استرعى نظرى فى هذه الجولة أن الرئيس زار فيها أصغر دولة فى العالم كما زار أيضاً أكبر دولة فى العالم.
أما أصغر دولة فى العالم فهى «سنغافورة» التى أسس نهضتها الرجل العظيم «مهاتير محمد» والتى لا يزيد عمرها كدولة على نصف قرن إلا قليلاً، حيث بدأت كدولة مستقلة فى عام 1963 وهو العام الذى انضمت فيه إلى هيئة الأمم.
ولا يزيد سكان سنغافورة على خمسة ملايين نسمة منهم كثير من الوافدين من الدول الآسيوية المجاورة.
وهذه الدولة التى تعد أصغر دولة فى العالم والتى يطلق عليها الدولة «الميناء» أو الدولة «المدينة» هذه الدولة الصغيرة بلغ ناتجها القومى الإجمالى فى العام الماضى (2014) مبلغ 308 مليارات دولار والذى يدعو إلى الدهشة حقاً أن هذا الناتج لأصغر دولة فى العالم يزيد على الناتج القومى لدولة عريقة بلغ تعداد سكانها قرابة تسعين مليون نسمة اسمها مصر يزيد هذا الناتج الإجمالى لسنغافورة عن مصر بما يعادل 10% من الناتج المصرى. هكذا الدول التى تأخذ أمورها بجد وبصرامة وإيمان عميق بسيادة القانون.
زرت جزيرة سنغافورة منذ عدة سنوات وأدهشتنا نظافتها التى لم أر مثلها فى كثير من بلاد العالم التى زرتها فى الغرب والشرق.
ولما كانت سنغافورة بلدا تتعدد فيه الأديان ففيه المسلم والبوذى والمسيحى فقد أنشئ فيه مركز يسمى «مركز الوئام الدينى» الذى من أهدافه إحداث نوع من التقارب بين الأديان وتعزيز الحوار بين مختلف الأديان والمعتقدات من أجل تحقيق المحبة والتعايش السلمى بين الطوائف.
وقد أحسن السيد الرئيس بأن افتتح زيارته لسنغافورة بزيارة هذا المركز الذى تحدث قادته عن فضل الأزهر على الإسلام السنى الوسطى وعن أن كثيراً من الطلبة السنغافوريين يدرسون فى جامعة الأزهر ويعودون إلى بلادهم للعمل أساساً فى مهنة التدريس.
كذلك فإن من أهم أهداف زيارة الرئيس لهذا البلد الناهض الصغير زيارة محطات توليد المياه ومحطات توليد الكهرباء ودعوتها للمشاركة فى المشروعات التى نتطلع إلى إقامتها فى منطقة قناة السويس.
ولعل وجود الفريق مميش ضمن كبار الوفد المصرى يدل دلالة خاصة على مدى الاهتمام بدراسة ميناء سنغافورة الذى هو أكبر مميز لها ومحاولة الاستفادة من تنظيمه وطريقة سير العمل فيه مما جعل هذا الميناء فى هذا البلد الصغير من أكبر وأحدث موانئ العالم ومن أكثرها خدمة للملاحة العالمية.
والفضل فى ذلك كله يرجع إلى القيادات المؤمنة ببلدها، وإلى المواطن العادى الذى لا يتخلف قط عن العمل المنظم الجاد.
حياك الله ياسنغافورة.
وبعد أصغر دولة فى العالم يزور الرئيس أكبر دولة فى العالم ألا وهى العملاق الآسيوى الصينى العظيم.
ومصر تبنى علاقاتها مع دول العالم المختلفة على رغبة هذه الدول فى إقامة علاقات شراكة بين متساوين حتى وإن اختلفت الإمكانيات الاقتصادية اختلافاً كبيراً نحن ندرك حجم الصين وحجم روسيا ونحن لا نعادى أحداً حتى الولايات المتحدة رغم كل ما بدر منها فى حق مصر.
ونعود إلى زيارة العملاق الصينى والرغبة فى إقامة علاقات استراتيجية بين البلدين وإبرام اتفاقيات لزيادة الاستثمارات الصينية فى مصر واعتبار مصر هى بوابة الصين نحو منطقة أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط بصفة عامة. والصين لها فى مصر حالياً عديد من المشروعات وكثير من الاستثمارات ولكن نحن فى حاجة إلى تمويل العديد من الصناعات المتوسطة والصغيرة وهو ما أتقنته الصين وهى تبنى نهضتها بعد أن تخلصت من حروب الأفيون وتخلصت من كثير من الآفات.
لقد زرت الصين أكثر من مرة وشدنى الدقة فى تنظيم كل شىء، بدءاً من الطعام على الموائد التى تدور بالأطباق العديدة التى تتفق مع كل الأذواق فى العالم الذى يزور الصين.
وإلى جوار خبرة الصناعات المتوسطة والصغيرة والتى قدمت الصين من أجلها مائة مليون دولار قرضا من بنك التنمية الصينى إلى البنك الأهلى المصرى.
وتهتم زيارة الرئيس أيضاً بتنمية العلاقات فى مجالات الكهرباء والاتصالات كل ذلك بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات الصينية فى مصر.
وأذكر أننى قابلت ذات مرة أحد المسؤولين الصينيين وسألنى ماذا تريدون من الصين فقلت له جاداً ومازحاً فى الوقت نفسه «خمسين مليون سائح فى العام» ولا يستكثر ذلك على الشعب الصينى أكبر شعوب الأرض.
رئيس الجمهورية يبذل جهداً خارقاً من أجل وضع مصر على خريطة العالم. ولكن ذلك الجهد لا يكفى، لابد أن نحمل جميعاً هذا البلد الطيب- مصر العزيزة- على أكتافنا ونخطو به إلى الأمام.
إن المسؤولية علينا جميعاً وليست على الرئيس عبدالفتاح السيسى وحده ولا على رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب وأعضاء مجلس الوزراء الذين أشرف بمعرفة العديد منهم وأعلم مدى ما يبذلونه من جهد من أجل بلدهم.
مصر تستحق منا جميعاً كل البذل وكل العطاء.
وسأظل أذكر دائماً قول الشاعر:
يا مصر أنت بذرتنى ونميتنى.. فلمن سواك جناى بعد نمائى
لقد أعطتنا مصر كل شىء. وعلينا أن نبادلها عطاءً بعطاء.
والله المستعان.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com