السيد المسيح يذكرهم بما ورد من بشارات في الكتاب المقدس لكي يعلموا أنه هو المقصود بهذه البشارات ويؤمنوا به وتتنور أرواحهم بنور العهد الجديد .
بل وصل الأمر باتهامه بالتجديف علي الذات الإلهية مع أن الحكمة كانت تتبرر من بين شفتيه الطاهرة .
وقدم روحه قربانا للعهد الجديد وقد استباحوا دمه وقبلها سفكوا دم يوحنا المعمدان وزكريا الكاهن وغيرهم وقد كانوا قتلة الأنبياء
ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات الذي مسحه الرب ليبشر المساكين وأرسله الله ليعصب منكسري القلب وينادي المسبيين في الجهالات والأوهام إلى العتق والتحرر من الخرافات وينادي للمأسورين بالعادات والتقاليد إلى نور العهد الجديد ينادي بسنة مقبولة للرب كما فعلها شركائه ورفقائه الأنبياء والمرسلين .
( هو ذا علي الجبال قدما مبشرا مناد بالسلام ) . ( ناحوم ص1 : 15 )
إن فيوضات الكمالات الإلهية تتجلي ظاهرة جلية في الهيكل البشري للسيد المسيح ولكن سائر النفوس لها كمالات جزئية حصلت عليها من الغير الأنبياء و المرسلين .
أما المسيح فمن ذاته هكذا خلقه الله تتجلي فيه أروع الكمالات الإلهية . إن مثل المسيح كالمرآة تجلت فيها شمس الألوهية فبدي نوره واضحا جليا معمرا في الأرض و السماء .
والإنجيل هو الخبز السماوي والمائدة السماوية كل من ينال من هذا الخبز تكتب له حياة أبدية وكل من شرب من رحيقه المختوم لا يظمأ أبدا وتخرج من بطنه أنهارا إلى الجنة .
وهذا هو العشاء الرباني الذي غاب عن فطنة الكثيرين وليس الخبز والنبيذ الذي يقدمه الكهنة في الكنائس لأن من يأكل هذا الخبز الأرضي يجوع ومن يشرب النبيذ الأرضي يعطش أيضا .
أما من يأكل ويشرب من المائدة السماوية لا يجوع أبدا ولا يعطش أبدا وتكتب له الحياة الأبدية .
وإذا كان المسيح قد بارك الخبز وكسر وأعطي للتلاميذ وقال للتلاميذ كلوا هذا هو جسدي المبذول للعهد الجديد وأعطاهم النبيذ من عصير العنب وقال لهم اشربوا هذا هو دمي المسفوح للعهد الجديد .
أولا : ليس كل خبز هو جسد السيد المسيح وليس النبيذ هو دم السيد المسيح .
ثانيا : المسيح يفعل أفعاله بقوة إلهية أعطاها له الله ولكن من غير المسيح يمتلك هذه القوة بل من فوضه ليقوم بأعمال المسيح
ثالثا : يقوم الكهنة في الكنائس بتقديم الخمر وليس النبيذ ويقولون للرعية اشربوا هذا هو دم المسيح المسفوح للعهد الجديد لغفران الخطايا مخالفين وصية الرب الإله ومسكرا لا تشرب . فهل من أجل تكفير الخطايا نرتكب الخطايا .
أليس من يقوم بهذا العمل الآن هو إنسان خاطئ في حاجة لأن يتبرر ويتعمد ويعلن ضعف حيلته ويتوب إلى الله .
رابعا : إن ما كان يقصده المسيح من تقديم الخبز والنبيذ لتلاميذه أن يكون ذلك عهدا للوفاء والولاء للقيم والمبادئ العظيمة التي جاء بها المسيح من عند الله ليضحوا من أجل هذا الأمر ويبذلون كل غال ويبذلون دماءهم رخيصة لظهور هذا الأمر المبارك ويتحملون كل المشقات والصعوبات والعذاب ويتجرعون كأس الشهادة من أجل هذا الأمر الإلهي مثل المسيح تماما الذي قدم روحه للفداء من أجل هذا الأمر المبارك .
إلا أن هذا الأمر تحول إلى أحد مراسم الطقوس الكنسية دون النظر للمعني الرمزي الإشاري مثلما نقول نحن أن أكل الخبز والملح عهدا ورمزا للوفاء وعدم الخيانة .
بل أصبح المفهوم مختلفا بالتركيز علي غفران الخطايا ولأننا كثيرا ما نرتكب الخطايا فزاد تعلق الرعايا بما يكفر الذنوب فارتكبوا الذنوب من أجل تكفير الذنوب وخالفوا وصية الرب الإله مسكرا لا تشرب .
ونسوا أن ذلك كان ميثاقا معنويا للبذل والعطاء والمحافظة علي العهد مع الله .
وإذا كانت الآيات الواضحة الصريحة في الكتاب المقدس تشير إشارة واضحة لا لبس فيها ولا غموض بأن المسيح جاء بقوة إلهية ليقوم اليهود الذين كثيرا ما سجل عليهم الكتاب المقدس أنهم زاغوا عن طريق الرب الإله فلماذا رفضوه وهو البلسم الشافي لكل أمراضهم ؟
لا شك أن في الأمر حكمة إلهية عليا إذ بعد أن كان الأمر الإلهي مقصورا علي اليهود المدللين أبناء الله وأحبائه أراد الرب الإله أن ينتقل الملكوت إلى كل البشرية ويشمل الجنس البشري كله ويصبح جميع المؤمنين أبناء الله وأحبائه كل المؤمنين باسمه .
وينتهي عصر احتكار اليهود للملكوت الإلهي ويصبح مشاعا لجميع المؤمنين في العالم من الجنس البشرى .
الأمر الذي جعل السيد المسيح يقول لتلاميذه اذهبوا إلى جميع الأمم وتلمذوا جميع الأمم .
وهذا جعل المسيحية رسالة عالمية واسعة الانتشار تغطي العالم كله في كل أنحاء الكرة الأرضية وتنتهي فترة تقوقع الإيمان واقتصاره علي فئة محدودة فمن حق كل إنسان مؤمن أن يكون ابنا لله ما دام يفعل مشيئته ويحقق إرادته .
وأصبح المسيح هو أول من أعطي الله علي يديه الطاهرة حق دخول الملكوت الإلهي للبشر أجمعين وفتح أبواب الرحمة الإلهية لتشمل البشرية كلها .
لهذا كان التواصل الروحي بين الإنسان والله في صورة رسائل تسمي الكتب المقدسة نزلت بالوحي الإلهي من الله علي مظاهر النور الإلهي المطهرة الذين اختارهم الله لنفسه لتبليغ أمره للبشر ولكل زمن رسول ورسالة تتواكب بالضرورة مع روح كل عصر وتتواصل هطول الرحمة الإلهية في كل العصور والأزمان لكل البشر وتنمو خميرة الإيمان وتغطي البشرية أجمع .
لهذا شعر اليهود بالانزعاج من ظهور السيد المسيح لأن ظهوره هو نهاية الكرمة اليهودية بل إخراج اليهود من الكرمة ليحل محلهم آخرين متعطشين لنور الإيمان ولو إلى حين .
ثم أن كهنة اليهود أين يبيعون بضاعتهم ؟ ولمن ؟ بعد ظهور السيد المسيح بالماء الروحي النقي الجديد الذي من شربه تكتب له الحياة الأبدية ومن شرب من رحيق الإنجيل لا يظمأ أبدا ويضمن مكانا آمنا في جنة الفردوس في الملكوت الإلهي .
أما الماء الروحي الذي يروجه كهنة اليهود من كثرة الاجتهادات البشرية وإضافة التصورات الشخصية والتفسيرات الخاطئة وتعطيل بعض أحكام التوراة بحجة التواكب مع الظروف الاجتماعية والسياسية علي مدار التاريخ بفتوى من الكهنة .
بل أصبحت هذه الهرطقات المرضية جزء لا يتجزأ من عقيدة الإنسان اليهودي فأصابت الماء الروحي لليهود بالعكارة والتلوث .
ومن رحمة الله أن يدركهم بمن يقدم لهم ماءا روحيا نقيا جديدا ويخلص العقيدة اليهودية من الشوائب ولكنهم لم يدركوا ولم يؤمنوا بل وصل الأمر لمحاكمة المسيح وسالت دمائه الزكية قربانا للعهد الجديد وانشق هيكل العقيدة اليهودية بعد المخاض وتفتق عن قيامة جديدة وإعلان الفجر الجديد أضاء نوره للبشرية كلها . وظلت تعمل روح المسيح حتى تمكن الأمر الإلهي الجديد من النمو والازدهار حتى أصبح له السيادة في كل أنحاء المعمورة
وقد حرض كهنة اليهود المنغلقين روحيا ذوي العقول الجامدة الحاكم الروماني المستنير لقتله الذي دعاه وناقشه ثم قال لهم لا أجد فيه علة تستوجب حكم القتل وطلب ماء وغسل يده تعبيرا عن إيمانه ببراءة المسيح من التهم الملفقة ضده ثم قال لهم خذوه أنتم وحاكموه حسب ناموسكم أما أنا فلا أجد فيه عله .
وقد رأت زوجة الحاكم رؤية في المنام بخصوص براءة المسيح وقالت لزوجها إياك وهذا البار رجل الله وشهد له الكثيرين في حياته وبعد موته .
وقد أفتي كهنة اليهود بقتل المسيح لأنه يهدد مصالحهم المادية الدنيوية ويؤثر علي مكانتهم الاجتماعية بين الرعية فقد كانوا يأكلون أموال اليتامى والأرامل ويمشون في الأسواق ويقول لهم الناس سيدي سيدي ويجلسون في المتكأ الأول في الولائم والأفراح وتمتلئ كروشهم .
الذين يدعون إلى الله لا يسألون الناس أجرا لأن أجرهم علي الله فلماذا لا يقاومون المسيح إذن ويرفضوه ويحرضون عليه ويصلبوه ويقتلوه بالرغم من وجود البشارات الدالة الصريحة علي ظهوره في الكتاب المقدس الذي بين أيديهم .
وهكذا كان حال كهنة كل العصور والأزمان باستثناء كهنة فرعون كانوا أكثر نقاء واستعدادا للإيمان إذ شعروا أن ما جاء به موسى هو الحق من عند الله وأن ما يقولوه ويصوروه للناس وما يقوله الفرعون هو الباطل فسجلوا اعترافهم في المناظرة التي تمت بينهم وبين موسى النبي العظيم وأعلنوا إيمانهم بما جاء به موسى بشجاعة أدبية منقطعة النظير دون اعتبار لسلطة الفرعون وجبروته أو مصالحهم المادية ومكانتهم في المجتمع بين الرعية وهذا دليلا علي الرقي الروحي والتحضر للمصريين القدماء وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه في قلبه علي خوف من فرعون ولكنه شهد للحق كما سجل القرءان هذه الشهادة .
أتقتلون رجلا يقول ربي الله . مستنكرا ما أشار به بعض حاشية فرعون وتحريضهم بقتل موسى حتى ينتهي أمر دعوته التي تؤثر علي وضع الفرعون بين المصريين بعد إذ تسربت أنباء رسالة موسى وآيات التوراة فقد كانت خميرة الإيمان موجودة بالفعل بين قلوب وعقول المصريين الذي ظهر بينهم النبي إدريس وأخنوخ .وقد كان موقف فرعون من موسى هو موقف كهنة اليهود من المسيح إلا أن فرعون لم يقتل موسى عكس ما فعل اليهود بالمسيح الذين حاكموه بتهمة التجديف علي الذات الإلهية وتفلوا عليه وصلبوه وقتلوه وقالوا في حقه وأمه الطاهرة فحشا من القول أستغفر الله .
مع أن الحكمة كانت تتبرر من بين شفتيه الطاهرة وقد كان البلسم الشافي لكل أمراضهم .
فقد كان فرعون أكثر تحضرا من كهنة اليهود بعدم تنفيذ فكرة قتل موسى بل قام بإعداد مناظرة بينه وبين الكهنة المذكورين في القران بلفظ السحرة الذين كانوا يسحرون عقول الناس بأفكارهم العاطلة الباطلة ويخرجوهم من حظيرة الإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد بل جعلوهم يعبدون الأوثان ثم الفرعون ودبجوا الأساطير من عهد إيزيس وأوزوريس إلى أن جاءهم موسى النبي العظيم ففهموا أن ما يقوله هو الحق من عند الله .
الشيء الوحيد الذي يجمع فرعون وكهنة اليهود من موسى والمسيح هو النظرة الأنانية المادية الضيقة خوفا علي مكاسبهم ومكانتهم الاجتماعية بين الرعية لهذا رفضت عقولهم النور الجديد الذي من الله إلا أن فرعون سجل اعترافه في النهاية بأن ما يقوله موسى هو الحق وأن رب موسى لا إله إلا هو إلا أن السماء كانت قد أغلقت ولم يقبل الله اعتراف الفرعون .
كهنة اليهود سيطرت عليهم المصالح المادية الضيقة بأنانيتهم المفرطة فحرموا أنفسهم وضلوا وأضلوا الناس زمنا طويلا وارتكبوا ذنبا عظيما يؤدي لوضعهم في المزبلة التاريخية والظلمة الخارجية حيث يكون البكاء وصرير الأسنان وحل عليهم العقاب الإلهي بالطرد والتشريد والتيه والذل والعبودية عقابا لقتل المسيح ورفضه .
وفعلا قام صاحب الكرم الذي هو الله بطرد هؤلاء الكرامين الأردياء المقصود بهم اليهود علي يد كرامين آخرين والمقصود بهم العرب الذين احتلوا الكرم الإسرائيلي ولم يتركوا في أورشليم حجرا علي حجر حتى اختفت تماما آثار حضارة العبرانيين التي لا وجود لها الآن بينما آثار حضارة المصريين القدماء موجودة في جميع متاحف العالم تحكي قصة مجدهم وتسبب انبهار ودهشة أهل الغرب المفتونين بحضارتهم الحديثة ليعرفوا فضل الحضارة المصرية القديمة علي التراث الحضاري الإنساني علي مر العصور والأزمان .
وقد ذكرت هذه النبوءة كل الأناجيل وبعد أن تنبأ السيد المسيح هذه النبوءة وعرف اليهود أنه يقصدهم ورأي الشر في عيونهم مضي وانصرف إلى الجبل بعيدا عنهم .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com