ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الشاطر: الجماعة تنبذ العنف.. وغير متورطين في اغتيال السادات

الوطن | 2015-07-29 13:35:34

حمل الكتاب الفرنسى الذى صدر مؤخراً فى الأسواق الأوروبية عنوان: «الإخوان المسلمون: تحقيق حول الأيديولوجية الشمولية الأخيرة». فبالنسبة لمؤلف الكتاب الفرنسى «مايكل بارازان»، لا يوجد فارق كبير بين الإخوان، وبين أى نظام حاكم شمولى لا يسمح بالمعارضة ولا بالحرية ولا بالتقاط الأنفاس. كان الكتاب محاولة جادة وحقيقية لتعقب الجذور الفكرية للجماعة وتأثيراتها على تحركات تنظيمها الدولى حول العالم حالياً. ومن قلب مكاتب قيادات تنظيمها الدولى ومكتب إرشادها نجح «بارازان» فيما كان يسعى إليه، وقدم لقارئه رؤية تمتد من جذور الجماعة لفروعها، فى توقيت وصلت فيه إلى ذروة قوتها، وبدت فيه أنها على شفا تحقيق كل ما كانت تحلم به منذ تأسيسها منذ عقود.

ويواصل «بارازان»: بدأ لقائى بخيرت الشاطر بعد انتهائه من أداء صلاة الظهر. دعانى إلى مكتبه ليروى لى سيرته السياسية. قال لى: بدأت خطواتى الأولى خلال حكم «عبدالناصر»، بانضمامى إلى الحركة الاشتراكية. فى عام ١٩٦٦ التحقت بمنظمة الشباب الاشتراكى التى كانت وقتها تحت إشراف الدولة. لقد وعد «عبدالناصر» الناس ببناء دولة قوية، حديثة، ولديها اكتفاء ذاتى، إلا أن هزيمة ١٩٦٧ أثبتت أن الدولة غير قادرة على الحفاظ على هذا التعهد. كان هذا هو ما قادنى من الناحية الفكرية والأيديولوجية إلى التيار الإسلامى. اكتشفت جماعة الإخوان وتطلعاتهم بإعادة بعث البلاد على أسس وقواعد إسلامية. درست أفكارهم وأساليبهم. وظللت من وقتها مخلصاً لتلك الأفكار، الأمر الذى سبب لى مضايقات كثيرة تحت حكم «مبارك».

وتابع «الشاطر»: «عندما أنهيت دراستى الجامعية فى ١٩٧٤، ذهبت لتدريس الهندسة فى جامعة المنصورة، وانضممت للجماعة فى نفس العام. منذ بداياتى فى عالم السياسة وأنا أطارد حلماً بمصر حديثة على المستويين الاجتماعى والاقتصادى، تمنح الحرية والعدالة والكرامة لكل مواطنيها على حد سواء أياً كان انتماؤهم الدينى أو العرقى. مصر القوية فى مجالات الصناعة والزراعة والاقتصاد. كنت أتصور فى البداية أنه من الممكن الوصول إلى ذلك من خلال الاشتراكية. لكن، ومنذ عام ١٩٦٧، رأيت أنه من أجل بناء تلك الدولة، لا بد من العودة لقاعدة إسلامية. لقد طور الفرنسيون بلادهم بالاعتماد على الرأسمالية والليبرالية، واتجه السوفيت ودول أوروبا الشرقية فى القرن العشرين للاعتماد على الشيوعية والاشتراكية، ونحن اليوم هنا نحلم بدولة تقوم على أسس الإسلام».

ويواصل «بارازان»: هنا قررت أن أثير معه مسألة لجوء الجماعة لاستخدام العنف، وهى السمة التى ميزت الجماعة منذ نشأتها، وصارت سياسة تتبعها الفروع الدولية لها مثل حركة «حماس» فى غزة، إلا أن «الشاطر» رفض سؤالى بإشارة من يده مؤكداً أن «الجماعة تنبذ العنف، وأن الإخوان تبنوا منهجاً سلمياً للتأثير فى مجريات الأمور، كما أننا ننخرط فى إعادة تشكيل البلاد فى ضوء فهمنا للإسلام. يمكننا أن نناقش، أن نضغط، أن نشارك فى الانتخابات، أن ننظم مظاهرات سلمية، إلا أننا نرفض بشكل حازم اللجوء للعنف بكل أشكاله. ومن الخطأ القول إننا كنا نشجع عليه فى أى فترة من تاريخنا، هذه لم تكن الحالة أبداً لا فى الماضى ولا الآن، ولن يكون الأمر كذلك أبداً فى المستقبل، لسبب بسيط، هو أن مثل هذا السلوك سوف يتعارض مع فهمنا للإسلام.

ويضيف المؤلف: سألته عن تورط الجماعة فى اغتيال «السادات»، إلا أن نائب المرشد العام بدا أكثر حزماً فى إجابته، أكثر من كونه منطقياً فى رده. ردد أن الجماعة غير متورطة فى الاغتيال لأن كثيراً من كوادرها هربوا منها إلى السعودية كما فعل هو نفسه. كما أن قرار الدولة بإلقاء القبض على عناصر الإخوان الذين ظلوا داخل البلاد هو أمر يرجع لحالة الطوارئ التى كانت مفروضة فيها، وأضاف «الشاطر»: حتى لو كانت لدينا تحفظات مشروعة على سياسة «السادات»، فنحن لم نشارك فى عملية اغتياله. وعندما تم اغتياله على يد جماعة الجهاد فى ١٩٨١، كنت ساعتها فى المملكة العربية السعودية أؤدى فريضة الحج مع أسرتى. وعلمت هناك أن مجموعة من رجال الشرطة ذهبوا إلى منزلى لإلقاء القبض علىّ. فى النظم الديكتاتورية، مثل مصر، ومع كل عملية انتقال للسلطة، يتم إلقاء القبض بشكل منهجى ودورى على أعداد تتراوح ما بين ٢٠ ألفاً إلى ٣٠ ألف ناشط سياسى ويتم إلقاؤهم فى السجون حتى يتم استقرار الوضع. كان الإخوان ضحايا دائمين لهذه الممارسات، لم تكن هناك تهم موجهة ضدنا، ولم تتم محاكمتنا، كان ذلك إجراءً أمنياً احترازياً فرضته حالة الطوارئ. وفى ذلك السياق، رأيت أنه من الأفضل ألا أعود إلى مصر، فبقيت لعدة أشهر فى المملكة العربية السعودية، ثم فى الأردن، وقضيت بعدها ما يقرب من العام فى اليمن. كنت أتنقل بشكل دائم لكى أتمكن من العمل لرعاية أسرتى، وبعدها بفترة قصيرة، أتيحت لى الفرصة لكى أعد رسالة الدكتوراه الخاصة بى فى المملكة المتحدة، وعدت إلى مصر فى نهايات عام ١٩٨٦ وبداية ١٩٨٧. كان «مبارك» قد أصبح رئيساً منذ عدة أعوام وقتها، واستعدت وقتها عملى فى مجال الأعمال ونشاطى السياسى.

ويقول المؤلف: وصلت عند هذه النقطة لسؤاله عن التوسع الذى شهدته الجماعة فى سنواتها الأخيرة، خاصة ما يتعلق بفروع التنظيم الدولى لها: إلى أى مدى يصل اعتماد الفروع الدولية لتنظيم الإخوان على الجماعة الأم فى مصر؟ من الذى يحدد السياسات؟ ومن الذى يرسم الخط الذى يسير عليه الإخوان خارج مصر؟ قلت له: «يقال إن مكتب الإرشاد هو الذى يوجه التعليمات أو على الأقل هو الذى يحدد المسار السياسى لفروع جماعة الإخوان فيما يقرب من ٨٠ دولة، هل هذا صحيح؟». رد «الشاطر» بهدوء: «إن رؤية جماعة الإخوان موجودة فى عشرات الدول، وحتى لو كان هناك رابط فكرى وأيديولوجى يجمع بيننا، إلا أنه لا يوجد أى رابط تنظيمى يجمعنا. هناك إطار عام، نموذج أيديولوجى، لكن كل جماعة تقوم بتطبيقه فى بلدها بطريقتها. هذا لا يعنى أن الإخوان فى فرنسا أو فى أوروبا سوف يسعون لإقامة نظم حكم إسلامية فى بلادهم. كل ما يطمحون إليه هو الحرص على أن تحافظ الأقليات الإسلامية على هويتها الدينية فى تلك الدول. إن مهمتهم تختلف تماماً عن مهمة الإخوان فى مصر. إننى أعيد تكرار الأمر حتى لا يكون هناك أى لبس: عندما يكون الإخوان نشطين فى دولة ما يمثل المسلمون أقلية فيها، فإن هدفهم يقتصر على حماية حقوقهم. إن المشهد السياسى يتغير فى دول أخرى، لكننا نحن كإخوان مصر، لا نملك أى حق فى لعب دور فى الحياة السياسية لديهم، ولا فى اختيار وتعيين ممثليهم. إنها قاعدة ذهبية لدينا، والواقع أن هناك تشابهاً كبيراً بيننا وبين حركة الاشتراكية الدولية فى أوروبا. صحيح أن هناك تقارباً إنسانياً وأيديولوجياً بين الحركات التى تعلن انتماءها للإخوان، لكن على المستوى التنظيمى والإدارى، لكل منها استقلاليتها التامة».

انتهى كلام «الشاطر» ليبدأ رد المؤلف الفرنسى عليه فى تلك النقطة. قال: علمت جانباً آخر من الأمر من جهادى تائب كان ينتمى لتنظيم القاعدة اسمه «نعمان بن عتمان»، التقيت به فى لندن. ووفقاً لنعمان، فإن تنظيم الإخوان يتميز بالمركزية الشديدة، وخلال الأعوام العشرة التى كان ينتمى فيها «بن عتمان» للمنظمة الجهادية، التقى بعدة ممثلين للجماعة فى الخارج. وهو يؤكد أنه لا يوجد قرار يتم اتخاذه، ولا تعيين يتم إقراره فى أى فرع للتنظيم الدولى فى الخارج بغير الحصول على الضوء الأخضر بالموافقة من مكتب الإرشاد فى مصر. ويواصل الجهادى التائب: «حتى اليوم، لا يعترف الإخوان رسمياً بوجود تنظيمهم على المستوى الدولى. هم ينكرون فكرة وجود تنظيمات مرتبطة بهم فى العراق وتونس والمغرب وحتى فى مصر نفسها. ويرددون دائماً: هذا أمر غير موجود! هذا مجرد اختلاق!، لكننا نعلم جميعاً على وجه اليقين أن ذلك أمر حقيقى وموجود». ويتابع المؤلف: وللتأكيد على وجهة نظره، أخبرنى نعمان بن عتمان أنه بين عامى ١٩٩٢ و١٩٩٦، عندما كان كل من أسامة بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، ونائبه أيمن الظواهرى، فى السودان تحت حماية الإخوانى القوى «حسن الترابى»، أثار ذلك الأخير علناً مسألة الهيمنة المصرية على مكتب الإرشاد. لقد كان «الترابى» معارضاً لفكرة مكتب الإرشاد الكامن فى القاهرة والذى يتولى مهمة إدارة شئون الإخوان فى العالم كله، وكان يسخر باستمرار من كون منصب المرشد العام منذ أن وجد محفوظاً للمصريين وحدهم، قائلاً: «هذا أمر ليس له معنى! لماذا لا بد أن يكون المرشد العام دائماً مصرياً؟ تخيل لو كان أحد أعضاء الإخوان عبقرياً حقيقياً لكنه يحمل الجنسية الكويتية مثلاً، لماذا لا يتم ترشيحه ليصبح على رأس الإخوان، لماذا يتم حرمانه من هذه الفرصة؟».

ويذكر «بن عتمان» أن خلافاً وجدلاً أثير فى هذه الفترة حول مسألة الخلافة. فمن المفترض وفقاً لحديث صحيح أن يكون زعيم أى خلافة مفترضة بعد أن يتم إعادة إقامتها، رجلاً ينتمى إلى قبيلة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهى قبيلة «قريش»، واتهم «الترابى» إخوان مصر بأنهم يريدون أن يكون منهم خليفة فوق أو بدلاً من الخليفة الشرعى. قال لهم «الترابى» لو أنكم رجعتم إلى هذا الحديث لاعترفتم أن قبيلة الخليفة هى من مكة وليست من مصر. لقد كان «الترابى» بطبيعته غير قابل للسيطرة عليه. كان مفكراً قبل أى شىء، ولو أنه كف عن التفكير لصار له شأن آخر، لكنه كان بحاجة دائمة لحريته، لذلك كان من الصعب تصغيره ليلائم حجم الكوادر التى يفضلها الإخوان، وهى الكوادر التى تتبع قواعد صارمة، وتلتزم ببرنامج لا بد من تطبيقه حرفياً. وتكررت هذه الخلافات بين إخوان مصر وإخوان رافضين لسيطرتهم عليهم فى دول أخرى فى أكثر من بلد.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com