ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

علموهم التحضر: لا تحرقوا القرآن

د. صبري فوزي جوهرة | 2010-09-09 11:32:38

بقلم : صبري جوهرة 
دعى احد "رعاة" كنيسة بولاية فلوريدا الامريكية الى ما يشبه مظاهرة فى الذكرى التاسعة " لغزوة مانهاتان" (و البنتاجون) يقوم فيها المشاركون بحرق القرآن. و قد اعرب عن اصراره على القيام بهذا العمل رغم اعتراض الكثيرين فى الولايات المتحدة من رجال الدين المسيحى و اليهودى و قائد القوات الامريكية فى افغانستان الى جانب البعض غير القليل من عامة الشعب الامريكى.
و بالرغم مما فى القرآن من نصوص عنصرية وعدوانية و متضادة و متعارضة و خلوه من اى فكر جديد نافع  يخطو  بالانسانية الى ما هو افضل  بل كثيرا ما يحرض على الانتكاس فى مواضع عديدة منه.  الا ان حرق القرآن,او اى كتاب آخر, مهما تهاوت قيمته او انعدمت فوائده او جنحت افكاره عن الحقيقة اوالاسس و المبادىء المتعارف عليها  فى مجالات الفكر او الاخلاق اوالسياسة, لا يمثل مثل هذا الفعل, حرق الكتب, القيم الانسانية و الحضارية و المنطقية التى تقوم عليها دعائم الحضارة العالمية المعاصرة.
الفكر,بصرف النظر عن مدى شذوذه و خطورته, لا يحارب بافعال عدوانية متهورة خاوية شكلا و موضوعا, بل يقارع بفكر آخر يظهر عجزه و نقائصه.
تعود و ترتد  استجابات ردود الفعل الانعكاسية على ما هو فاسد او شرير بالاضرار الى فاعلها, و تودى به الى الهبوط الى مدارج من ينتقد و ما لا يقبل. بل ان الامر الاكثر خطورة يكمن فى الاستسلام للشر و محاكاته ثم الاعتياد على قبوله و ممارسته.
و اذا عدنا بالذكرى و الذاكرة الى التاريخ نجد ان النازى بعد ان اشتد عودهم فى المانيا و قبل اشتعال نيران الحرب العالمية الثانية,  قاموا  ذات مساء بحرق الكتب المعارضة لهم, او ما شبه لهم انها كذلك, فى ميدان عام مواجه لجامعة برلين العتيدة التى ضمت بين جدرانها ذات يوم امثال اينشتاين و بلانك.  لم يمنع ذلك انهياردولتهم المدوى و ان جاء بعد سفك دماء غزيرة و عناء و فناء الملايين من البشر.
قد تعزى الدعوة الى حرق القرآن الى رغبة فى الوقوف فى مواجهة التحدى الاسلامى المتكرر للولايات المتحدة و الذى لم يبدأ و لم يقتصر على "غزوة مانهاتان" فى الحادى عشر من سبتمبر من عام 2001. ذلك العمل الارهابى المشين الذى اقترفه مسلمون مجرمون قادمون من الخارج (المملكة السعودية و مصر), ثم تكرر و امتد الى ممارسات بعض من عاش منهم  بين ظهرانى الشعب الامريكى و افادوا من قبوله لهم مثل المتهم فى حادث التايم سكوير و قاتل فورت هود الشهير الذى ائتمن على الدفاع عن الولايات المتحدة. هذا الى جانب العديد من المؤامرات و المحاولات الفاشلة الاخرى التى افتضح امرها قبل ان تقع اضرارها.
ربما ظن منظمى مظاهرة حرق القرآن ان مقابلة هذه الجرائم بما يظهر لمرتكبيها فشلهم فى ارهاب الشعب الامريكى ربما يثنيهم عن استمرارهم فى التآمر و الارهاب و العدوان.  فصمود الشعب الامريكى فى وجه الارهاب حقيقة واقعة, فلم يختبء احد منهم فى جحور ذعرا من "المجاهدين فى سبيل الله و من اجل رفعة الاسلام" و لن يفعلوا. و لكن الخطر الاكبر على الولايات المتحدة لا يكمن فى ارهاب او وقعه, انما  فى تغاضى شعبها و تناسيه و استعداده للتجاوز عن الاسس و المثل التى قامت عليها هذه الجمهورية استجابة انعكاسية غير مدروسة للارهاب و نتائجه, ذلك  بدلا من التمسك بمبدأ الحرية للجميع فى حدود القانون و  الدفاع عن كرامة و حقوق كل انسان يحيا على ارضها.

لتكن الاستجابة للافكار الفاسدة بنشرها و التعريف بمحتواها و نتائجها و مخاطرها لمن يجهلها او من يقلل من شان وقعها الهدام بعقلانية مدروسة و بامانة و شجاعة واجبة و ليس بالتمثل باتباعها من الغوغاء و الدهماء الذين يحرقون الكتب و غيرها مما يقابلون فهم ليسوا بخير الناس كما يحلو لهم ان يدعون.
يجب علينا الحفاظ على سلامة و حرية و حقوق مسلمى هذه البلاد العظيمة بصرف النظر عن معتقداتهم طالما ابقوا هذه المعتقدات فى دواخلهم دون تفعيلها لاحداث ضرر للغير او نشر الارهاب بينهم. و لعلهم بتمتعهم بالعدالة و الحرية و الفكر المستنير يتمثلون و يصبحون نبراسا تقتدى به سائر امتهم فى مواطن الاسلام البعيدة حيث يرزح ابناء عقيدتهم فى ظلمات النرجسية والعنصرية والعدوانية و الجهل و التأخر.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com